رسائل الأدباء : رسالة من العلامة محمد المختار السوسي إلى الحاكم مسيو كوجي

إلى الحاكم العسكري الفرنسي لمراكش مسيو كوجي عند مطالبته بالرخصة لمدرسته بزاوية والده بدرب الزاوية بالرميلة

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه

الحاكم المحترم مسيو كوجي

ـ احتراما وتحية

ذكرتم لي أمس أن سيادة الجنرال أوعز بأن أقدم طلب الرخصة من الحكومة لمكتبنا الذي بزاويتنا رقم 3 درب الزاوية بالرميلة، وأجبتكم بأنني سأنظر في ذلك وأتروى والآن أجيب بما يلي: هذا الذي عندنا مكتب قرآني ليس بالمدرسة، وما حمل قط هذا الإسم منذ ابتدأ عام 1348هـ إلى الآن، وكل ما في الواقع أن الزاوية لها فقراءها، كما هي عادة الزوايا في أنحاء المغرب قاطبة، ثم إن هؤلاء الفقراء يعلمون أولادهم في زاويتهم القرآن الكريم وما يتبع ذلك من الأجرومية وابن عاشر والمتون الصغار، وبعض أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا كل ما هنالك بغير زيادة ولا نقصان، ثم صار بعض الجيران يلحقون أولادهم بالزاوية، فكانوا يتراوحون بين الخمسين إلى الستين ونحو ذلك، ولا اشتغال لهؤلاء إلا استظهار القرآن وتعلم مبادئ العربية والدين ـ كما ذكرنا ـ ومكتب له هذه المزايا فقط هو بمنزلة المكاتب التي امتلأ بها القطر المغربي من أوله إلى آخره، وهذا المكتب مثل كل هذه المكاتب يعمه ما يعمها، وعلى الحكومة أن تنظر إليه بالنظر الذي تنظر به إلى غيره، لأنه لم يخرج قصد عما كان له لا يمنة ولا يسرة، وهذه السنوات الثمانية شاهدة بذلك. هذا عمل المكتب الذي يسير به معلمو القرآن، ومبادئ الدين، كما تسير كل المكاتب غيره، وقد جعلت لذلك من يقوم به، حيث إنني مشتغل بالدروس العمومية، التي ألقيها في المساجد العامة على الطلبة الأفاقيين الذين ينتابون المساجد الكبرى بمراكش، وعلى طلبة الحاضرة الذين أتموا دروسهم الابتدائية في المكاتب القرآنية. وبعد: فما الذي أوجب أن أطالب أنا وحدي في المغرب كله بهذا الطلب، مع أن محلنا هذا قد برهن في هذه السنوات على سيره الهادئ، وعلى التثبت في الدين، يقرأون فيه القرآن ومبادئ الدين والعربية كما هي عادة جميع المكاتب الحضرية من عهد بعيد، وتقبلوا عظيم احترامي.


8 رمضان 1355 هـ

محمد المختار السوسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى