فرقٌ كبيرٌ بين الشعار le slogan والعمل l'action. فما هو الشعار وما هو العمل؟
أولا، لا يجب الخلطُ بين الشعار le slogan والشِّعار كشيءٍ رمزي une chose symbolique.
والشعار كرمزٍ devise، عبارة عن وصفٍ للتَّحفيزات les motivations أو النوايا les intentions لشخصٍ ما أو لجماعةٍ من الأشخاص أو لتنظيمٍ أو لمؤسَّسةٍ اجتماعيين. وهذه التَّحفيزات والنوايا يتَّخذها الشخصُ أو الجماعة أو التنظيم أو المؤسسة كنهجٍ مِثالي للحياة comme une règle de conduite idéale de la vie تعتمد عليها هذه الأطراف لضبط السلوك والتَّصرُّف.
أما السِّعار le slogan، فهو عبارة عن فكرةٍ قصيرة التَّركيب يلجأ لها شخصٌ أو جماعة من الأشخاص ويجعل منها مبدأً يعتمد عليه لنشرِ رأيٍ من الآراء أو لمساندة تصرُّفٍ من التَّصرفات أو موقغ من المواقف. والشعار يُستعمل بكثرة في مجالي السياسة والإشهار.
والشِّعارُ le slogan والشعار كرمزٍ devise، كلاهما، عبارة عن جملةٍ أو فكرة قصيرة التَّركيب، تجلب الاهتمامَ ويسهُل ترسيخُها في الذاكرة sa fixation dans la mémoire. مثلاً، قد يتَّخذ شخصٌ ما شعارَه الرَّمزي devise هو "قولُ الحقِّ مهما كانت الظروف" dire la vérité quelles que soient les circonstances. أما على مستوى تنظيمٍ أو مؤسَّسةٍ، أذكر كمثالين، المغرب وفرنسا. الشعار الرمزي للمملكة (للدولة) المغربية هو : "الله، الوطن، الملك". والجمهورية الفرنسية، شعارُها الرمزي، هو : "حرية، مساواة، أُخوّة".
أما كمثلٍ للشعارات المستعملة في مجال السياسة، أذكر على سبيل المثال واحدا من هذه الشعارات التي قالها نلسون مانديلا : "لا أخسر أبدأ. إما أن أربحَ (أنجح) وإما أن أتعلَّم" "Je ne perds jamais. Soit je gagne, soit j'apprends". أما في مجال الإشهار، اخترتُ الشعارَ الذي استعمله بسكويت biscuit henry's، وهو : "أحسن صديقٍ للشاي" "meilleur ami d'Atay".
أما العمل، فلا يجب خلطُه مع العمل كمهنة أو كمُهمة le travail أو كشُغلٍ emploi. بل المقصود بالعمل l'action في عنوان هذه المقالة، هو تجسيد الأفكار على أرض الواقع لتُصبحَ شيئا ملموسا une chose concrète، بواسطة العمل. ولهذا قلتُ، في نفس العنوان، "العمل هو البَنَّاءُ" l'action est constructive.
إذن، الدول لها شعارات رمزية des devises. وقد أعطيتُ أمثلةً أعلاه. أما الأشخاص والسياسة والإشهار، فلهم شعارات des slogans. وحتى الأحزاب السياسية لها شعارات، وخصوصا، أثناء الحملات الانتخابية. بالنسبة للأحزاب السياسية المغربية، الشعارات معبَّرُ عنها بالصُّور، فمثلاً حزب الاستقلال شعاره هو الميزان، وحزب العدالة والتنمية شعاره المصباح، والتَّجمُّع الوطني للأحرار شعاره الحمامة… ومن بين الشعارات التي اختارتها الأحزاب السياسية الأمريكية، وخصوصا، الحزبان الديمقراطي والجمهوري، أذكر، مثلا، "America first" أمريكا أولا، أو "make America great again" أي عودة أمريكا من جديد للمجد أو العَظَمة.
السؤال الذي تبادر إلى ذهني لما اخترتُ عنوانَ هذه المقالة، هو : "هل لعلماء وفقهاء الدين، الحاليين، شعارات، des slogans، كما هو الشأن للأشخاص وجماعة الأشخاص والسياسة والإشهار والأحزاب السياسية"؟
الأغلبية الساحقة من علماء وفقهاء الدين، الحاليين، اختارت شعار "الرجوع إلى التَّراث الفقهي" الذي أنتجه قدامى العلماء والفقهاء منذ ما يزيد عن ألف سنة بعد وفاة الرسول (ص). والرجوع إلى التراث الفقهي القديم يعني الرجوع إلى ما أنتجه الأئمة الأربعة والبخاري، ومسلم، وابن تيمية والأوزاعي، وابن حزم، والغزالي، وابن القيم، وابن حجر العسقلاني، والقرطبي، وابن كثير، والسيوطي…
وهذا يعني أن ما جاد به هؤلاء العلماء والفقهاء من فقه وأحكام وفتاوى… صالحٌ لكل زمان ومكان. وهذا الفقهُ والأحكامُ والفتاوى… هي إنتاج فكري بشري، بمعنى أن هذا الإنتاج قابل للنقاش والتغيير ليتلاءمَ مع روح العصر.
لكن علماءَ وفقهاءَ الدين الحاليين، عوض أن يُشغِّلوا عقولَهم لإنتاج فقه وأحكام وفتاوى… تتلاءم مع الواقع الذي يعيشه المسلمون في حياتِهم اليومية، فضلوا الاحتفاظَ بما أنتجه القدامى دون زيادة أو نُقصان. فماذا يعني هذا الاحتفاظ؟
هذا الاحتفاظ بما أنتجه القدامى، يعني أن هذا الإنتاجَ الفكري، كما سبق الذكر، صالحٌ لكل زمان ومكان. بل إن العلماء والفقهاء الحاليين يعتبرون أن هذا الإنتاجَ، إنتاج مطلق، بمعنى أنه إذا كان صالحاً للأزمِنة التي عاش فيها القدامى، فهو صالح لواقع المسلمين الحاليين.
وهذا غير صحيح لأن تفسير القرآن والسُّنة له مدارس متعدِّدة، شكلاً ومضموناً. والتَّعدُّد وراءه أختلافُ الخلفيات الفكرية، الاجتماعية والثقافية. وهذه الخلفيات رهينة بالواقع زماناً ومكاناً. بمعنى أنه لا يمكن، على الإطلاق، تجميد الزمان والمكان. وتجميد الزمان والمكان يؤدي إلى تجميد العقول. فما على علماء وفقهاء الدين الحاليين إلا أن يُغيِّروا شعارَهم الحالي ليُنتِجوا لنا فقهاً وأحكاماً وفتاوى… تتماشى مع الواقع الذي يتغيَّر في كل لحظة وحين!
أولا، لا يجب الخلطُ بين الشعار le slogan والشِّعار كشيءٍ رمزي une chose symbolique.
والشعار كرمزٍ devise، عبارة عن وصفٍ للتَّحفيزات les motivations أو النوايا les intentions لشخصٍ ما أو لجماعةٍ من الأشخاص أو لتنظيمٍ أو لمؤسَّسةٍ اجتماعيين. وهذه التَّحفيزات والنوايا يتَّخذها الشخصُ أو الجماعة أو التنظيم أو المؤسسة كنهجٍ مِثالي للحياة comme une règle de conduite idéale de la vie تعتمد عليها هذه الأطراف لضبط السلوك والتَّصرُّف.
أما السِّعار le slogan، فهو عبارة عن فكرةٍ قصيرة التَّركيب يلجأ لها شخصٌ أو جماعة من الأشخاص ويجعل منها مبدأً يعتمد عليه لنشرِ رأيٍ من الآراء أو لمساندة تصرُّفٍ من التَّصرفات أو موقغ من المواقف. والشعار يُستعمل بكثرة في مجالي السياسة والإشهار.
والشِّعارُ le slogan والشعار كرمزٍ devise، كلاهما، عبارة عن جملةٍ أو فكرة قصيرة التَّركيب، تجلب الاهتمامَ ويسهُل ترسيخُها في الذاكرة sa fixation dans la mémoire. مثلاً، قد يتَّخذ شخصٌ ما شعارَه الرَّمزي devise هو "قولُ الحقِّ مهما كانت الظروف" dire la vérité quelles que soient les circonstances. أما على مستوى تنظيمٍ أو مؤسَّسةٍ، أذكر كمثالين، المغرب وفرنسا. الشعار الرمزي للمملكة (للدولة) المغربية هو : "الله، الوطن، الملك". والجمهورية الفرنسية، شعارُها الرمزي، هو : "حرية، مساواة، أُخوّة".
أما كمثلٍ للشعارات المستعملة في مجال السياسة، أذكر على سبيل المثال واحدا من هذه الشعارات التي قالها نلسون مانديلا : "لا أخسر أبدأ. إما أن أربحَ (أنجح) وإما أن أتعلَّم" "Je ne perds jamais. Soit je gagne, soit j'apprends". أما في مجال الإشهار، اخترتُ الشعارَ الذي استعمله بسكويت biscuit henry's، وهو : "أحسن صديقٍ للشاي" "meilleur ami d'Atay".
أما العمل، فلا يجب خلطُه مع العمل كمهنة أو كمُهمة le travail أو كشُغلٍ emploi. بل المقصود بالعمل l'action في عنوان هذه المقالة، هو تجسيد الأفكار على أرض الواقع لتُصبحَ شيئا ملموسا une chose concrète، بواسطة العمل. ولهذا قلتُ، في نفس العنوان، "العمل هو البَنَّاءُ" l'action est constructive.
إذن، الدول لها شعارات رمزية des devises. وقد أعطيتُ أمثلةً أعلاه. أما الأشخاص والسياسة والإشهار، فلهم شعارات des slogans. وحتى الأحزاب السياسية لها شعارات، وخصوصا، أثناء الحملات الانتخابية. بالنسبة للأحزاب السياسية المغربية، الشعارات معبَّرُ عنها بالصُّور، فمثلاً حزب الاستقلال شعاره هو الميزان، وحزب العدالة والتنمية شعاره المصباح، والتَّجمُّع الوطني للأحرار شعاره الحمامة… ومن بين الشعارات التي اختارتها الأحزاب السياسية الأمريكية، وخصوصا، الحزبان الديمقراطي والجمهوري، أذكر، مثلا، "America first" أمريكا أولا، أو "make America great again" أي عودة أمريكا من جديد للمجد أو العَظَمة.
السؤال الذي تبادر إلى ذهني لما اخترتُ عنوانَ هذه المقالة، هو : "هل لعلماء وفقهاء الدين، الحاليين، شعارات، des slogans، كما هو الشأن للأشخاص وجماعة الأشخاص والسياسة والإشهار والأحزاب السياسية"؟
الأغلبية الساحقة من علماء وفقهاء الدين، الحاليين، اختارت شعار "الرجوع إلى التَّراث الفقهي" الذي أنتجه قدامى العلماء والفقهاء منذ ما يزيد عن ألف سنة بعد وفاة الرسول (ص). والرجوع إلى التراث الفقهي القديم يعني الرجوع إلى ما أنتجه الأئمة الأربعة والبخاري، ومسلم، وابن تيمية والأوزاعي، وابن حزم، والغزالي، وابن القيم، وابن حجر العسقلاني، والقرطبي، وابن كثير، والسيوطي…
وهذا يعني أن ما جاد به هؤلاء العلماء والفقهاء من فقه وأحكام وفتاوى… صالحٌ لكل زمان ومكان. وهذا الفقهُ والأحكامُ والفتاوى… هي إنتاج فكري بشري، بمعنى أن هذا الإنتاج قابل للنقاش والتغيير ليتلاءمَ مع روح العصر.
لكن علماءَ وفقهاءَ الدين الحاليين، عوض أن يُشغِّلوا عقولَهم لإنتاج فقه وأحكام وفتاوى… تتلاءم مع الواقع الذي يعيشه المسلمون في حياتِهم اليومية، فضلوا الاحتفاظَ بما أنتجه القدامى دون زيادة أو نُقصان. فماذا يعني هذا الاحتفاظ؟
هذا الاحتفاظ بما أنتجه القدامى، يعني أن هذا الإنتاجَ الفكري، كما سبق الذكر، صالحٌ لكل زمان ومكان. بل إن العلماء والفقهاء الحاليين يعتبرون أن هذا الإنتاجَ، إنتاج مطلق، بمعنى أنه إذا كان صالحاً للأزمِنة التي عاش فيها القدامى، فهو صالح لواقع المسلمين الحاليين.
وهذا غير صحيح لأن تفسير القرآن والسُّنة له مدارس متعدِّدة، شكلاً ومضموناً. والتَّعدُّد وراءه أختلافُ الخلفيات الفكرية، الاجتماعية والثقافية. وهذه الخلفيات رهينة بالواقع زماناً ومكاناً. بمعنى أنه لا يمكن، على الإطلاق، تجميد الزمان والمكان. وتجميد الزمان والمكان يؤدي إلى تجميد العقول. فما على علماء وفقهاء الدين الحاليين إلا أن يُغيِّروا شعارَهم الحالي ليُنتِجوا لنا فقهاً وأحكاماً وفتاوى… تتماشى مع الواقع الذي يتغيَّر في كل لحظة وحين!