أحماد بوتالوحت

من يَقِين الضَّوء كانت الإِبَر تَرْفُو جَوارِب مَا زَال الخُرَاج رَهِيناً بِأصَابِعها ومِن جِدَار المِدْفأة إتَّخَدت الأحْذية مُتَّكَأ وأسْبَلت سُيورَها تَوَالَت إِيحَاءات ألسِنة الَلهب فِي مَحَاجِرالمَوَاقد وفي مُنْخَفضات الليل لَوَت الحَدَوات أعْناقَها بَيْنَما عَبَرت أرْصِفة البِرَك ، سُحب...
- لم تعُد تفصلنا عن التلّة إلا أمتاراً قليلة . قال إبراهيم ، ثم تابع سيره ملتحقاً بأصدقائه الذين أصبحوا بعيدين عنه وعن عمران . كان إبراهيم قد حكى لِرِفاقه عن الجمل المجنح الذي يُرى محلقاً من رأس إحدى التلال المحيطة بالقرية . وفي ليلة اليوم الذي سمع فيه عمران الحكاية ، رأى في المنام ذلك الجمل...
عَائِد مِن عُمْق اللَّيل ، تَتَلاحَق أنْفَاس فَرْدَة حِذائِه الوَحِيدة شَبَح يَنُوء تَحْت أيَّام صُندوقه الخشَبِي، الَّذي كَالتَّابُوت . كان سَعِيدا مَاَدام فيه شَيْء مِن الوُجُود، قيْد الحياة مَحَا الزَّمَن كُل ذِكْريَاته القديمة وسقط نهْر الأيَّام فِي النِّسْيان . كَان الضَّباَب الَّذي...
لقد كان صَباح أحَدٍ مُتْخَم بِالهُموم ، كَرُبَّان خائِر شَاخَت في الخُلْجَان جميع سُفُنه كان ثَمَّة قَلِيل من السَّماء في الأعْلى ، ومَلائِكة يَسْتَغرقها الحَنين سَحابَة عَجُوز ، خانَتْها خُطاها فَسدَّت عيْن الأُفُق . الأجْراس المُعلَّقة بِأهْداب الأَبْراج ، إفْتَتَحت يَوْمَها بِغِناء...
كانَت إِنَاث الأَجْراس تُمْطر عَتْمة الليل رَذاذ مَعْدِنها فتَشْتعِل بِالشَّيب أعْراف الدّيَكَة النَّائِمة ـ عَن صَلاتِها ـ بين تَفاِصيل الدَّهْشة وكان الغَسَق يُحرِّض أسْراب القَمْل على أقِفِية الوسَائِد وعَانَات الأَرَامل وفِي الحَانَات المُوَزّعة على كَتِف البحر ، إمْتدّت حِبال التّرقُّب...
كَانَ يُشْبِهُ أَحَداً ، وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ إِسْكَافِيِّ الْحَيِّ الَّذِي بِلَا قَدَمَيْنْ ، وَرُبَّمَا شَيْءٌ مِنْ بُسْتَانِيِّ الْبَلَدِيَةِ الَّذِي كَانَ يُشَدِّبُ دُمُوعَ الشَّجَرْ . فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ الَّذِي أَصْبَحَ الآنَ مُشَوَّشاً خَلْفَ قُبَّعَتِهْ ، كَانَ الْقَدَرُ أَكْثَرَ...
ـ لماذا يضع هذا السيد قناعاً على نصف وجهه ؟ يا أبي ـ حتى لا يأكل الذباب أنفه . ـ لماذا تكذب على الصغير ؟ قالت الكلبة لزوجها الكلب ـ لقد قلت له ما اعتقدته صحيحا ، فطالما ضايقني الذباب وأنا أحشر أنفي في ركام النفايات باحثا عن فضلات طعام ، وطالما فكرت في وسيلة أذود بها عن أنفي كي أبعد عنه تلك...
1 عندما أدخل, يستقبلنى برائحة البحر المخبأة فى ثيابه, أجده منهمكا فى اعداد سيجارته المحشوة... الأولى بعد رجوعه الى البيت... أسأله عن العمل يجيب بقطع من الكلام... أدلف الى المطبخ تقفز الى أنفى رائحة السمك المحشور فى السلة... لا أسأله ان كان يريد أن يأكل, تعلمت أشياء كثيرة فى صحبته... أحفظ عاداته...
" ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم". الحسين بن منصور الحلاج يحار المرء من أين يبتدئ الكلام عند الجلوس إلى صديق يمحضه التقدير و المودة و الإحترام ، و تزداد الحيرة أكثر حينما تضعه الصدفة إزاء الحديث عن كتاباته وانجازاته ، و الانفلات من سلطة و هالة الصداقة و ما بينهما ، موقف أشبه...
كان فيمَا مَضَى ، بِنَظْرة يُغَيِّر مواقِع الأشياء لكِن ، مُنْذ سَكنَت مُقْلَتيْه غَمامَتَين هارِبَتَين مِن قَراصِنَة السَّماء صَار يَعْتَمد عَلى كَتِف عُكَّاز صَفيق ، لِقائِمَتِه صوْت نَقيق الضَّفادع وبسبب لا مُبَالاة الكائن الخَشَبي ، إرْتَطَم أنْف الكَفيف بِرائِحة جُرْد قَذِر . كَانَت فِكْرة...
مهجُورةٌ هي أرصفة الليلِ ، وَالشُّرُفاتُ مُطْفَأَةٌ كَسَجائر مَلَّتْهَا الأصابع ، وَالموتى يخرجون من هَدِيلِ الْحقَائبِ مُفْرَغُون من أحقادهم القديمةْ . الْكَوَاسِرُ تتقاسم لحم القُرى نَيِّئاً على موائد المساءْ ، وفي البعيد تَتَضَوَّرُ الأكواخ تحت سَنَابِكِ الظَّلام . كُنَّا نَأْمُل أن تَغْدُو...
مثقلٌ بِالمٙعاطِفِ ، والريحُ تٙهُزُّني كٙالقٙوادِمْ ، كٙكٙوْمٙاتٍ من ذُبابْ ، تٙسُدُّ الأُفُقْ ، وتسْقطُ في عُيون السحابْ ، أوْ على وُجوهٍ من غُبارْ ، أتْعٙبٙها السّٙفرْ . مثقلٌ بأسْبابِ الغٙضبْ ، والفٙجيعٙة تٙخُّضُني ، كما تخُضُّ العٙواصِفُ الصّحراءْ . مُقنّٙعٌ كٙشٙبحِ الْجٙريمٙةْ كٙشٙبحٍ ،...
فَجْأة ، تَذَكَّر ذلك المَساء المَصْدور الَّذِي غَصَّت سَمَاؤه بِالدُّخان مساء دَبَّجَتْه بِلَحْن جَنازِة ، جَداجِد مُسْمَلة العُيون كان الضَّوء أَكْثر ضُمُورا مِن هًيْكل سَفِينَة تًحْتضِر بين الصُّخور وَالشَّوارِع قَذِرة ، مُوحِشَة ، كَكَراسِي مُتَرمِّلة وَ مِن مكان إلى مكان ـ على أَرْصِفة...
كانَ الشِّتاءُ عابِر سَبِيلٍ فَحَسْب ، وَلَا ضَوْء في الأُفُقِ يَهْدي الطَّير إلى سَقِيفَةٍ . عَظَاءات تُفَتِّش بَيْن أَقْمِشَة الضَّباب عَنْ دِفْءِ الشَّمس ، رُؤُوس تَسْقُط مِنْ عَل ، مُضْرَجَة بِسُخَامِ قُبَّعاتِها ، قطارات تَرْكُض في الحُقول مَصْحوبَة بِمُوالِ السَّنابِل ، مَساءٌ ثَمِلٌ...
دخل وهو يخبط على أحد جوانب صندوقه الخشبي بظهر الفرشة. إعترض النادل طريقه حاملا صينية طلبات الرواد , جدبه من كم قميصه . - آجي أنت ! فين غادي !! كانت الصينية تخفي بطن النادل المنتفخ لكثرة ما التهم من المال المسروق من الزبائن كما يزعم بعضهم . تدخل أحد الرواد الذي إنتبذ بنفسه مكانا قصيا في ركن من...

هذا الملف

نصوص
127
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى