- رسالة نهى العايدي
سأعلق على بلاد التنوين ، وهذا المصطلح الفضفاض في اللغة العربية والضيق في آن واحد ، فالتنوين بأنواعه الثلاثة فتح وضم وكسر ، واعتدنا القول تنوين النصب والنصب بالمعنى الاصطلاحي هو من أوجه الفساد وأما الرفع فثقافة المجتمع المشروخة التي باتت ترفع الفاسد النصاب إلى مكانة مرموقة بوصفه فهلوي عرف من أين تؤكل الكتف ، والعصامي أصبح ينعت بالدرويش او الأهبل الذي لا يعرف كيف يتسلق ، فالمتسلق محبوب ومقدر لأنه عرف كيف يكسب سريعا والعصامي يحتاج الشفقة لبقاء حاله كما هو ، والتغير في المصطلحات من الرشوة إلى الهدية والمجتمع لا يلفظ الفاسدين او المرتشين بل يعجب البعض بهم وينساق وراءهم ، ويصبحون قدوة في القدرة على الثراء السريع ، هنا نصل لتنوين الجر .. حيث انجر مجتمع بكامله وراء السقطات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية لتصبح النموذج وليس القيم الأخلاقية الراسخة في ديننا وتربيتنا وباع الكثيرون مبادئ الاستقامة لأن الموقف والمصطلح والمفهوم أجريت له عمليات تجميل . فالوصولي فهلوي ، والعصامي أهبل ، والمتسلق مدردح وفهلوي ، والمرتشي بزنس مان يأخذ نسبة مقابل خدمته او هدايا وهبات تعبيرا عن الامتنان . إن تسمية الأشياء بغير مسمياتها الصحيحة والوقوع في فخ التنازلات سببه التهاون مع هذه الفئات التي هي نكرة حتى لو أضفنا له التنوين . وتصبح معرفة وواضحة في تعريفها حين يضاف لها قيم المحاسبة والردع والأخلاق ونبذ المجتع لهذه الفئات الضالة .
دمتم بجرأة الطرح وليأتِ اليوم الذي يرتقي فيه المجتمع ويصبح أمة الشدّة التي تشد الخناق على رقاب الفاسدين ، وتنتقل من أمة السكون إلى أمة الحركة والفعل .
///
- رسالة غانية ملحيس إلى نهى العايدي
عزيزتي نهى
تحية تليق بنبل الحرف وجرأة الفكرة، لقد جعلت من التنوين موقفا. كلماتكِ يا نهى كأنها سفرٌ في بلاغة اللغة، ومرآةٌ صافية تعكس وجع المجتمع حين تختل موازين القيم، ويغدو الرفع للفساد والنصب للأخلاق، والجرّ انجرافا جمعيا نحو الهاوية.
في تأملكِ العميق لمعاني التنوين، جعلتِ من النحو مرآةً للواقع، ومن اللغة سلاحا نبيلا في وجه التزييف، فارتقت كلماتكِ من مجرد تحليل لغوي إلى موقف إنساني وأخلاقي يوقظ الوعي، ويعيد للألفاظ روحها الأولى قبل أن تشوهها المواربة والتبرير.
كم هو جميل أن نجد بيننا من يُعيد للكلمة وظيفتها المقدسة، لا لتزيين القول، بل لتقويم الفعل، ومن يجعل من اللغة ميثاقا أخلاقيا لا يباع في أسواق البلاغة.
دمتِ قلما مضيئا يزرع المعنى في أرض عطشى للصدق، ودام حضوركِ منارة تذكّرنا أن الكلمة، حين يتولاها مثقف مستنير، تصبح فعلا من أفعال النهوض.
///
- رسالة غسان جابر إلى نهى العايدي
الأستاذة الفاضلة نهى،
تحية تقدير واحترام،
قرأت تعليقك البديع على بلاد التنوين بمتعةٍ فكرية حقيقية، ووقفت أمام عمق تحليلِك اللغوي والاجتماعي بإعجابٍ لا يخلو من ابتسامةٍ على هذا التوظيف الذكي لتنوين النصب والضم والجر في توصيف واقعٍ تتصارع فيه القيم والمفاهيم. لقد أحسنتِ التقاط جوهر الفكرة التي أردت إيصالها في المقال — أن الفساد ليس فعلاً فرديًا بقدر ما هو نتاج ثقافةٍ أُعيد تشكيل لغتها حتى أصبح “النصاب فهلويًا”، و”العصامي درويشًا”.
ما كتبتهِ يضيف طبقة جديدة من القراءة، تربط بين نحو اللغة ونحو الأخلاق، وبين حركات التنوين وحركة المجتمع في مسار الانحدار أو النهوض. أعجبتني عبارتك اللامعة عن “تنوين الجر” حين انجرّ مجتمعٌ بأكمله، فهي تلخص مأساة الانزلاق الجماعي نحو التطبيع مع الخطأ وتجميل القبح.
إن ما يميّز تعليقك ليس النقد فحسب، بل الأمل الذي ختمتِ به، حين دعوتِ إلى أن نصبح أمة الشدّة التي لا تكتفي بالسكوت بل تتحرك نحو الفعل، وهذا هو جوهر التحوّل الذي نحتاجه جميعًا: أن نُعيد للكلمة معناها، وللصوت العربي وزنه، وللقيم سلطانها.
لكِ خالص الشكر على هذا التفاعل العميق الذي يثري الحوار ويمنح النص حياةً أبعد من سطوره.
دمتِ قلمًا يضيء مساحة الوعي وذائقةً راقية تليق بفلسطين الكلمة والموقف.
مع أطيب التحيات
غسان جابر
سأعلق على بلاد التنوين ، وهذا المصطلح الفضفاض في اللغة العربية والضيق في آن واحد ، فالتنوين بأنواعه الثلاثة فتح وضم وكسر ، واعتدنا القول تنوين النصب والنصب بالمعنى الاصطلاحي هو من أوجه الفساد وأما الرفع فثقافة المجتمع المشروخة التي باتت ترفع الفاسد النصاب إلى مكانة مرموقة بوصفه فهلوي عرف من أين تؤكل الكتف ، والعصامي أصبح ينعت بالدرويش او الأهبل الذي لا يعرف كيف يتسلق ، فالمتسلق محبوب ومقدر لأنه عرف كيف يكسب سريعا والعصامي يحتاج الشفقة لبقاء حاله كما هو ، والتغير في المصطلحات من الرشوة إلى الهدية والمجتمع لا يلفظ الفاسدين او المرتشين بل يعجب البعض بهم وينساق وراءهم ، ويصبحون قدوة في القدرة على الثراء السريع ، هنا نصل لتنوين الجر .. حيث انجر مجتمع بكامله وراء السقطات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية لتصبح النموذج وليس القيم الأخلاقية الراسخة في ديننا وتربيتنا وباع الكثيرون مبادئ الاستقامة لأن الموقف والمصطلح والمفهوم أجريت له عمليات تجميل . فالوصولي فهلوي ، والعصامي أهبل ، والمتسلق مدردح وفهلوي ، والمرتشي بزنس مان يأخذ نسبة مقابل خدمته او هدايا وهبات تعبيرا عن الامتنان . إن تسمية الأشياء بغير مسمياتها الصحيحة والوقوع في فخ التنازلات سببه التهاون مع هذه الفئات التي هي نكرة حتى لو أضفنا له التنوين . وتصبح معرفة وواضحة في تعريفها حين يضاف لها قيم المحاسبة والردع والأخلاق ونبذ المجتع لهذه الفئات الضالة .
دمتم بجرأة الطرح وليأتِ اليوم الذي يرتقي فيه المجتمع ويصبح أمة الشدّة التي تشد الخناق على رقاب الفاسدين ، وتنتقل من أمة السكون إلى أمة الحركة والفعل .
///
- رسالة غانية ملحيس إلى نهى العايدي
عزيزتي نهى
تحية تليق بنبل الحرف وجرأة الفكرة، لقد جعلت من التنوين موقفا. كلماتكِ يا نهى كأنها سفرٌ في بلاغة اللغة، ومرآةٌ صافية تعكس وجع المجتمع حين تختل موازين القيم، ويغدو الرفع للفساد والنصب للأخلاق، والجرّ انجرافا جمعيا نحو الهاوية.
في تأملكِ العميق لمعاني التنوين، جعلتِ من النحو مرآةً للواقع، ومن اللغة سلاحا نبيلا في وجه التزييف، فارتقت كلماتكِ من مجرد تحليل لغوي إلى موقف إنساني وأخلاقي يوقظ الوعي، ويعيد للألفاظ روحها الأولى قبل أن تشوهها المواربة والتبرير.
كم هو جميل أن نجد بيننا من يُعيد للكلمة وظيفتها المقدسة، لا لتزيين القول، بل لتقويم الفعل، ومن يجعل من اللغة ميثاقا أخلاقيا لا يباع في أسواق البلاغة.
دمتِ قلما مضيئا يزرع المعنى في أرض عطشى للصدق، ودام حضوركِ منارة تذكّرنا أن الكلمة، حين يتولاها مثقف مستنير، تصبح فعلا من أفعال النهوض.
///
- رسالة غسان جابر إلى نهى العايدي
الأستاذة الفاضلة نهى،
تحية تقدير واحترام،
قرأت تعليقك البديع على بلاد التنوين بمتعةٍ فكرية حقيقية، ووقفت أمام عمق تحليلِك اللغوي والاجتماعي بإعجابٍ لا يخلو من ابتسامةٍ على هذا التوظيف الذكي لتنوين النصب والضم والجر في توصيف واقعٍ تتصارع فيه القيم والمفاهيم. لقد أحسنتِ التقاط جوهر الفكرة التي أردت إيصالها في المقال — أن الفساد ليس فعلاً فرديًا بقدر ما هو نتاج ثقافةٍ أُعيد تشكيل لغتها حتى أصبح “النصاب فهلويًا”، و”العصامي درويشًا”.
ما كتبتهِ يضيف طبقة جديدة من القراءة، تربط بين نحو اللغة ونحو الأخلاق، وبين حركات التنوين وحركة المجتمع في مسار الانحدار أو النهوض. أعجبتني عبارتك اللامعة عن “تنوين الجر” حين انجرّ مجتمعٌ بأكمله، فهي تلخص مأساة الانزلاق الجماعي نحو التطبيع مع الخطأ وتجميل القبح.
إن ما يميّز تعليقك ليس النقد فحسب، بل الأمل الذي ختمتِ به، حين دعوتِ إلى أن نصبح أمة الشدّة التي لا تكتفي بالسكوت بل تتحرك نحو الفعل، وهذا هو جوهر التحوّل الذي نحتاجه جميعًا: أن نُعيد للكلمة معناها، وللصوت العربي وزنه، وللقيم سلطانها.
لكِ خالص الشكر على هذا التفاعل العميق الذي يثري الحوار ويمنح النص حياةً أبعد من سطوره.
دمتِ قلمًا يضيء مساحة الوعي وذائقةً راقية تليق بفلسطين الكلمة والموقف.
مع أطيب التحيات
غسان جابر