فتحي مهذب

ناداني تمثال باسمي.. كان أبي يطعمه خلسة كلما زار المتحف.. يقلم أظافره.. يرشه بعطور نادرة جدا.. يسمعه مقاطع مذهلة جدا من قصائد صلاح فائق.. لشحذ خياله البرونزي.. أحيانا يمنحه تذكرة سفر ليكسر ايقاع الرتابة ويزور غابات في مادغشقر ويدردش مع قردة الغوريلا ثم يقبل جبهته المثلجة مثل ابن بار .. أحيانا...
شرر يتطاير من هنا وهناك الفراشة. - خاتمك الذهبيّ يطلق الضوء على عتمة. - زعيق الأسلاف في الجذور المهشّمة رفقا يا حطّاب. - جنديّ يطلق دمعتين على جثّة. -في البرلمان تهدى شواهد قبور للفقراء كأوسمة نصر. - يتبادلان النظر كجارين مهمّشين دوريّ وفزّاعة. ظلّي وظلّك يرقصان كزنجيين على أديم الأسلاف...
تحت شجرة مصممة على هيئة تمثال بوذا عالية وضحوكة حيث تتساقط زخات من العصافير وتمارس أعراسها اليومية دون مبالاة بقوانين البشر وكوابيس الواقع السريالي، تحتل إمرأة حيزا ضيقا مليئا بالخرق وبقايا أدوات بشرية فارغة من المعنى تحدق في ذؤابة الشجرة كما لو أنها أم العصافير الأولى إستحالت بفعل الزمن...
( منذ العشرات من النصوص والقصائد والكتابات و فتحي مهذب يطلق لا قانون الكتابة، القاريء هنا يبدو منقادا طوعا لما يسرد الشاعر من أقوال وأحداث وتصورات، ليس من السهل أن يتقدم القاريء على الشاعر في تجارب كتابية مختلفة، الشاعر يتحرك فوق أرض رغم أنها صلبة إلا أنها في نفس الوقت أرضا قلقة، لا سمات ثابتة،...
صور معقدة التركيب وشديدة التكثيف السطر الواحد والجملة الواحدة عالم محتشد سريالى فى مقاطع شبه مهندسة تدور كالرحى ما بين الماضى والحاضر دورانا سريعا عبر مقطع ومقطع وكأنما الشاعر يدخلنا إلى العالم الكابوسى المستمد من تاريخ الإنسان فى كل العصور والغرق فيه حيث لا حلم بل هاويات وموتى جدد يعملون بدون...
بلغ قمة الجبل رغم قساوة الصخور وكثافة الأشجار وسقوط المطر بشكل متقطع وظهور بنات آوى من حين إلى آخر. هكذا كان مسكونا بارتياد القمم الوعرة موقنا أن الله قريب جدا من الجبال الشاهقة وبمقدوره أن يتجاوز شرطه المحفوف بالنقصان والمزالق ويرى الله جالسا على كرسي من الذهب الخالص محاطا بسرب من الملائكة...
الحياة مرة واحدة. هكذا تقول أمي أمام واجهة الكنيسة.. أمام تمثال يسوع المحدق في خبزنا اليومي.. أمي التي عمدها قس بدم الذبيحة .. وتوجها بحكمة الهدهد.. - سيكون جرحك ميراثا للآتين من نفق الجسد.. هكذا تمتطي صهوة الريح.. تقول للنائمين في قاع السهو.. الحياة مكلفة جدا.. غامضة وماورائية.. أحيانا تبدو...
منذ خمس سنوات ونيف وبسرعة نيزك طار إلى العالم الأخر مخلّفا غابة عملاقة من شجر الصداقة الأبديّة تحترق في أوساع قلبي. إتّشحت سماء روحي بالسواد حدادا على غروبه المفاجىء. وحاولت مرارا إقناع نفسي بحتمية الموت وبفعله في جوهر الأشياء. بعد ثلاث سنوات يمّمت وجهي شطر بلد شقيق لقضاء إجازة الصيف. وبينما كنت...
المطر ضرير يخبط في صحن البيت المتداعي . البيت الأشيب إلتهم طفولة (م) بفكي حيوان ضار . العتمة تفتح النار عشوائيا على الجيران . رائحة مقززة متعطنة تتطوح في أصقاع الحجرة المليئة بثعالب الهواجس. هنا كل شيء يرغب في الموت. في الهجرة الأبدية إلى أقاليم الغياب الوسيعة. مومياء مسنة تحمل ذؤابة شمعة بين...
الى الشاعر الكبير -Nasser Edine Boucheqif في قبضة رخ اللاوعي هذه الليلة.. تعبت كثيرا كوابيسي تغرد فوق كتفي.. لساني معقود.. أطرافي تثغو مثل قطيع شياه.. قمر يدق نواقيسه في مملكة العالم.. لذا سأطفئ محرك رأسي قليلا.. أهشم زجاج اللا مرئي.. وأريح عجلات مخيلتي من السير على كثبان...
لم تطله لعنة غريغور سامسا برغم الخيوط الدقيقة التي تصله به والعلقة الصميمة التي تشده إليه. كان يبكي طويلا كلما انغمس في قراءة رواية التحول التي قلبت رؤيته للعالم رأسا على عقب. هذا الغريغور البائس الذي تحول إلى كائن هش دميم مستطاع بغيره. يقضي معظم وقته متقوقعا مفكرا في فداحة شرطه الوجودي الطارف...
بامكانك أن تطير.. دون مساعدة الاهية.. دون مباركة فراشة أو ينبوع يحدق في تقاطيع وجهك.. دون اقتراض أجنحة طائر الفينيق.. دون التحليق بمظلة جندي من المارينز.. أو طائرة صغيرة هاربة من فهد ضرير.. بامكانك أن تحصد لؤلؤ المخيلة.. بمنجل متصوف.. تتصرف مثل الاه لبق في شؤون العالم.. تطارد الجاذبية بتفاحة...
ستبكين طويلا أيتها الخادمة.. ستسقط روحك مثل ثمرة متعفنة.. لأنك فتحت النار على ظهر المسيح.. قتلت الحمام الذي جلبه لك من جنة قلبه.. وصنعت له تاجا من شوك أخطائك المميتة .. ستندمين طويلا.. وتشتعلين مثل جمرة الغريب أمام باب القيامة.. لأنك اختلست مفاتيح الأبدية من سترة المسيح.. دمرت الأزهار المضيئة...
غالبا ما يجد خفافيش نافقة على مكتبه الصغير بعيون بلورية ناصعة وأنوف صغيرة حمراء وأجنحة مفرودة كما لو أن لها رغبة جامحة في الطيران وشن غارات شرسة. يفرك أصابعه محدقا إلى أعلى. النوافذ عادة موصدة في الليل. والباب مستيظ مثل حارس فرعوني طوال الليل. إذن ما سر هذه الخفافيش الميتة؟. سأل( ن ) (ك) وهي...
رن جرس الهاتف بوحشية مفرطة. هاجم أذنيه الشبيهتين بأذني أرنب مذعور. تعالى صوت ناظر المستشفى البارد واللامبالي - الجثة جاهزة بمقدورك القدوم حالا واستلامها. المطر والشمس يشكلان لوحة سريالية مدهشة. يخلعان دكنة خفيفة على العالم المتحرك . لفت إنتباهه مواء قطة صغيرة تواجه مصيرها بهشاشة وارفة الظلال...

هذا الملف

نصوص
858
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى