خلعت الخف واستويت على السرير ثم مددت يدي الى المقبس لإطفاء الأباجورة ، كنت متعبا، مفكك الأوصال ، تنتابني الهواجس . لم أنم ليلتين متتاليتين بشكل مريح، أنام وأستيقظ على نحو متوال، يحدث هذا غالبا حينما تتراكم على مكتبي ملفات تتطلب الانجازعلى نحو عاجل...
وجدتني في قبو مظلم ، خانق، ذي رائحة كريهة كأن...
آثرت سها الانزواء السالب عن الحياة ،تظل ساهمة لاتكلم أحدا .بدأت تلك الفتاة الدائمة
المسرة التي تشع كالبدر وسط قريناتها، وتفوح عطرا ، تخبو وتذبل ، حينما
تسير في الشارع ، تسير موقعة الخطو ، تجب ما حولها كأن العالم خلق من
أجلها، تأسر بيفاعتها وحيويتها النظرات الولهى المتوسلة .كان كل ناظر
يمني النفس...
للأولياء كرامات، أمر يتداوله عامة الشعب، فسارت بذكره الركبان، وشاع في أرجاء الوطن السعيد، ومن الذين بزوا نظراءهم في الصلاح والتقوى ولي نبذ الناس، وزهد في الدنيا فاختار مكان اعتكافه في جبل شامخ على مبعد من مدينة مراكش بجانب نهر دائم الجريان... فكان يفصل بين الناس بالعدل، ويغيث الملهوف، ويطعم...
عندما يدفأ طقس مراكش أو يحترّ، في منتصف النهار، ويخلو الدرب من السابلة، ويلوذ الأطفال الضّاجّون اللاّهون بمنازلهم، تخرج زاينة من منزلها لتعبّئ جردلين من الساقية المجاورة؛ كانت خشيتها كبيرة من أن تسمع ما يخز مشاعرها، أو تلتقط عيناها الحزينتان نظرات الإشفاق والإستغراب المصوّبة نحوها كالمدي، لهذا...
حينما أجلس في مقهى (الحمامة البيضاء) صباح آخر كل شهر لاستخلاص راتبي الشهري، أسرح ببصري متأملا حركة الناس في الشارع ذات الإيقاع السريع، وأشجار الحديقة على الرصيف الآخر وسور المقبرة حيث يرقد العديدون خلفه صامتين بلا حراك ؛ وغالبا ما يسترعى انتباهي مرور شخص، في وقت محدد،ولنقل على وجه التقريب ،...
دسّ الحمار الرماديّ أنفه تحت منبت ذيل الأتان ورفع رأسه في انتشاء؛ فتح منخريه، نهق نهيقا متواصلا ثم ضرط تباعا مما أجفل طفلي ذي الخمس سنوات، وكان على دنوّ منه فجرى هاربا ليتعثر ويسقط و يصرخ. أنذاك كانت بقعة دم صغيرة على خده مثل حبّة كرز تهرأت فوق كويرة قشدة، هرعت نحوه فأمسكت بيده، كان مرتعبا جدا...
أكدت للمرة الثانية من أنني أدرت المزﻻج لإغلاق الباب، طويت المظلة ونفضتها وعلقت المعطف على الشماعة وحررت رقبتي من ربطة العنق وقلت:
- الوحدة، ما ألذ أن يكون الإنسان وحيدا.
كانت الغرفة ترعش بالغموض من فرط الصمت والضوء الباهت، وﻷول مرة تذوقت لذة أن يكون عقلي وحيدا يجاوز حدود ما هو مألوف، هناك سمو...