كنت امشي في طريقي المألوف مشيتي المعتادة الوئيدة، والريح عالية، والشمس براقة، والجو قارص البرودة.. امشي ووشاحي القديم المتهريء يلحف رقبتي وأذنيّ. أمرّ من جنب الأشجار التي جلدها برد الشتاء وأسقَط ربيعها وكنت أزحف في طريق يعج بأوراق ميتة تجرفها الريح طول طريقي إلى المدرسة حيث كنت في الصف المنتهي. وأتباهى بأنني لم أغب يوما طوال سنوات الدراسة، متأملا في أمنياتي الكبيرة والكثيرة التي في كل مرة تختلط بما حولها لتفرز تساؤلات جديدة.. كان حينها يؤانسني عصفورٌ يرفرف تارة ويهبط أخرى، فرحا مملوئا بالسعادة والأمل اللتين يستمدهما من نور الشمس البراقة فكلما يحطّ يرفع رأسه نحوي أرمق في عينيه المستدريتين المتلئلئتين كنور الشمس كأنه كان يرقبني بعين ثم يحدق عليّ بالأخرى وحنجرته تضخ بأسرع من اي نبض وظلّ يرقبني بثبات إلى أن إنتهت تغريداته الرنانة ورفّ بهدوء ربما هو الاخر كان يصغي اليها. رجعت بعدها إلى أمنياتي والأشجار المتعرية وكنت أتمنى وأتمنى وأتمنى ولكن هل بإمكان الأماني أن تزرع زهرة أو تقطع شجرة أو تحمل بندقية لتخيف بها الصافير؟!! هكذا تساءلت وأنا امشي بين تلك الأشجار التي ذُبحت تحت سيوف الشتاء وإن العصافير تحاول وسعها لتواسي الأرض وتعيد للأشجار حياتها..
في تلك الساعة المبكرة وبين الصراع المتصاعد بين أمنياتي ومخاوفي الذي نتج عن ألم عنيف داخلي وبدأت أطلق الأهات الجريحة التي بدت وكأنها أغاني نهاوندية وجعلت أشعر بالملل والألم. فكيف لي أن لا اشعر بكليهما فهل السكون الذي يحدثه الملل كالسكون الذي يحدثه الألم؟؟؟؟
يالعجب ماأرى!! ماذا يحدث هذا الصباح، إنه شيء غير عادي. نظرت بشكل دائري حول حدود المنطقة المرئية .. رأيت الناس يتسللون كالأشباح إلى حيث أعمالهم ولمحت السيارات تخطف بسرعة، تساءلت والتساءل بداية الوصول إلى الحقيقة كما يُقال. وأنا أشاهد لفيف من التلاميذ الصغار ذي علامات الجدارة ذاهبين إلى مدارسهم وكأنهم بصخبهم العالي يناغمون العاصفير من حولهم، عدت بذاكرتي إلى الماضي، إلى القرية الهادئة وأصطفت في خيالي صور الطفولة وتضخمت ذاكرتي شيئا فشيئا وتكونت أمامي وكأنني أراها في الواقع وأنا اطأطأ رأسي خشية أن يتصدع من البرد كنت أسترجع صور الأصدقاء في الطفولة.. وفجأة عصفت بي الأرض ونٌسفت وإنتقل شريط الذكريات بأقصى سرعة إلى ساحة الشعور الواضح وأنا أرى شضايا الأنفجار وبقايا إحتراق قد قطعت أواصر التناغم بين العصافير والتلاميذ لأن الأنفجار قد شظّى بعض التلاميذ الى حيث العصافير تحلق وأسقط بعض العصافير هاوية مكان الأطفال... لم تسلم حتى البراءة من تلك المفخخة المجوسية. عندها رحت هارعا إلى حيث الاطفال يُصرعون مزمّلا إياهم بوشاحي الذي يكاد يتمزق من شدة الفزع ومحاولا نقلهم إلى سيارات الإسعاف ... وبعد لحظات كان الفناء خاليا وقلبي يردف بدقاته وكأنني اسمعها في الخارج ومع السكون ظهر لي ذلك العصفور وعاود يرمقني وينصت الى دقات قلبي وصراخي الذي يمتد عبر شمس الظهيرة: قتلوا العصافير.. قتلوا العصافير.
في تلك الساعة المبكرة وبين الصراع المتصاعد بين أمنياتي ومخاوفي الذي نتج عن ألم عنيف داخلي وبدأت أطلق الأهات الجريحة التي بدت وكأنها أغاني نهاوندية وجعلت أشعر بالملل والألم. فكيف لي أن لا اشعر بكليهما فهل السكون الذي يحدثه الملل كالسكون الذي يحدثه الألم؟؟؟؟
يالعجب ماأرى!! ماذا يحدث هذا الصباح، إنه شيء غير عادي. نظرت بشكل دائري حول حدود المنطقة المرئية .. رأيت الناس يتسللون كالأشباح إلى حيث أعمالهم ولمحت السيارات تخطف بسرعة، تساءلت والتساءل بداية الوصول إلى الحقيقة كما يُقال. وأنا أشاهد لفيف من التلاميذ الصغار ذي علامات الجدارة ذاهبين إلى مدارسهم وكأنهم بصخبهم العالي يناغمون العاصفير من حولهم، عدت بذاكرتي إلى الماضي، إلى القرية الهادئة وأصطفت في خيالي صور الطفولة وتضخمت ذاكرتي شيئا فشيئا وتكونت أمامي وكأنني أراها في الواقع وأنا اطأطأ رأسي خشية أن يتصدع من البرد كنت أسترجع صور الأصدقاء في الطفولة.. وفجأة عصفت بي الأرض ونٌسفت وإنتقل شريط الذكريات بأقصى سرعة إلى ساحة الشعور الواضح وأنا أرى شضايا الأنفجار وبقايا إحتراق قد قطعت أواصر التناغم بين العصافير والتلاميذ لأن الأنفجار قد شظّى بعض التلاميذ الى حيث العصافير تحلق وأسقط بعض العصافير هاوية مكان الأطفال... لم تسلم حتى البراءة من تلك المفخخة المجوسية. عندها رحت هارعا إلى حيث الاطفال يُصرعون مزمّلا إياهم بوشاحي الذي يكاد يتمزق من شدة الفزع ومحاولا نقلهم إلى سيارات الإسعاف ... وبعد لحظات كان الفناء خاليا وقلبي يردف بدقاته وكأنني اسمعها في الخارج ومع السكون ظهر لي ذلك العصفور وعاود يرمقني وينصت الى دقات قلبي وصراخي الذي يمتد عبر شمس الظهيرة: قتلوا العصافير.. قتلوا العصافير.