المقاهي رفاعة الطهطاوي يصف مقهى باريسيا في النصف الاول من القرن التاسع عشر!... في كتاب (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)

(... وكان أول ما وقع عليه بصرنا من التحف، قهوة عظيمة، دخلناها، فرأيناها عجيبة الشكل والترتيب، والقهوجية امرأة جالسة على صفة عظيمة، وقدامها دواة وريش وقائمة، وفي قاعة بعيدة عن الناس محل لعمل القهوة، وبني محل جلوس الناس ومحل القهوة صبيان القهوة، ومحل الجلوس للناس مرصوص بالكراسي المكسوة بالمشجرات وبالطاولات المصنوعة من الخشب الكابلي الجيد، وكل طاولة مفروشة بحجر من الرخام الأسود أو المنقوشة، وفي هذه القهوة يباع سائر أنواع الشراب والفطورات، فإذا طلب الإنسان شيئًا طلبه الصبيان من القهوجية، وهي تأمر بإحضاره له، وتكتبه في دفترها، وتقطع به ورقة صغرية فيها الثمن، وتبعثها مع الصبي للطالب، حين يريد الدفع، والعادة أن الإنسان إذا شرب القهوة أحضر له معها السكر، ليخلطه فيها ويذيبه، ويشربه، ففعلنا ذلك كعادتهم. وفنجان القهوة عندهم كبير نحو أربعة فناجني من فناجين مصر. وبالجملة فهو قدح لا فنجان، وبهذه القهوة أوراق الوقائع اليومية لأجل المطالعة فيها، وحين دخولي بهذه القهوة ومكثي بها ظننت أنها قصبة عظيمة نافذة؛ لما أن بها كثيرا من الناس، فإذا بدا جماعة داخلها أو خارجها ظهرت صورهم في كل جوانب الزجاج، ظهر تعددهم مشيا ً او قعود ً او قياما، فيظن أن هذه القهوة طريق، وما عرفت أنها قهوة مسدودة إلا بسبب أني رأيت عدة صورنا في المرآة، فعرفت أن هذا كله بسبب خاصية الزجاج؛ فعادة المرآة عندنا أن تثني صورة الإنسان.).



* منقول عن صفحة عبد الأمير المجر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى