محمد محمود غدية - أحلام شتائية الطقوس

تهشمت روحها وانكسر زجاج القلب، وهى تسمع لقصص الحب الفاشلة من صديقاتها، والتي تقرأها فى الروايات، وتشاهدها فى الأفلام، أغلبها ذات نهايات غاطسة فى السواد، فقررت أن تطفيء مصباح الحب، بعد أن هشمته بكرسي فى الكلوب، لتعيش فقط من أجل نفسها، لا من أجل آخر يطمع فى ثروتها وشقتها الفاخرة تحت مسمى الحب،
تفرغت لإدارة معرض السيارات الذي ورثته عن والدها، إتجهت الى المرآة، لترى امرأة آخرى لا تعرفها، وقد شارف الجمال على الرحيل الا قليلا، امرأة تجاوزت العقد الرابع،
طفرت من عينيها الدموع، حين تذكرت زميل الكلية الذي كان يأتيها كل صباح، بزهرة فواحة العطر والجمال، كيف أجهزت على حلمه بالزواج منها، رفضته ومزقت قلبه، حتى حولته الى مايشبه نشارة الخشب، دون التخلي عن شعارها الذي تردده مع نفسها كل يوم، لا تنزلق ..
لا تندفع .. لا تغرق،
أصبحت مثل جزيرة بعيدة غير مكتشفة، تذبل لكن بشموخ، وتتجرع المرارة بترفع،
لم تستمع لنصائح الآخرين، ينبغي أن يحبك قلب واحد كي تعيش، الإنسان دون حب مثل نبات دون ماء، ووردة دون رائحة، أوصدت قلبها، عن أنبل العواطف الإنسانية، لايشغلها سوى أرصدتها التى تتضاعف كل يوم عن اليوم الذي قبله، لم تكتفي بتجارة السيارات، بل اتجهت الى مضاربات البورصة والذهب، ونجحت فى السباحة وسط الأمواج المتلاطمة الصاخبة،
فقط كان هناك إحباط معتم، يزحف وئيدا وئيدا ويتمدد لإكتساح الروح الموشكة على الغروب، حين إجتاحتها رعشة الخوف من الغد، وجفاف الأشياء والبشر من حولها، تعيش الوحدة، بعد طردها للشغالة والمربية التى كانت تقيم مع أسرتها حتى رحيل والدها ، مخافة الطمع فى سرقتها وقتلها،
تردد مع نفسها وأعوامها الخمسين :
لماذا يعجز الحزن عن الرحيل ؟
وهى من زرعته فى حدائق أيامها، بدلا من الورود !
فشلت فى زحرحة الهم الذي يسكنها، بعد أن بات لصيقا بها، مثلما ثبتت فى الراحتين الأصابع،
تحتسي فنجان قهوتها المرة التي إعتادتها كل صباح،
من يد المشرف على المعرض،
الذي ترميه بسوء الظن اذا قال لها : صباح الخير،
وهكذا الحال فى كل من حولها،
حتى الدمع شح منها، عندما غلبها الحزن، وبخل عند الطلب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى