* مُهْدى إلى أمّي، وإلى جميع أمّهات الأرض
لا وسادةَ، بعد رُكْبَةِ الأمّ
تستطيع تهدئةَ حَرْبَ المخاوفِ في الجُمْجُمَة
لا وَصْفَ للجوهريّ وهو يمشي على قدمين
سوى دهشةٍ من شهيق البُهوت
لا مفاتيحَ لصندوقِ سرّ الأنوثةِ حتّى
نرى زهرةً تتفتّح من َحَجَرِ الغُبن
أو كواكبَ
تتعثّرُ خجلانةً في مدار اختباراتِ أُمٍّ
يدها تحطُّ
بأخفَّ من وَزْنِ الفراشةِ فوقَ الجَسَدْ
يدُها التي طلَبَهَا أبي قبل ولادتي
أطلبها الآن عروسَ المجاز
يدُها رعشةُ القنديلِ في حُلكةِ البال
مذ مزّقتْ عن جِسْمِها ثوبَها لصنع القماط
إلى آخر ما تبقّى على جلديَ الآن من أثرِ أوجاعِ الرَّحِم
أميّ تصير مطراً هادئا
حين يركبُ أبي حصانَ الرّعد
تصير حقلاً من شعيرِ العواطف
حين يَنْفَدُ محصولُ المحبّةِ في عنابرِ الآخرين
تُمْسِكُ أبناءَها واحداً إثر آخرَ من أقدامهم
تغْمِسُهمْ في حوضِ ماءِ مشيمةٍ ثانيةٍ
تُحصِّنُهُمْ من نِبَالِ النّحُوس
لا نلتفتُ للجنّةِ التي تطلّ علينا من تحت قدميها
إلاّ بعد أن نصير في الطَرَفِ الآخرِ من غابةِ الوَحْش
لم أسمعْ أبي ينادي عليها باسمِها قَطّ
كأنّ اسمَها حرَمٌ تخلع اللغة نَعْلَها لتدخلَ إليه
كأنّ اسمَهَا لا يَسَعُهَا
كأنَّ اسمَها قطرةٌ في مُحيط
ورقةٌ فقط في حَقْلِ بُرْتُقَالٍ مُعْتِمٍ
يدخلُ أبي البيتَ تتبَعُهُ صحراءُ الهموم
مثل كلبٍ أسودٍ في حلمٍ
فتصنع الأمُّ، لا أعرف كيْفَ، ساقيةً من الكلمات
تبردُ فيها قَدَمَاه
قد يصمتُ الأبُ مثل جبلٍ وعْرٍ، يصعُبُ تسلُّقُهُ
فنكتفي
مثل رعاةٍ فقدوا أغنامَهُمْ في مَتَاه
بالجلوس عند سفوحِ الأمّ
هي لا تتعبُ من لعب دورِ الِّجسْرِ لنا
لنعبر خندقَ المهابةِ إلى الأب
يلعب الأبُ دورَ شمسٍ حارَّةٍ
تلعب الأمُّ دورَ غَيْمةِ الظلِّ الوحيدة
يمرضُ الأب، يتفّق الحُبُّ أكثر، تنفتحُ النوافذُ
الكلماتُ تصبح حلوى طريّةً في أفواه الجميع
ثمّة طفلٌ جميلٌ يطلُّ من عينيه
أمُّنَا أمُّهُ تحت سُلْطَانِ الضَّرُورة
لا أعرفُ من أين تعلّمتْ هندسةَ ترميمِ شُروخ العيش
نملةُ البيتِ
لا تكفّ عن جرّ أسباب الوجودِ من حيث لا نحتسبْ
"ربيعةُ" اسمها السريّ
لم أتعلّم نطقَهُ إلاّ حين صرتُ أباً
لها طَلَّةُ الفَجْر
لها قُبْلةٌ بمذاق كوخٍ دافئٍ في الشتاء
ولها قِبلةٌ غير مرئيّةٍ
تخيطُ لنا فيها أدعيةً بمقاساتٍ أكبر من أحلامنا
كأنّها منزلُ المنزلِ،
تحيط بهِ، أكثر ممّا يحيطُ بها
يتبعُها حين تخرجُ مثل خروف
يتنحّى الأبُ مع التقدّمِ في العُمْرِ عن سُلْطةِ البيت
كما تتنحّى شرنقةُ التأسيس عن فراشةِ الحقيقة
كلّما كَبُرَتْ، لألأت في ليلِ عينيها النُّجوم
روحُها موجةٌ تسبقُ جسدَهَا إلينا قبل أن نصل إليها
روحُها فتيلةٌ مغموسةٌ في زيتِ أحزانها
تضيءُ زجاجَ الجسد
تفوح أصابعُها بريحان الرغيف قبل رائحة الرّغيف
طفولتُهَا مجهولةٌ كحجرٍ في قاع بئرٍ
دخلتْ بالزواج المُبكِّرِ تربةَ التجربة
مثل كرمةِ تينٍ
لتثمرَ قبل أن يكْمل الوقتُ هندسةَ الغُصْن
جُرْحُهَا لا يسيل سوى ببياض أنساغها
وُلِدَتْ يوم تحوّلَ الحطبُ على يدها إلى جمر معنى
يومَ أمسى العجينُ تحت عضلات ذراعيها أبجديّةَ مِلْحٍ
يومَ شدّت على ظهرها "ببشكيرها" أُعْطِيَاتِ السَّماء
وُلِدَتْ تفتح البابَ حين يطرقه خطأُ النسيم
وُلدتْ عتبةً
تنتظر وقوفَ الضُّيُوفِ على العَتَبَة
ولدتْ تمسح الغُبار عن مرايا الصباح
وتحكّ الصَّدَأ
من على مقبضِ باب مُستقْبَلٍ مُمْكنٍ
وُلدتْ مكاناً لتعبِ المكان
وُلِدَتْ من تفاصيل وجَعٍ يقصمُ ظهر اللغة
وُلدتْ من تنهّدِ رئةِ الله في لحظةِ الطَّلْقِ
ومن حنجرة الغُصَص
وهاويةِ الخوْفِ
وكيمياءِ كيونونةِ النّار في شتاءات كانُونها
تصنع ممّا يجودُ به الزمنُ من قَطَرَاتِ فرحٍ صغيرةٍ
شلاّلاتِ غِبْطَة
وُلِدَتْ واضحة..
مثل تُفّاحةٍ على مائدةِ البداهة
تطردُ عن عمامة أبي نَحْلَةَ الَحسَدِ،
تغسلُ بصابونةِ الموهبةِ الماءَ من سأمِ اللاحركة
لا يكلّمها أبي كلام الحبّ، لكنّه
يَغْرَقُ في طينِ التعثّرِ حين تتركُهُ وحيدًا
أبي عمودُ خيمةٍ
مضروبةٌ أوتادُها في ترابِ كِبْدَتِهَا الصامتة
نُطِلُّ على قِدْرِهَا، أكثرَ ممّا نطلُّ على صَدْرِهَا،
فتفرغُ مشاعرَها نحونا داخلَ القِدْرِ كيلا
يتقطّعَ حبل السُرّة الخفيّ مع الوَقْت.
لها فلسفةُ الجاذبيّة
في مقاومة انفلاتِ قلوبنا الممكنِ من حليب هويّتها
تحارب الغيابَ ..
بغراسةِ النباتاتِ في كلّ رُكْن
لها منطقُ الطيرِ في صياغة العشّ
ندركُ بكاءَهَا دائماً متأخّرين
حزنُها خلوةٌ، وسرورُهَا يتوزّعُ كالمأْدُبَة
تجرح في الأعراس العائليّةِ الهواءَ
بسكّين زغرودةٍ يبهتُ لها الملائكةُ والشياطين
تصمتُ كسمكةٍ في بْحِر غضَبِ الأب
وتنهض دفاعاً عن عرين كرامتِهِ كلبُؤة
لا تكفُّ عن ترقيعِ مِعْطَفِ جدوى الحياة
لا تكفُّ عن الذهاب والإياب
فوق صراط قلقٍ، لا تكفُّ
عن مراقبة المجهول وراء الباب
يعصرها الغيابُ مثلَ حبّةِ ليمونٍ صُلْبَةٍ
كلّما هرِمتْ
تضخّم قلبها مثل اسفنجة بالدموع الحبيسة
كأنْ ليس لها قبل أن تتزّوج ماضٍ
أمسُهَا ولادة أبنائها
غدها معلّقٌ بالطيورِ التي هاجرتْ
***
يهطلُ الصمتُ ما بينها وأبي مثل ثلج
وهما يشيخان وحيدين معا
يُومضان لبعضهما
كشمعتين في عُتمةِ الوقت
30/07/2016
لا وسادةَ، بعد رُكْبَةِ الأمّ
تستطيع تهدئةَ حَرْبَ المخاوفِ في الجُمْجُمَة
لا وَصْفَ للجوهريّ وهو يمشي على قدمين
سوى دهشةٍ من شهيق البُهوت
لا مفاتيحَ لصندوقِ سرّ الأنوثةِ حتّى
نرى زهرةً تتفتّح من َحَجَرِ الغُبن
أو كواكبَ
تتعثّرُ خجلانةً في مدار اختباراتِ أُمٍّ
يدها تحطُّ
بأخفَّ من وَزْنِ الفراشةِ فوقَ الجَسَدْ
يدُها التي طلَبَهَا أبي قبل ولادتي
أطلبها الآن عروسَ المجاز
يدُها رعشةُ القنديلِ في حُلكةِ البال
مذ مزّقتْ عن جِسْمِها ثوبَها لصنع القماط
إلى آخر ما تبقّى على جلديَ الآن من أثرِ أوجاعِ الرَّحِم
أميّ تصير مطراً هادئا
حين يركبُ أبي حصانَ الرّعد
تصير حقلاً من شعيرِ العواطف
حين يَنْفَدُ محصولُ المحبّةِ في عنابرِ الآخرين
تُمْسِكُ أبناءَها واحداً إثر آخرَ من أقدامهم
تغْمِسُهمْ في حوضِ ماءِ مشيمةٍ ثانيةٍ
تُحصِّنُهُمْ من نِبَالِ النّحُوس
لا نلتفتُ للجنّةِ التي تطلّ علينا من تحت قدميها
إلاّ بعد أن نصير في الطَرَفِ الآخرِ من غابةِ الوَحْش
لم أسمعْ أبي ينادي عليها باسمِها قَطّ
كأنّ اسمَها حرَمٌ تخلع اللغة نَعْلَها لتدخلَ إليه
كأنّ اسمَهَا لا يَسَعُهَا
كأنَّ اسمَها قطرةٌ في مُحيط
ورقةٌ فقط في حَقْلِ بُرْتُقَالٍ مُعْتِمٍ
يدخلُ أبي البيتَ تتبَعُهُ صحراءُ الهموم
مثل كلبٍ أسودٍ في حلمٍ
فتصنع الأمُّ، لا أعرف كيْفَ، ساقيةً من الكلمات
تبردُ فيها قَدَمَاه
قد يصمتُ الأبُ مثل جبلٍ وعْرٍ، يصعُبُ تسلُّقُهُ
فنكتفي
مثل رعاةٍ فقدوا أغنامَهُمْ في مَتَاه
بالجلوس عند سفوحِ الأمّ
هي لا تتعبُ من لعب دورِ الِّجسْرِ لنا
لنعبر خندقَ المهابةِ إلى الأب
يلعب الأبُ دورَ شمسٍ حارَّةٍ
تلعب الأمُّ دورَ غَيْمةِ الظلِّ الوحيدة
يمرضُ الأب، يتفّق الحُبُّ أكثر، تنفتحُ النوافذُ
الكلماتُ تصبح حلوى طريّةً في أفواه الجميع
ثمّة طفلٌ جميلٌ يطلُّ من عينيه
أمُّنَا أمُّهُ تحت سُلْطَانِ الضَّرُورة
لا أعرفُ من أين تعلّمتْ هندسةَ ترميمِ شُروخ العيش
نملةُ البيتِ
لا تكفّ عن جرّ أسباب الوجودِ من حيث لا نحتسبْ
"ربيعةُ" اسمها السريّ
لم أتعلّم نطقَهُ إلاّ حين صرتُ أباً
لها طَلَّةُ الفَجْر
لها قُبْلةٌ بمذاق كوخٍ دافئٍ في الشتاء
ولها قِبلةٌ غير مرئيّةٍ
تخيطُ لنا فيها أدعيةً بمقاساتٍ أكبر من أحلامنا
كأنّها منزلُ المنزلِ،
تحيط بهِ، أكثر ممّا يحيطُ بها
يتبعُها حين تخرجُ مثل خروف
يتنحّى الأبُ مع التقدّمِ في العُمْرِ عن سُلْطةِ البيت
كما تتنحّى شرنقةُ التأسيس عن فراشةِ الحقيقة
كلّما كَبُرَتْ، لألأت في ليلِ عينيها النُّجوم
روحُها موجةٌ تسبقُ جسدَهَا إلينا قبل أن نصل إليها
روحُها فتيلةٌ مغموسةٌ في زيتِ أحزانها
تضيءُ زجاجَ الجسد
تفوح أصابعُها بريحان الرغيف قبل رائحة الرّغيف
طفولتُهَا مجهولةٌ كحجرٍ في قاع بئرٍ
دخلتْ بالزواج المُبكِّرِ تربةَ التجربة
مثل كرمةِ تينٍ
لتثمرَ قبل أن يكْمل الوقتُ هندسةَ الغُصْن
جُرْحُهَا لا يسيل سوى ببياض أنساغها
وُلِدَتْ يوم تحوّلَ الحطبُ على يدها إلى جمر معنى
يومَ أمسى العجينُ تحت عضلات ذراعيها أبجديّةَ مِلْحٍ
يومَ شدّت على ظهرها "ببشكيرها" أُعْطِيَاتِ السَّماء
وُلِدَتْ تفتح البابَ حين يطرقه خطأُ النسيم
وُلدتْ عتبةً
تنتظر وقوفَ الضُّيُوفِ على العَتَبَة
ولدتْ تمسح الغُبار عن مرايا الصباح
وتحكّ الصَّدَأ
من على مقبضِ باب مُستقْبَلٍ مُمْكنٍ
وُلدتْ مكاناً لتعبِ المكان
وُلِدَتْ من تفاصيل وجَعٍ يقصمُ ظهر اللغة
وُلدتْ من تنهّدِ رئةِ الله في لحظةِ الطَّلْقِ
ومن حنجرة الغُصَص
وهاويةِ الخوْفِ
وكيمياءِ كيونونةِ النّار في شتاءات كانُونها
تصنع ممّا يجودُ به الزمنُ من قَطَرَاتِ فرحٍ صغيرةٍ
شلاّلاتِ غِبْطَة
وُلِدَتْ واضحة..
مثل تُفّاحةٍ على مائدةِ البداهة
تطردُ عن عمامة أبي نَحْلَةَ الَحسَدِ،
تغسلُ بصابونةِ الموهبةِ الماءَ من سأمِ اللاحركة
لا يكلّمها أبي كلام الحبّ، لكنّه
يَغْرَقُ في طينِ التعثّرِ حين تتركُهُ وحيدًا
أبي عمودُ خيمةٍ
مضروبةٌ أوتادُها في ترابِ كِبْدَتِهَا الصامتة
نُطِلُّ على قِدْرِهَا، أكثرَ ممّا نطلُّ على صَدْرِهَا،
فتفرغُ مشاعرَها نحونا داخلَ القِدْرِ كيلا
يتقطّعَ حبل السُرّة الخفيّ مع الوَقْت.
لها فلسفةُ الجاذبيّة
في مقاومة انفلاتِ قلوبنا الممكنِ من حليب هويّتها
تحارب الغيابَ ..
بغراسةِ النباتاتِ في كلّ رُكْن
لها منطقُ الطيرِ في صياغة العشّ
ندركُ بكاءَهَا دائماً متأخّرين
حزنُها خلوةٌ، وسرورُهَا يتوزّعُ كالمأْدُبَة
تجرح في الأعراس العائليّةِ الهواءَ
بسكّين زغرودةٍ يبهتُ لها الملائكةُ والشياطين
تصمتُ كسمكةٍ في بْحِر غضَبِ الأب
وتنهض دفاعاً عن عرين كرامتِهِ كلبُؤة
لا تكفُّ عن ترقيعِ مِعْطَفِ جدوى الحياة
لا تكفُّ عن الذهاب والإياب
فوق صراط قلقٍ، لا تكفُّ
عن مراقبة المجهول وراء الباب
يعصرها الغيابُ مثلَ حبّةِ ليمونٍ صُلْبَةٍ
كلّما هرِمتْ
تضخّم قلبها مثل اسفنجة بالدموع الحبيسة
كأنْ ليس لها قبل أن تتزّوج ماضٍ
أمسُهَا ولادة أبنائها
غدها معلّقٌ بالطيورِ التي هاجرتْ
***
يهطلُ الصمتُ ما بينها وأبي مثل ثلج
وهما يشيخان وحيدين معا
يُومضان لبعضهما
كشمعتين في عُتمةِ الوقت
30/07/2016