نصوص بقلم نقوس المهدي

لا تسألوني الضبطَ مُتْقَناً كالرَّبطِ مُتْقَناً بعد الآنَ. الأعالي مُخَبَّلَةٌ مزَّقْت صُدْرَتها، والأسافلُ مُخبَّلةٌ كالأنحاءِ الخَبَلِ لا تُرتجى بعد الآن. ركبتايَ خارتا، والسماءُ خارتِ. الْسماءُ يُصلحِها الغزاةُ. الْسماءُ العطْلُ. الْسماءُ الوَزْرَةُ بالدمِ عليها من شَلْشَلهِ. اْلسماءُ شدوُ...
لو أردنا أن نلخص العلاقة بين الشعر والسرد في تراثنا العربي لقلنا إنها علاقة مرتبكة. وتعود مسؤولية هذه العلاقة المرتبكة في تكوينها إلى ثلاثة أبعاد: دينية وسياسية وثقافية. وهي أبعاد متداخلية التأثير، متشعبة الحضور في سياق الثقافة العربية، بدءاً بمرجعية التصور، ومروراً بمكونات الإنتاج، وانتهاء...
(1) بورتريه مصوَّر للحفيدة صورة فوتوغرافيَّة عَتيقة بإطارٍ خشبيّ لفتاةٍ ساذجة على أبواب عامها العشرين؛ هي التذكار الوحيد الذي حملتهُ بين يدي وأنا أغادرُ منزل جدّتي بعد وفاتها بأسبوع. نسيتُ أن أقول، إنَّ فتاة الصورة صاحبة الوجه الممتلئ، والقرط الضخم، والشعر الكثيف المموّج، ونظرة العينين...
* إلى اخوتي وأصدقائي في جرادة المغربية وهم يتحركون لأجل الحياة بعد غلق منجم الفحم الحجري منذ سنوات . عرَقُ أسودُ فوق أرض يكحّل تربتها الفحمُ والفحمُ كالثلج في بردها لم يعدْ يتحمّله الموْقد يا شتاءً يطولْ هل جرادةُ يُحزنها الليلُ أمْ أنها حين تفتح للشمس أعينها تختفي الشمس في لحظة وتزولْ ؟ هي...
ابني الكبير في الصف الثاني, البنت في الصف الأول, والصغير مازال في البيت. في يوم الأحد كانت الأسرة كلها مجتمعة. وفي أيام الآحاد. كنا نستلم خمسة صحف أما في أيام الأسبوع العادية فثلاث. ـ جدتي, ماذا تعني كلمة ستربتيز (stripteasee) ؟ سأل الولد. كانت الجدة تكوي البياضات في الغرفة نفسها. ـ اخرس. من أين...
توعّدتني قاضية الأسرة بالويل والثبور، وهي تحيل الكلمة إلى لسان الدفاع علّه يخفّف عني عقوبة الخيانة. جالت ببصرها قلقة في أرجاء المحكمة، وعندما التقت عيناها بعينَي النائب العام أومأ لها بشفقة. أدركت أن لا محامي لدي، وأنني سأتولّى قضيتي كما فعلت دوماً بمفردي. كان علي إخبارها أن الغادة التي ضبطتها...
في إحدى المَمْلكات الصَّغيرة و النَّائية، إنتظر وليُّ العهد بفارغ الصّبر وفاة والده ليرِث عنه المُلك. كان الأمل يحْذُوه، مع كلّ إنبلاجٍ لِفَجر يومٍ جديد، أَن يُفيق من نومه على بُشرى موت أبيه و إستلامه العرش. تَتالت السّنون سنةً تلو سنة و الرّجل يعيش على ذلك الأمل حتّى يئِس من نيل مُراده و الوصول...
عندما هطلت أمطارُ مجيئِها نبتت في المجدب من نواحي روحي الأزاهرُ و أشرقت..أشرقت إشراقاً مؤكداً. تويجات الأزاهر هادئة الألوان تلك، قد ملأت المكان بالفرح و أرسلت من إنعكاس ضوء الشمس عنها إبتسامات قد سافرت بالفعل لتهدي للسحاب ألوان قوس قزح. يعبر خطوُها المُطْرِب الدربَ المتموج بالجمال كظهر الحبيبة...
الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة حيث كتب عن القاصة لبنى ياسين : "القاصة الشابة لبنى محمود ياسين أدهشتني في أول مجموعة قصصية لها , تلك التي صدرت بعنوان " ضد التيـار " , والدهشة هي الانطباع الوحيد الذي يؤكد الجـدارة , فالأدب الجيـد هو الذي يدهش ويثير ذلك المزيج الساحر من التجاوب بالعقل مع ما يلمس...
شهرزادُ تستعدُ لتحكي الحكاية، تلملمُ أطرافَ شعرها الأسودَ الطويل عن وسادةٍ حِيـْكتْ بخيطانِ وهمٍ متعب، لا لونَ للوسادةِ غيرَ أنَّها باهتة، لا لونَ للستائر المنسدلةِ دون معنى على نافذةِ الحقيقة، تتساءلُ شهرزاد بينها وبين نفسها: أينَ اختفتْ كلُّ تلكَ الألوان الزاهية؟هل يمكنُ للحكايةِ أنْ تُروى...
تتراءى لى الآن كل رسوماتى وصوت المعلمة الآتى من بعيد يقول " أحسنت يا أحمد...ما أروع ألوان الطبيعة التى تجيد رسمها ..وما أروع مزجك للألوان....حين تنشر الخضار ربيعا في الحياة ، وبالأحمر ترسم ورودا جورية رائعة ، وبالأصفر لون الشمس الذهبية المسترسلة في جنبات المكان باعثة الدفء والنور في القلوب...
الساعة السادسة أقلعت الطائرة وكان النهار قد مضى متثاقلاً يحمل معه عشرين يوماً تؤرق النفس التي لا يهين عليها الفراق وأي فراق كان , إلى أقاصي الشرق حيث تشرق شمسها قبل شمسي بفارق خمسة ساعات, وعدنا لا نلتقي إلا بالذاكرة والقلب الذي ينبض باسم الآخر, فماذا ينطوي عليك بهذه الحال أن تفعل؟ تخيل أنك في...
لا أفهم ما بعتريني حين أرفع عيني لأرى صورته، كأنني أسمع أنفاسه وهو قادم لزيارتي يطوي الدرج ليدخل عبر الباب مبتسما : أختي الغالية لا أشعر بالسعادة إلا حين أكون بقربك، ليتك كنت قريبة منا ، ولم تحملك الأقدار منفردة هنا في هذه المدينة بعيدة عنا. إنني أختي هناك أشعر بغربة . كثيرا ما كنت أذهب لزيارة...
من خلف قضبان النافذة التي قادوني إليها رأيت صاحبي، العالم الذي اخترع حبر كتاب الأسرار، يساق إلى منصة الإعدام. رأسه محني إلى الأرض، وحركة جسده تشي بالإرهاق. اختلج قلبي بين ضلوعي، وأحسست بالخواء يغزو ساقيّ... وحين تهاوى الجسد الفارع على أثر الطلقات المتدفقة، دون رحمة، من فوهات بنادق كتيبة...
من وراء ستار النافذة وقفت تودع تلك الحارة التي عاشت بين جنابتها أيام فرح وسنوات عذاب , وشهدت جدرانها ولادة قصة حبها مع جارها المهندس القادم من اعماق الصعيد , بدا على وجهها علامات الإستغراب وكأنها لاتصدق ان أهل الحارة الذين يتسابقون الأن لتقديم التهاني ويشاركون في تعليق الزينات و ترتيب الفراشة و...
أعلى