فهمت كل شيء متأخرة جدا، لكن لم يكن القدر ليتركني قبل أن ينهي معي دروسه العظيمة..
ها أنا ذي ممددة فوق السرير، وقد نخر المرض الخبيث كل جزء من أحشائي.. واستاصلوا أجزاء من امعائي ومعدتي،
لطالما عانيت من تخزين مشاعر الغضب والحزن في تلك المناطق داخل بالذات ، كنت أظن أن الحزن شيء منفصل عن الجسد المادي ولا يؤثر على جودته وقوته..
كنت أحرق نفسي بدل احراق هذا العالم الذي سيفنى عندما تفنى نفسي، إنه ليس له وجود فعلي الا بوجودي،
كم كنت غبية، عندما حملت هذا العالم داخل صدري، وتركته يلعب بأنفاسي..
كم كنت ساذجة عندما اعتقدت أن الحب يمكنه أن يغير شيئا في من حولنا، وان العطاء المبالغ فيه يمكنه أن يلف أحبابنا ببعض العواطف الشفافة..
في ذلك اليوم تجمع حولي الأحبة وبعض الأصدقاء، وكان هو يجلس عند طرف السرير، إنه "المعلم" ، يلمس قدمي بكل حنان، وعيناه تملأهما الدموع ، لكن لا اظنها ستنزل قريبا، لقد كان ومازال لهذه اللحظة الدرس الأعظم الذي تعلمته بصعوبة ، لم أكن لأفوت هذه الفرصة واستمتع بهذه اليقظة والإستنارة
كان يجب ان نفترق من أول يوم التقينا فيه..
أتذكر ذلك اليوم جيدا، كان شابا طموحا ، وسيما، ابن بلدي، وأنا الفتاة المغتربة ذات الخبرة الكبيرة في التعاملات الإدارية في روما..
لا انكر أنني انجذبت اليه من أول لقاء، وقلت في نفسي "اخيرا هذا هو حلم حياتي"..
ساعدته في استخلاص أوراق الإقامة، فقد كان مهاجرا سريا، فتحت له باب منزلي ، قدمت له نفسي دون أن اشعر بأي عار أو خوف من ردة فعل أهلي بالمغرب..
مرت الشهور وبدأ ينبت لعصفوري الصغير ريش، كنت أشعر في أعماقي أنه أوشك على الطيران، كنت أعلم أن هذا التحليق سيكون بعيدا جدا عن سمائي..
شعرت بخوف شديد لمجرد الفكرة..
فقررت أن أغامر مغامرة كبيرة، أضمن بها رباطا ابديا بيني وبينه..
حبيبي ! أنا حامل
تسمر في مكانه، كان للتو قد نهض من مائدة الطعام ، مازالت آخر لقمة في فمه لم يكمل مضغها بعد..
اصفر لونه ، تعثرت الكلمات داخل حنجرته ، إلى أن ابتلع كل شيء دفعة واحدة، ولم يستطع النطق ولو بكلمة واحدة..
وظهر الرجل الشرقي الخائف والمنهزم والذليل بشكله الطبيعي..
كنت أراقب عينيه الممتلئتين بالدموع كما رايتهما اليوم، لكن مشاعري تجاهها مختلفة ..
أنا أراه اليوم "المعلم" إنه من أولئك الذين لا يستسلمون حتى يفهم التلاميذ الدرس جيدا ويستظهرونه أمامه ..
لقد كان دائما يحاول هجري وأنا أمسك به وأسجنه داخل عالمي المتخيل..
لكن وقتها انا أيضا كنت شابة ، ولدي الكثير من الجرأة والتحدي.. كنت اظن أنني أدافع عن حبي..
لكنه كان هجوما ضدي، دفع ثمنه جسدي واطفالي ..
اتصلت بعائلته في المغرب،كنت أعلم أنهم اناس محافظون ولا يرضون بهذا العار الذي ورطهم به ابنهم الملتزم..
ضغطوا عليه ..فتزوجنا
كانت الحياة بيننا مثل ساحة معركة ،هو يريد الفرار وأنا ألزمه بمسؤوليات جديدة..
عشرون عاما لم تهدأ فيها أنفاسي يوما، لم اذق فيها لحظة سلام ..
عشرون عاما وأنا مصرة على أن هذا المر الذي أشربه حلو، وأن الحب يغفر كل الذنوب..
إنه يجلس أمامي الآن، ويدعو لي بالرحمة..ليرتاح هو من حملي الثقيل..
لا أنكر أن ما حصل كان جنونيا، كيف استطعت قص جناحيه دون وعي مني ،لو عاد بي الزمن لتركت له هذا العالم منذ أول لقاء، لو تتاح لي الفرصة لحياة جديدة لاخترت حب ذاتي ..
سلوى ادريسي والي/المغرب
ها أنا ذي ممددة فوق السرير، وقد نخر المرض الخبيث كل جزء من أحشائي.. واستاصلوا أجزاء من امعائي ومعدتي،
لطالما عانيت من تخزين مشاعر الغضب والحزن في تلك المناطق داخل بالذات ، كنت أظن أن الحزن شيء منفصل عن الجسد المادي ولا يؤثر على جودته وقوته..
كنت أحرق نفسي بدل احراق هذا العالم الذي سيفنى عندما تفنى نفسي، إنه ليس له وجود فعلي الا بوجودي،
كم كنت غبية، عندما حملت هذا العالم داخل صدري، وتركته يلعب بأنفاسي..
كم كنت ساذجة عندما اعتقدت أن الحب يمكنه أن يغير شيئا في من حولنا، وان العطاء المبالغ فيه يمكنه أن يلف أحبابنا ببعض العواطف الشفافة..
في ذلك اليوم تجمع حولي الأحبة وبعض الأصدقاء، وكان هو يجلس عند طرف السرير، إنه "المعلم" ، يلمس قدمي بكل حنان، وعيناه تملأهما الدموع ، لكن لا اظنها ستنزل قريبا، لقد كان ومازال لهذه اللحظة الدرس الأعظم الذي تعلمته بصعوبة ، لم أكن لأفوت هذه الفرصة واستمتع بهذه اليقظة والإستنارة
كان يجب ان نفترق من أول يوم التقينا فيه..
أتذكر ذلك اليوم جيدا، كان شابا طموحا ، وسيما، ابن بلدي، وأنا الفتاة المغتربة ذات الخبرة الكبيرة في التعاملات الإدارية في روما..
لا انكر أنني انجذبت اليه من أول لقاء، وقلت في نفسي "اخيرا هذا هو حلم حياتي"..
ساعدته في استخلاص أوراق الإقامة، فقد كان مهاجرا سريا، فتحت له باب منزلي ، قدمت له نفسي دون أن اشعر بأي عار أو خوف من ردة فعل أهلي بالمغرب..
مرت الشهور وبدأ ينبت لعصفوري الصغير ريش، كنت أشعر في أعماقي أنه أوشك على الطيران، كنت أعلم أن هذا التحليق سيكون بعيدا جدا عن سمائي..
شعرت بخوف شديد لمجرد الفكرة..
فقررت أن أغامر مغامرة كبيرة، أضمن بها رباطا ابديا بيني وبينه..
حبيبي ! أنا حامل
تسمر في مكانه، كان للتو قد نهض من مائدة الطعام ، مازالت آخر لقمة في فمه لم يكمل مضغها بعد..
اصفر لونه ، تعثرت الكلمات داخل حنجرته ، إلى أن ابتلع كل شيء دفعة واحدة، ولم يستطع النطق ولو بكلمة واحدة..
وظهر الرجل الشرقي الخائف والمنهزم والذليل بشكله الطبيعي..
كنت أراقب عينيه الممتلئتين بالدموع كما رايتهما اليوم، لكن مشاعري تجاهها مختلفة ..
أنا أراه اليوم "المعلم" إنه من أولئك الذين لا يستسلمون حتى يفهم التلاميذ الدرس جيدا ويستظهرونه أمامه ..
لقد كان دائما يحاول هجري وأنا أمسك به وأسجنه داخل عالمي المتخيل..
لكن وقتها انا أيضا كنت شابة ، ولدي الكثير من الجرأة والتحدي.. كنت اظن أنني أدافع عن حبي..
لكنه كان هجوما ضدي، دفع ثمنه جسدي واطفالي ..
اتصلت بعائلته في المغرب،كنت أعلم أنهم اناس محافظون ولا يرضون بهذا العار الذي ورطهم به ابنهم الملتزم..
ضغطوا عليه ..فتزوجنا
كانت الحياة بيننا مثل ساحة معركة ،هو يريد الفرار وأنا ألزمه بمسؤوليات جديدة..
عشرون عاما لم تهدأ فيها أنفاسي يوما، لم اذق فيها لحظة سلام ..
عشرون عاما وأنا مصرة على أن هذا المر الذي أشربه حلو، وأن الحب يغفر كل الذنوب..
إنه يجلس أمامي الآن، ويدعو لي بالرحمة..ليرتاح هو من حملي الثقيل..
لا أنكر أن ما حصل كان جنونيا، كيف استطعت قص جناحيه دون وعي مني ،لو عاد بي الزمن لتركت له هذا العالم منذ أول لقاء، لو تتاح لي الفرصة لحياة جديدة لاخترت حب ذاتي ..
سلوى ادريسي والي/المغرب