د. جورج سلوم - لا وقت للحب...

لا وقت للحب في الزمن الصعب
فلنرتدع جميعاً، نحن معشر العشّاق والعاشقين
ولنستحِ من خفق القلوب، لأنّ إيقاع النبض صار للحرب والطبول هي نفسها، تلك التي يقرعونها في الأعراس، ها هم يقرعون بها للحرب!
للنفير للتجييش، للتهليل والتهويل، والتهديد والوعيد بالتطبيل والتزمير لموسيقى الحرب والأبواق كلّها للمعركة
ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة
ويا لثارات كليب والزغاريد صارت مجنونة، يهلّلون بها كلما سقط شهيد
كعريسٍ يزفّونه قرباناً لإله الحرب
والعروس بالكفن الأبيض مضرّجاً بالدم كعلامةٍ مشرّفة لفضّ بكارتها بالقذائف الذكيّة والصاروخ الغادر أتى على غير وقته على عاشقينِ متواقتين للحب وعلى رضيعٍ شجّت الشظايا رأسه وحلّ فطامه عن ثدي أمّه بغير وقته ومخاضٍ للولود تحت الأنقاض بتوقيتٍ غير محسوب الوقت الآن ليس للحب
وكان الحبُّ الوقتيّ كقنبلة موقوتة، مزروعة بين اثنين ينتظران انفجارها، ولا يهربان منها، وتتسارع القلوب على وقع تكتكات الموقّت الزمنيّ، فيتماسكان ويلتحمان وهي بينهما، وستنفجر الآن ويتأخر انفجارها لكنها ستنفجر حتماً، إنها مسألة وقت. وعندها ما أحلى انفجارها بينهما، ويحلّ الصمت ويسود الطنين، ويغيبان عن الوعي في نشوة من أنين.
إنها مسألة وقت، وما الحرب إلا صبر ساعة
ونقيض الحب هو الحرب
لا وقت للحب
وكلام العشق للمرأة والغزل العذريّ والصريح، كلّ مفرداته صارت الآن للأرض المخطوفة والحقّ السليب
فلتخجل من نفسك أيها العاشق الساعي للوصال، فوصالك الآن صار بوصولك للحدود، وما بعد الحدود. خلف الأسلاك الشائكة وعبر حقول الألغام، هناك قصر حبيبتك الهيفاء، تنتظرك، محمّلاً، لا بالورد، بل مدجّجاً بالسلاح
لا وقت للحب بعد اجتيازك للحواجز المكهربة والأسوار المراقبَة بآلات التصوير
فالوقت كالعدوّ إن لم تقتله، قتلك
لا وقت للحب أيها العشاق
ودفاتر الحب ودوواينه كلّها ستُلغى
لأن الحبَّ العصريّ صار للمثليين شرعاً وقانوناً
فلتكتب بيتاً أو بيتين عن الشغف بخصيتيه أيها الشاعر
وأنتِ أيتها الشاعرة انظمي شعراً عن نهود محبوبتك
فذاكرة الجسد صارت مثلية وقواعد العشق الأربعون تمّ سحبها من التداول
قفي مكانكِ، لا وقت للحب
حدّدي جنسكِ أولاً، وبعدها قد نتوافق أو لا نتّفق
فأنا لا جنسَ لي، وحائرٌ بين الجنسين
كنت أحبّ الضياع بين النهدين، والآن لا أدري كيف سيتمّ الضياع
بين الإليتين أم الخصيتين أم العينين، المهم أن تضيع بين الشطرين
والأعضاء المفردة لا تنشطر كالقلب واللسان، وكان المرء بأصغريه!
وعندما أعرف ماهيّتي سأفصح عن هويّتي، فأنا أيضاً بلا هويّة، هربت من الحرب باحثاً عن الحب، واحتضنني زورق اللاجئين فوق الأمواج الأخطبوطية الورديّة، وحطّ بيَ الترحال في جزيرة الرجال، كلّها رجال
وكان شعارهم، أن لا وقت للحب، فالوقت الآن للحرب ضدّ جزيرة النساء، كلها نساء
ودقّت ساعة النضال واحتدم الوصال فولدت جزيرة الأطفال
وقالوا لهم أنتم جيل اللاحب
فلم يعد هناك متّسعٌ ولا وقتٌ ولا ميلٌ ولا حيلٌ ..للحب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى