أدب السجون والمعتقلات

مقدّمـة القفل : هذا الاسم الكريه الّذي كلّما بدا منطبعا علي سطر نفرت منه النواظر لأنّه كالموت هادم للّذات مفرق للجماعات ، ويمثّل شهوة التّسَلّط ، ونقيض الحريّة بكل ماتحمله من دلالات تعكس تطلعات الإنسان نحو الأفضل وطموحه لمعانقة الحياة. علاقتي به ليست ودودة ولا تحمل الاّ السّوء . بدأت من...
جلست القرفصاء وسط ذلك المربع من الأرض الذي ترسم ضلوعه بقايا أساس، كانت تقوم عليه أربعة جدران صخرية قاتمة. حولي يتطاول حشيش عنيد يابس، وهنا وهناك، تتناثر أحجار بلون الحناء تارة، ولون الرماد تارة أخرى. أمامي سور صخري رهيب يدور شمالا ويمينا على شكل زاويتين قائمتين تمثلان نصف مستطيل. أسفل السور،...
السي محمد فكري - عن معتقل درب مولاي الشريف – 1 – يوميات درب مولاي الشريف ليلة الاثنين الثلاثاء 4 نوفمبر 1974 أول ما ولجت هذا المكان المخيف، الذي كنت سمعت القليل عنه وعن أمثاله كدار المقري مثلا الذي مر منه المعتقلون الاتحاديون في يوليوز من سنة 1963 وما بعدها، لا أقول خفت أو أصبت بالهلع،...
اعتاد الشاعر منذ القديم أن يتنسم الحرية بجرعات زائدة بقرض الشعر، وينطلق عبر بحوره دون الحاجة إلى رياح أو تيارات تأخذه إلى شواطئ يصبو إليها. ولقد خاض الشعراء، نتيجة تجاربهم في الحياة وتفاعلهم مع الناس، تجربة الأسر والسجن وعانوا مرارته واكتووا بأغلاله. وكان القريض متنفسهم ونافذة أمل لاعتناق...
عندما عُيّنْتُ طبيباً مندوباً إلى السجن لثلاثة أشهر اعتبرْتُها نوعاً من العقوبة الوظيفيّة .. وطرقت باب السجن كارهاً وفُتح لي ودخلت من بابٍ إلى باب ومن دهليزٍ إلى سرداب ، وأقفلوا خلفي بالحديد ونفسي تغصّ كأنها تغوص من دركٍ إلى أعمق. وصحيحٌ أنّ هنالك مكتباً لي يسمّونه مستوصفاً للسجن لكنّ نوافذه...
في المعتقل، كان صديقي مجاهد الدومة صامداً، الأمنجي الذي كُلّف بمهمة التحقيق معه أزعجه صمود وشجاعة مجاهد، فأراد أن يرى مجاهداً مهزوماً منكسراً، فمارس ضده أبشع أنواع الضرب، ورغم ذلك لم ينكسر صديقي. أصبحت أمنية الأمنجي الوحيدة في الحياة هي رؤية دموع مجاهد، فكان يضربه يومياً، لكن صديقي كان صامداً...
صمت رهيب , قاتل .. لا يقطعه غير سقط أقدام ثقيلة , منتظمة , رتيبة .. أجهدني ثقل الظلام وثقل الصمت .. ألقيا في قلبي الرعب .. اتجهت صوب الباب .. خلعتُ عيناي علي صاحب الخطوات ــ كدقات عقارب الساعة المنتظمة ــ ألمح ظلاُ ألقاه ضوء المصباح علي الأرض ... ناديتُ .. فلم يرد .. فضربت الباب بعصبية .. اقترب...
كنت أجلس على الأرض في زنزانتي في سجن الحلة ألعب الشطرنج مع زميل لي حينما سمعت الحارس ينادي على اسمي، فنهضت لأرى ما يريده مني. قال لي الحارس، مستعجلاً إياي: – هيا جهز نفسك، سوف تنقل إلى بغداد بعد قليل. قلت مستغرباً، وقد فاجأني الأمر: – خير، إطلاق سراح إن شاء الله!. نظر إليّ مستهزئاً: – من أين...
- حلم أسير.. مَنْ هؤلاء الذين يصّاعدون بعباءاتهم البيضاء، ويخترقون سقف الزنزانة، كأنهم ضوء أو هيولا؟ ومَنْ الذين يلفّون سماء الزنزانة بغلالات شفيفة كأنها الغيم الخفيف، ويرحلون مع الهواء؟ ومَنْ ذاك الذي يقف في الفراغ، ويمدّ ذراعيه، فتتدلى أكمامه الواسعة، لتلامس الأرض، كأنه ينتظر مَنْ يعانقه؟...
لم تبرح ذهني صورة والدي وهو يتلقى صفعة من شرطي بالمحكمة ، لم يكن في وسعي أن أفعل شيئا. كنت صغيرا لكن حزني كان كبيرا. كان قلة من الطلبة يتوزعون في المقصف استعدادا للافطار، منهم من اكتفى بكأس شاي أو قهوة وضعه على العارضة، يناوب التدخين والرشف على مهل.اثر دخولي طلبت من النادل كأس شاي على أمل أن...
اليوم يختلف تماماً عن أي يوم مضى .. لا ادري ما الذي يحدث في الخارج ..؟! , ولماذا لم يُفتح السجن حتى الآن.. ولماذا الزنازين مغلقة على من فيها في العنبر وحتى الآن , ماذا جرى بحق السماء.. وماذا يحدث ..؟!! .. اليوم ليس كأي يوم عادي .. الصمت يلف كل شيء.. والكل في سكون رهيب.. وفي هدوء الصمت الذي يسبق...
لم يتناول وجبة الغذاء، لم يكلم أصدقاءه في الشامبري، مذ وشوش في أذنه الكابران عن علاقة زوجته بصديق طفولته... انزوى في ركن من المرحاض يدخن معجون سجائر... التف بسحاب من سجائره المزيتة... عينان حمراوان يغشاهما دخان من أنفه حين يجذب بشدة من فمه نصف جوان في شفطة واحدة... لم يقو على النهوض حين نهره...
وسط عتمة معتقل تزمامارت الرهيب، حيثُ قضّى سنين طويلة من عمره رفقة مجموعة من الضباط المشاركين في انقلاب عام 1971، استطاع المعتقل السابق أحمد المرزوقي، رفقة المعتقلين على خلفية الانقلاب العسكري، أن يحفظوا القرآن الكريم كاملا، وفي ظرف سنة ونصفَ السنة فقط. ويعود السرّ في تلك المبادرة، كما كشفه أحمد...
في سنة 1977، كنتُ قد انتقلت إلى السنة الثالثة فلسفة بكلية الآداب ( وكنتُ التحقتُ بكلية الآداب، بعد سنتين قضيتهما في كلية العلوم، وبعد أن انسحبتُ من هذه الأخيرة آسفاً لأسباب وأسباب)، ففكرت أنه بإمكاني أن أشتغل وأستمر في دراسة الفلسفة والتهيّؤ للامتحانات عن بعد. وبالفعل، تقدّمتُ بطلب لوزارة...
الفرضية الأساسية التي تدور حولها هذه المقالة هي على الشكل التالي: إن أدبيات الاعتقال السياسي بالمغرب لا تعبر عن تجارب إنسانية شخصية فقط بقدر ما تعبر عن فعل مقاومة للاستبداد السياسي في فترة التوتر بين الدولة و المجتمع و واجهة للنضال من اجل الديمقراطية و حقوق الإنسان. يعتبر الأدب أحد الفنون...

هذا الملف

نصوص
415
آخر تحديث
أعلى