مصطفى معروفي

سوف أمكث في جسدي بعد ذاك آخذ داليتي وأغادر لن أكتفي بالسبيل الحديثة لن أتبع النخل حتى مساقطه... في السنين التي سبقت أبْجدياتنا قد فتحنا النوافذ للروح والطير كانت ترى في البيوت مفاخرها الدنيوية ثم إذا العيد لاحت بيارقه أقبل الغيم وهْو يسلسل تحت سرادقه نزوات المدى ويعيد إلى الأرض طين بكارتها...
سلمتُ عليك البارحة ويلزمك الآن الوقت لتحديد متاهك تنشأ في راحتك الواحات بفتنتها والغابات تثير مراجعك الأزلية وأنا لم ألبس قانون الفيضان كما ساد الظن ولم أعبر طرق التؤدةْ آنسني أني في أرقي أنحاز إلى الحجر البكْر أداعب فيه عراجين القارات الخمس وأعفي كل غدير دمث من أسئلتي حتى تحضرني كاملةً أتذكر...
أنت سليل الغاب تذكرني بالياقوت الأحمر وبجبهة مزلاج الباب أخبّئ شغب الريح بدولابي فتصير مراوح للْبيد إلى أن تخرج من رحم الماء ومن حدقات الأرض تجوز إلى حدقات الطرق المضفورة بأقاص مزبدة أو برخام في ملكية رجل للتو أعاد إلى أصبعه خاتمه الأبوي القح يذكرني الطين بسيرة من بسطوا العتبات إلى النهر...
خلف دوائره الكبرى صار البرقُ بلا سنَدٍ أطبق كفيه على الصدر وأسرج خاتمه في معصم زوبعة لم تتأكد بعد ريادتها لما عبر الأرض روى الأحلام بإطنابٍ ومضى يخلص للمدن المصبوبة في الساحل في يده نسي الدفتر والأقلام وألقى للحبر عبير صباه ببالغ حكمته من أخرج من الماء أصابعه حتى البرق رآه على عجل وانسحب مفتخرا...
شيخ يقترف المشي إلى الكهف ويحمل مشكاة اليومِ يحاصر رغبته القعساء ويدعَم في البركة حجرا تاريخيا فاجأه الأحد الماضي عند العقَبةْ ها الشيخ إليه في الكهف تجيء الأشياء وتتسع تنام على شرفات يديه ثم الدوريّ التاع وقد أبصر قبرة تقفز بغموض تام وهْي تحاول أن تقرأ سفْر الراحة في أذن النبع هل الشيخ يكون...
حينَ تمايلَ بي السهْبُ عرفتُ بأن طريقي أصبحَ شوفينيّا يحملُ في رئتيه بذور الريح الصعبةِ والمفتونةِ بمديح الفلَواتِ يسير بساقين ميولاتهما كنوافذَ لبيوتٍ مرهفَةٍ وأنا في اليوم الأول للماء علمتُ بأنّ الكونَ له اسمٌ آخرُ ما الأرض أمام نواظرهِ غير حصانٍ يصْفَنُ حينَ يرى فارسهُ الثاقبَ ذاك النازلَ...
هذا اليوم رأيت الشارعَ يتدفّقُ صوب الميناء يصافح غيمته الأولى من معطفه الأنباء تسيلُ وآخر غبَشٍ يرقصُ تحت رعايتهِ قلت لآنِيَة الماءِ: "صباح الخيرِ تعاليْ لأدلَّ الحبَقَ عليكِ دعيه الآن ينامُ ستمرق من كمَّيْهِ عاصفةٌ مثل غزالٍ لم يفتأْ يحمل في راحته كأس الإغواءِ ومقتنعا بالظلِّ الأمثَلِ" ليسَ...
حجري المستنير ربيع المرايا هو الأقحوانُ على ساعدِ الأرضِ يسرَحُ والنايُ حين يصير جديرا بهِ ينبري مانحاً للمباهجِ ملتحما بالسطوحِ ويالأبْجدياتِ ذات الأصول العريقةِ أسكب نافذة في ثياب البداهةِ أدركُ أني إذا جئتُ بابَ الغيومِ سيصحبني النخلُ بضع ثوانٍ لكي أحتسي معه الأبديَّةَ والنهر يلقي المواعظَ...
هيأةٌ للأيائل في الغابِ تشعل أعضاءها بالمنابعِ تهطل عن كثَبٍ من معاقلها تستعير المدى والغيومَ المُحبَّةَ للنوم فوق سريرِ الجدار الذي كان إِلْفَ الطريق الخدومِ لقد شِمْتُ وجهَ السحابِ فكان ودوداً سعيدا بنبض الأقاصي جميلا كعرْفِ حصانٍ تبللَ منتشيا بالندى ليتني عندما هبّتِ الريحُ كنتُ قريبا من...
وتحاصرني الأسماءُ أجدّد فتحَ مراياها أسحب نحو جذور الأرضِ مدايَ الواحدَ وأدحرِجُ سنبلةً مغناجاً في برزخه الواقفِ قيدَ جدارٍ متّجهٍ نحو العزلةِ إني النهرُ وخِدْنُ الآفاقِ ودستور القمْصان الأبديةِ وكذلك كنْهُ العدَدِ الأكثرَ ترجيحا للْأوقاتِ وما زلتُ على صفَتي فأنا اليوم أناصرُ منزلةَ الغيمِ ولست...
من حاشية السندسِ كان البدءُ: خريفٌ يعبرُ ريشَ قطاةٍ يتمادى في قُطْريْهِ يزدحم الغيْهبُ فيحب النومَ قريبا من مقبرةٍ قبل الفجر انتحلتْ وجْهَ الماءِ... رفيفٌ يسكن رئة البيدِ يمالئُ هاجرةً وهزارٌ ممتدٌّ في العزلةِ يأخذ في الضحِكِ المطلقِ يتخذ النقع مباءَته الحبيّةَ ليجيز بذاك أصابعَ لامرأةٍ تحكي...
يرتعش الظل أمامي والأوقاتُ العذبةُ أمدائي تدين بعزّتها للريحِ الصرصَرِ والنخلُ يدقُّ بيارقَه بنواصي الخيْلِ أنا قبَسُ الأسلافِ وينأى الليل بعيداً حين أهادنُهُ يتلألأُ في ثَبَجِ الأنواءِ وينبُضُ متَّسِعاً للمطرِ الشرقيِّ يسابقني الغيمُ لداليةٍ أرملةٍ يبني سقفاً لغزالٍ بوهيميٍّ قايَضَ معطفهُ بحفيف...
مجّدْتُ مشاكسةَ الماءِ لإشكاليتهِ وتقدمْتُ إلى النهْرِ فزوَّجْتُ خضير الشطِّ بمرآة الغيمِ سكبْتُ على جسد الريحِ طروحاتِ الأرضِ وقدْ أشعلتُ موانئها سفناً يانعةً ونوارسَ مونِقةً حتى ازدحمتْ رئتي بشهيقٍ كرفيف النارِ وساعتَها في عيني أزهرتِ الشمسُ برُعْبِ الأمداءِ فقستُ طفولتَها بهبوب العشْب مساءً...
إنني أكتب اليوم ظنِّي أزكّي به النهر حين قبْلَ اليديْنِ يوازي مرافقهُ بغصون الصنوْبر بين الحذاء وبين الطريقِ ندى القبُلاتِ لديَّ نصيبٌ من الشوقِ سوف أذرّيه فوق قباب القبيلةِ أدحو الخريف بهِ فإذا أبْصَرَتْني الأيائلُ ظنَّتْ كأنَّ الظهيرة مائلةٌ نحو أبراجها لا محالةَ والشجرَ المانحَ الظلَّ سوف...
واتكأْنا على الوقتِ كانتْ حدائقنا الغلْبُ منضودةً ترتقي سلمها الغضَّ حتى تأجَّلَ فينا النهوض إلى الخيلِ واختلط الدم بالدمِ فاختارنا الماء كيْما نبايعهُ وافترقنا رفيفُ الفراشات نُوكِلهُ للبحيْراتِ ثم الولاية نعهد للداليات بها سوف يغنمُ كل رخامٍ عواطفنا إن يصرْ حارسا للمدينة بل دهشة الماء سوف...

هذا الملف

نصوص
827
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى