" في وجهها المتوسِّطُ كانَ يُغسِّلُ كلَّ صباحٍ جدائله
(1)
كانَ شُبَّاكها غابةَ ياسمين
وفي وجهِها المتوسطُ كانَ يُغسِّلُ
كلَّ صباحٍ جدائلَهُ
ويُعلِّـقُها حارساً وسلالمَ للماءِ
كانَ يجيءُ وفي ركبتيهِ شَلايا
من السمكِ العسقلانيِّ
كانت تُطلُّ من البابِ
تَغسلُ في موجهِ قدميها
وتركضُ نحوَ شواطئِهِ تتزنَّرُ بالريحِ
بالياسمينِ الشآميِّ
تختالُ فاردةً شَعرَها من شمالِ الشمالِ
إلى غزَّةَ \
كانتِ الخيلُ تركضُ من حولِها
وتُزيِّنُ غُرَّتَها
وتُمشِّطها بزيوتِ الجليلِ
وتفرشُ ساحتَها بُسُطاً نَسَجتها
يدُ الكركيَّاتِ \
كانت صباحاً تُغسِّلُ أرجلها بشواطيءِ حيفا
وفي الظُّهرِ تشربُ قهوتها بحوانيتِ صيدا
وفي الليلِ كانت تنامُ بِبيروتَ \
تقلقُ منتصفَ الليلِ
تركضُ نحوَ شواطيءِ طرطوسَ
ثُمَّ تُواصلُ نحوَ صخور الشمالِ العصيَّاتِ
تَفْرِدُ فوقَ الرِّمالِ جدائلَها
وتحُفُّ بها نُجُبُ الخيلِ كالحلقات .
امرأةٌ كانتِ الأرضُ تسجدُ بينَ يديها
وكانت سنابلُ حِنطتِها تتمايلُ في سهلِ حورانَ
كانت ينابيعُ ماءٍ مُقدَّسَ تَدْفُقُ
بينَ جُروفِ الجبالِ
وتهبطُ رائقةً نحوَ نهرٍ مُقدَّسَ
تنمو على ضِفَّتيهِ النَّوارسُ والحَجَلُ
ورُفوفُ اليَمام .
(2)
امرأةٌ كانتِ الرُّقمُ البابليَّةُ تركضُ كي تنقشَ وقْعَ أقدامها
كانتِ الريحُ تحملُ نحوَ جنائِنها الماءَ في قُلَلٍ وسِلالٍ
وتجلسُ بينَ يديها
وتحرسُ أُسطولها المتماوجَ فوقَ المياهِ كغابةِ ضوء .
(3)
امرأةٌ عنوةً قادها الليلُ نحوَ مغاورهِ الجبليَّةِ
جاءت إليها صفوفُ الغُزاةِ
وقيَّدها الهمجيّونَ
قَصّوا جدائلَها السّودَ
ألقى بها ثَمِلٌ في المياهِ
وطافتْ سواحلَ كنعانَ
ناحتْ \ بكتْ \ أطلقتْ صوتَها
وغفتْ في الحكاياتِ
نامت سنينَ مُمزَّقةً
بشواطيءِ يافا
وبينَ أزقَّةِ صيدا
وفي كَدرِ الطِّينِ في حُزنِ حورانَ \
أقراطُها اللؤلؤ الذَّهبياتُ
مزَّقها
قطَّعَ أُذنيها الصغيرةَ
ثُمَّ رماها
فطافتْ طويلاً
وحطَّتْ تفوحُ دماءً وعُشباً
على بحرِ غزَّةَ \
وجهُكِ الأبيضُ المرمريُّ
تكدَّسَ فوقَ حواجبِهِ صَدءُ العُشبِ
كانَ يمرُّ على السُّفنِ الغارقاتِ
يُضيءُ لبحَّارةٍ نائمينَ الفنارَ
ويقفزُ فوقَ المياه قليلاً
ويرقصُ في هَـلَعٍ كالبُخار .
مهدي نصير / الحصن 5-9-2011
www.facebook.com
(1)
كانَ شُبَّاكها غابةَ ياسمين
وفي وجهِها المتوسطُ كانَ يُغسِّلُ
كلَّ صباحٍ جدائلَهُ
ويُعلِّـقُها حارساً وسلالمَ للماءِ
كانَ يجيءُ وفي ركبتيهِ شَلايا
من السمكِ العسقلانيِّ
كانت تُطلُّ من البابِ
تَغسلُ في موجهِ قدميها
وتركضُ نحوَ شواطئِهِ تتزنَّرُ بالريحِ
بالياسمينِ الشآميِّ
تختالُ فاردةً شَعرَها من شمالِ الشمالِ
إلى غزَّةَ \
كانتِ الخيلُ تركضُ من حولِها
وتُزيِّنُ غُرَّتَها
وتُمشِّطها بزيوتِ الجليلِ
وتفرشُ ساحتَها بُسُطاً نَسَجتها
يدُ الكركيَّاتِ \
كانت صباحاً تُغسِّلُ أرجلها بشواطيءِ حيفا
وفي الظُّهرِ تشربُ قهوتها بحوانيتِ صيدا
وفي الليلِ كانت تنامُ بِبيروتَ \
تقلقُ منتصفَ الليلِ
تركضُ نحوَ شواطيءِ طرطوسَ
ثُمَّ تُواصلُ نحوَ صخور الشمالِ العصيَّاتِ
تَفْرِدُ فوقَ الرِّمالِ جدائلَها
وتحُفُّ بها نُجُبُ الخيلِ كالحلقات .
امرأةٌ كانتِ الأرضُ تسجدُ بينَ يديها
وكانت سنابلُ حِنطتِها تتمايلُ في سهلِ حورانَ
كانت ينابيعُ ماءٍ مُقدَّسَ تَدْفُقُ
بينَ جُروفِ الجبالِ
وتهبطُ رائقةً نحوَ نهرٍ مُقدَّسَ
تنمو على ضِفَّتيهِ النَّوارسُ والحَجَلُ
ورُفوفُ اليَمام .
(2)
امرأةٌ كانتِ الرُّقمُ البابليَّةُ تركضُ كي تنقشَ وقْعَ أقدامها
كانتِ الريحُ تحملُ نحوَ جنائِنها الماءَ في قُلَلٍ وسِلالٍ
وتجلسُ بينَ يديها
وتحرسُ أُسطولها المتماوجَ فوقَ المياهِ كغابةِ ضوء .
(3)
امرأةٌ عنوةً قادها الليلُ نحوَ مغاورهِ الجبليَّةِ
جاءت إليها صفوفُ الغُزاةِ
وقيَّدها الهمجيّونَ
قَصّوا جدائلَها السّودَ
ألقى بها ثَمِلٌ في المياهِ
وطافتْ سواحلَ كنعانَ
ناحتْ \ بكتْ \ أطلقتْ صوتَها
وغفتْ في الحكاياتِ
نامت سنينَ مُمزَّقةً
بشواطيءِ يافا
وبينَ أزقَّةِ صيدا
وفي كَدرِ الطِّينِ في حُزنِ حورانَ \
أقراطُها اللؤلؤ الذَّهبياتُ
مزَّقها
قطَّعَ أُذنيها الصغيرةَ
ثُمَّ رماها
فطافتْ طويلاً
وحطَّتْ تفوحُ دماءً وعُشباً
على بحرِ غزَّةَ \
وجهُكِ الأبيضُ المرمريُّ
تكدَّسَ فوقَ حواجبِهِ صَدءُ العُشبِ
كانَ يمرُّ على السُّفنِ الغارقاتِ
يُضيءُ لبحَّارةٍ نائمينَ الفنارَ
ويقفزُ فوقَ المياه قليلاً
ويرقصُ في هَـلَعٍ كالبُخار .
مهدي نصير / الحصن 5-9-2011

مهدي نصير
في وجهها المتوسط كان يُغسِّل كلَّ صباحٍ جدائله القدس العربي 2011 " في وجهها المتوسِّطُ كانَ يُغسِّلُ كلَّ صباحٍ جدائله (1) كانَ شُبَّاكها غابةَ ياسمين وفي وجهِها المتوسطُ كانَ يُغسِّلُ كلَّ...