كان نائما في غرفته ببيت العائلة الكبير، بيت المجد والتاريخ والحب، حين خرج مع زوجه لجلب بعض الحاجيات اللازمة لاستقبال سعيد وصفية القادمان لزيارة العائلة من حيفا ، وجد نفسه فجأة مضطرا لمغادرة حي الشيخ جراح إلى نابلس حتى يحضر لخالد الصغير الحلوى المفضلة فيفرح بها وقد جاء مع والديه لزيارة البيت الجميل الهادئ رغم صخب أفراده، وليلعب حول بعض شجيرات الفواكه الراسخة بالبيت منذ سنين لا تعد، وحول نباتات اللافندر والليلك...ويلتقط صورا جديدة أمام شجرة الزهرة المجنونة، لكن صاحبنا النائم صدم عند عودته باستيلاء جيش الاحتلال الصهيوني على بيوت الشيخ جراح، وطرد أهلها خارجا، خطر بباله خلدون، ووجد نفسه يعيش نكبة 1948، فبكى كثيرا، بكى حتى ارتوت غزة، بكى عشرين عاما، بكى ثلاثا وسبعين عاما... ثم وقف أمامه خلدون وهو يحمل بندقية أمام وجهه، ينادي عليه واحد من عسكر جيش الاحتلال؛ " دوف ؛ القوة أن تطلق النار على المتعنتين، سمعت الطلقة .. اهتزت لها كل البلاد العربية، وأفاق صاحبنا وقد تصبب عرقا، كان يتأكد من أنه وبيته وكل أهله بخير... وهو يردد : " ما اسمهاش إسرائيل... اسمها فلسطين" .