أدب مغربي قديم حسَن الرّحيبي - سُلطان الطّلبة الأصل والتاريخ والبُعد السّياسي والتّاريخي للفكرة المُلهمة

بدأ هذا الحفل الطلّابي الكبير لطلبة جامعة القرويين بفاس ينظّم منذ سنة 1672 كما كان يحكي لنا أبي في الليالي الصيفية القائظة والمقمرة وهو يشير بأصابعه النحيلة والطويلة كرمز للاشتعال عندما ينطق إسم بن مشعل : ناض بن مشعل.. وامّي حليمة تجيب بهنات خافتة كدليل للإعجاب بالقصة المشوقة.. ههممممهممم.. وذلك بعد استيلاَء المولىٰ الرشيد على قلعة هارون بن مشعل اليهودي بنواحي تازة والذي كان غنياً جداً ويستقبل سفراء أوروبا بقصره المنيع الذي لا زالت آثاره باديةً إلى اليوم بجبال بني زناسن الشاهقة . تساعده ابنته التي كانت تتحدث عدة لغات.. كما كان يفرضُ على الأهالي في وقت الحصَاد فتاةً عذراء كل سنة ممّا جعل الطّلبة يفكرون في كيفية القضاء عليه . فاستلهموا قصة حصَان طروادة ليهتدوا إلى صَحّاريات أو صَناديق خشبية كبيرة اختبأوا بداخلها مسلّحين بمسَدسات بوشفَر . موهمين بنمشعل بإحضار الهدايا يتقدّمها هودج الفتاة الفاسية الجميلة … سعد اليهودي كثيراً بالهدايا الرّائعة فأفسح لها المجال للدّخول وفي منتصَف اللّيل أفصَحت الصّناديق عن محتوَياتها القاتلة وسط القصر لينبعث منها طلبة مسلّحون قضوا على دولة كانت في بداية التكوين الجَنيني وعلى طاغية يعتزم إنشاءها …وقضَوا أيضاً على ابنته زٌليخة التي كانت سفيرةً ومترجمةً له تتقن عدة لغات أوروبية ..وغنموا أموالاً طائلة وصَناديق من الذهب الخالص يصعب عدها.. ساعدت في تكوين الدولة الجديدة وهزم أعدائها من السّعديين ..
ظل طلبة فاس ومراكش يحتفون بالذكرى كل فصل ربيع يقومون بالنّْزاهة مستعرضين تاج المولىٰ الرشيد مبتهجين على مَوائد الأكل والشراب ..كمَا يقرأ عليهم السّلطان المنتخب بالمناسبة الخطاب الذي سيقدمه للسّلطان الحقيقي ثم ينسل من الخيمة قبل الفجر كي لا يتعرض للضّرب والإلقاء به في مياه واد فاس شديدة البرودة …
آخر مرة انعقد فيها المهرجان بمراكش كانت في سنة 1937 حيث كان آخر سلطان هو سي بن الجّيلالي العادل كنت ألتقيه بدروب المدينة القديمة بمراكش عندما كنت أتوجه في الثمانينات لثانوية محمد الخامس باب اغمات …وقد أصبح شيخاً هرما بلغ من الكبر عتياً رحمة الله عليه..

حسَن الرّحيبي..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى