في هذا النص الرمزي، تتجلى فلسفة الوجود من خلال علبة معدنية مهملة، لتصبح رمزاً للتيه والزمن والاحتمالات اللامتوقعة.
فالعلبة ليست مجرد مادة صماء، بل كيان يحيا، يواجه العالم، ويسافر ،يتحول، ويصمد رغم كل ما يمر به.
إنها استعارة عن الإنسان، وعن الأشياء التي نظنها تافهة لكنها تحمل في جوفها أسراراً دفينة، وربما رسالة تنتظر أن تصل إلى قدرها.
نص الشاعر المبدع حقاً كاظم حسن سعيد ينبض بالحياة، فهو يمنح العلبة روحاً، يجعلها كائناً يتنقل بين العواصف والبحار والأنهار والبساتين، تُستغل وتُنسى وتُبعث من جديد.
وحتى الأحلام القديمة التي تُلقى في البحر قد تجد من يحييها بعد زمن طويل.
فالرسالة المخبوءة في العلبة، فهي محور النص وغايته.
إنها تشبه الأسرار الدفينة في أرواحنا، التي نعتقد أنها قد تلاشت، لكنها قد تصل ذات يوم إلى من يستحقها، حتى لو لم يكن المقصود.
ترمز الرسالة إلى كل ما نتركه في هذا العالم من أثر، من مشاعر، من أحلام، ومن أشياء نظن أنها قد ضاعت، لكنها في الحقيقة تنتظر من يعيد اكتشافها.
البناء السردي قائم في النص على الحكاية المتقطعة، حيث لا يُروى الزمن بشكل خطي، بل يتشظى بين الماضي والحاضر والمستقبل، مما يخلق توتراً درامياً يشد القارئ.
لغة النص بسيطة ولكنها محمّلة بالإيحاءات، والمجازات تنساب بسلاسة، مما يجعل النص أشبه بأسطورة حديثة عن الأشياء التي نرميها دون أن نعرف مصيرها.
يتميز النص بالتكثيف، وباستخدام عنصر التشخيص ببراعة، حيث تتحول العلبة إلى كائن يتفاعل مع محيطه.
وجاءت النهاية مفاجئة وعميقة، إذ تعود العلبة أخيراً إلى وظيفة جديدة، بعد أن ظن الجميع أنها انتهت، ولسان حالها يقول:
لا شيء يضيع حقاً.
وكان البناء السردي المتشظي يجعل من الصعب تتبع مسار العلبة دون العودة إلى النص أكثر من مرة. وبعض الصور الشعرية، رغم جمالها، تحتاج إلى وضوح أكبر، خاصة في الانتقالات الزمنية الحادة.
ختاماً:
يدعو النص إلى التأمل العميق في المصير والتحولات، وفي الأشياء التي نظنها هامشية لكنها تمتلك صوتاً وسيرةً خاصة بها.
وهذا ما يجعل الشاعر متميزاً في صياغته لهذه الحكاية، التي تضيء لنا جزءاً من فلسفة الوجود بأسلوب بسيط لكنه مؤثر.
بسمة الصباح++++++++
علبة مجهولة المصدر
العلبة الحمراء التي رسم عليها سرطان البحر باللون الاصفر
احد احدث شقا في غطائها.
طفحت مع امواج البحر الهادرة
غارت في رمال الشواطيءدخلت جزرا غير مكتشفة
انها من قرن تدافعها الامواج
سافرت مع بواخر الهند
مع البوارج الحربية
صيروا منها صغار افريقيا كرة قدم وهي صابرة.
رمتها موجة الى بستان
ظلت سنوات تشويها الشمس
تكسرت اضلعها
قزأت وتعبت من الانين.
رمتها عاصفة للنهر ثانية
استوطنتها العقارب الصغيرة
وشيّد عليها المحار مستعمرته
حين رمتها من شرفة شناشيل
مراهقة شقراء
لعلها تصل اليه...
لم تكن تتوقع
بعد كل تلك السنوات
بان حبر رسالتها التي دستها في الشق
لم تخسر حبرها
وان صيادا سيلتقطها
يعقد فيها حبلا
ويصنع منها دلوا لرفع الماء.
20 مارس
2025
++++++++
فالعلبة ليست مجرد مادة صماء، بل كيان يحيا، يواجه العالم، ويسافر ،يتحول، ويصمد رغم كل ما يمر به.
إنها استعارة عن الإنسان، وعن الأشياء التي نظنها تافهة لكنها تحمل في جوفها أسراراً دفينة، وربما رسالة تنتظر أن تصل إلى قدرها.
نص الشاعر المبدع حقاً كاظم حسن سعيد ينبض بالحياة، فهو يمنح العلبة روحاً، يجعلها كائناً يتنقل بين العواصف والبحار والأنهار والبساتين، تُستغل وتُنسى وتُبعث من جديد.
وحتى الأحلام القديمة التي تُلقى في البحر قد تجد من يحييها بعد زمن طويل.
فالرسالة المخبوءة في العلبة، فهي محور النص وغايته.
إنها تشبه الأسرار الدفينة في أرواحنا، التي نعتقد أنها قد تلاشت، لكنها قد تصل ذات يوم إلى من يستحقها، حتى لو لم يكن المقصود.
ترمز الرسالة إلى كل ما نتركه في هذا العالم من أثر، من مشاعر، من أحلام، ومن أشياء نظن أنها قد ضاعت، لكنها في الحقيقة تنتظر من يعيد اكتشافها.
البناء السردي قائم في النص على الحكاية المتقطعة، حيث لا يُروى الزمن بشكل خطي، بل يتشظى بين الماضي والحاضر والمستقبل، مما يخلق توتراً درامياً يشد القارئ.
لغة النص بسيطة ولكنها محمّلة بالإيحاءات، والمجازات تنساب بسلاسة، مما يجعل النص أشبه بأسطورة حديثة عن الأشياء التي نرميها دون أن نعرف مصيرها.
يتميز النص بالتكثيف، وباستخدام عنصر التشخيص ببراعة، حيث تتحول العلبة إلى كائن يتفاعل مع محيطه.
وجاءت النهاية مفاجئة وعميقة، إذ تعود العلبة أخيراً إلى وظيفة جديدة، بعد أن ظن الجميع أنها انتهت، ولسان حالها يقول:
لا شيء يضيع حقاً.
وكان البناء السردي المتشظي يجعل من الصعب تتبع مسار العلبة دون العودة إلى النص أكثر من مرة. وبعض الصور الشعرية، رغم جمالها، تحتاج إلى وضوح أكبر، خاصة في الانتقالات الزمنية الحادة.
ختاماً:
يدعو النص إلى التأمل العميق في المصير والتحولات، وفي الأشياء التي نظنها هامشية لكنها تمتلك صوتاً وسيرةً خاصة بها.
وهذا ما يجعل الشاعر متميزاً في صياغته لهذه الحكاية، التي تضيء لنا جزءاً من فلسفة الوجود بأسلوب بسيط لكنه مؤثر.
بسمة الصباح++++++++
علبة مجهولة المصدر
العلبة الحمراء التي رسم عليها سرطان البحر باللون الاصفر
احد احدث شقا في غطائها.
طفحت مع امواج البحر الهادرة
غارت في رمال الشواطيءدخلت جزرا غير مكتشفة
انها من قرن تدافعها الامواج
سافرت مع بواخر الهند
مع البوارج الحربية
صيروا منها صغار افريقيا كرة قدم وهي صابرة.
رمتها موجة الى بستان
ظلت سنوات تشويها الشمس
تكسرت اضلعها
قزأت وتعبت من الانين.
رمتها عاصفة للنهر ثانية
استوطنتها العقارب الصغيرة
وشيّد عليها المحار مستعمرته
حين رمتها من شرفة شناشيل
مراهقة شقراء
لعلها تصل اليه...
لم تكن تتوقع
بعد كل تلك السنوات
بان حبر رسالتها التي دستها في الشق
لم تخسر حبرها
وان صيادا سيلتقطها
يعقد فيها حبلا
ويصنع منها دلوا لرفع الماء.
20 مارس
2025
++++++++