كل ليلة
أعوي كما لو أني مخلوق من الفحم والرماد..
هاربا من مركب نوح على قدمين
متلعثمتين..
تأتي ذئاب كثيرة..
من مرتفعات الندم الليلي..
من قاع كلمات مظلمة جدا..
من ذكريات الأرملة العميقة..
من أقاصي الغابة المطيرة..
ظلي المتشقق يلقي نصوصي
بفصاحة سنجاب منبوذ..
تصفق أشجار ضريرة..
بلبل دمر ذكرياته...
** قراصنة يبحثون عن قصائدي
في غواصة..
ذكرياتي في كنيسة مهدمة..
أخفي كنوزي في أعماق المحيط..
خرائطي في تخت تحرسه حيتان
زرقاء ..
صقور مضيئة لا تأخذها سنة ولا نوم..
بوابون من قارات مجهولة..
يطرق بابي ثيران
فقدت أسلحتها في كمين..
تبدو منكسة وحزينة..
مثل رهائن في معتقل نازي..
***
البارحة
سمعت...
شيعوا بستانا على أكتافهم..
كان لدموعهم رائحة الكبريت..
لإيقاع كواحلهم طعم الخشخاش...
يمكن أن أخبئ خاتم عرسك..
ألبومك الشخصي..
مدائح عصافير الدوري..
عطور رئتيك المتخمة
بالضوء ونثار الشمس ..
يا شجرة البرتقال..
بعد قتلك بقذيفة
أمام كلبين من الرخام الخالص..
أمام كاهنة تجر باخرة بلسانها.
يمكن أن...
آخر النهار
يطلق الله صفارة إنذار
يسحب الشمس مثل حمار منزلي..
من ذيله السفسطائي..
هذه لعبته الأبدية المكرورة..
ومن سر هذي الخيمياء..
يصنع الليل والنهار..
وعلى ركبته المضيئة
ينام متصوفة ومجاذيب..
ويظل يحدق في العالم..
بعين شبه مغمضة..
روح شبه محنطة..
يسقط الحصان من أعلى البرتقالة..
وتقشر أرواحنا...
حين ألتحق بالرفيق الأعلى..
في دراجة هوائية سريعة..
أو على ظهر أرخميدس..
دقوا الطبول والأجراس..
أشعلوا النار ودوروا حول جدائلها..
مثل هنود حمر ..
أو متصوف يرمي عظامه
ويطير..
لا تذروا الطواويس تسير في جنازتي..
احتجزوا الريح مثل ثعلب ..
هبوا نظاراتي لطائر العقعق..
حذائي لغوريلا أعزب..
ملابسي...
بعد إنجاز العالم..
نسي مفاتيحه في رأسي..
نسي دراجته الأثيرة
في كتب الخيمياء..
ينابيع ضحكته في المرتفعات..
وعولا غزيرة في العبارة ..
جبالا تتحرك ببطء
فاردا ملابسه على حبال قوس قزح..
قارعا نواقيس العدم في العتمات..
بعد إنجاز الهاويات بمغزله الليلي..
نسي شجرة الحكمة في قلبي..
الآن يزورني تمثال...
حين تضع جثتي
مثل إوزة طازجة
على مائدة الأرض.
إقطع عضوي الذكري
علقه مثل نصب تذكاري
في حديقة مرابين
ليبول على وجوههم
أيام القحط .
أو افتح باب أرملة ثرية
وازرعه بين نهديها
ليكون عاما أخضر
مليئا بالفواكه والنقود.
اقطع لساني
هبه لزوجة السلطان
لتمسح به شقائق فرجها..
أو تعضه في المساء
لتشفى من ضربة...
نصوص فتحي مهذب
بلغة استثنائية وصور فريدة يفاجىء القارئ . إنه الشاعر Fathi Mhadhbi .هذه ترجمتي لبعض نصوصه
موجعة
هشاشة الأشياء
على جدار مائل .
Painful
Fragility of things
On a slanted wall
-----
ذهابا وايابا
حفلة تنكرية لقطاع الطرق
النمل الأحمر .
To and fro
A masquerade for the outlaws
Red ants...
صباح الخير يا رب..
مثلك أمس حي ويقظان..
طردت حراسي الشخصين من أقاصي المجرة..
لم أحدق في مرآة الأبدية..
لم ألبس قميصا جاهزا لارتكاب جريمة..
لم أقتل شاعرا في مستشفى
أو لقلقا يبيع مطريات للأشجار..
لم أهشم دراجة المومس..
وزجاج نافذة الرهبان..
لم أفجر نفسي بحزام ناسف
داخل قافلة من الهواجس..
مر سريعا...
محاولة قتل الفراغ بفأس الهندي الأحمر..حصان مخادع يقف على كتفي تفاحة..صوت جاف يحلق تحت ذقن العجوز..يقتل دراجين برصاص مفاجئ فوق جسر مخيلة خشبية..يجر باخرة بأسنانه نحو الهاويةالأمواج نواقيس خطر..لا تذهب روح الشاعر الى السماءبل الى البحر لاسعاد قناديله المسحورة..يفرغ دمه في كلمة تشبه جرنا في بستان...
أسمع متصوفا
يقول رأسي شقيق القمر..
وسكانه ينامون في الهواء..
أنا برهان على وجود العالم..
المصادفة نردي الأثير..
رأيت هدهدا مسلحا بهراوة
يلاحق قسا على دراجة نبي ..
رأيت شجرة تخبئ نقودا أثرية
تحت جذعها..
تبيع فواكه جافة لطيور فصيحة..
أحيانا تغني مثل مزارع ..
في تابوت..
رأيت غرابا يتسلى بمشهد...
في فمه غراب ..
يدنو من ضفة نسيانه
رويدا رويدا..
مثل لقلق فر من عضة تمثال..
يحاول اختلاس مفاتيح الجنة
من عيني ممرضة مشمسة..
انه لا يمشي بل يطير
مثل خفاش ..
تصغي اليه شجرة كاليبتوس..
يرتاح الموتى تحت ظلالها اللذيذة
يتقاسمون أياما هشة بالتساوي..
نقودا مزيفة عثروا عليها
بين شقوق جماجمهم..
العاشرة...
فقدنا مراكبنا في براري النوم ..
فقدنا أسماء الله الحسنى في الحانة..
أصابعنا في الحرب ..
صرنا نكتب بدموع العين..
ونفسر سرعة النهار بقفزة كنغر..
ونخطط لاعتقال براهين المهرج..
بقضمة واحدة ..
بأسنان جنود المارينز..
سقط بيتنا مثل سفينة عذراء
في قاع عبثي ..
واغرورق ألبوم العائلة بأزهار الغياب..
فر أبي...