قالت :
أكتب قصيدة لا تشبه القصائد
لي
وجئني
بالريح في هندام استعارة
لا ترتب الكلمات
كجند يستعد للمعركة
طوابير الكلام تستغيث
فبنيت مئذنة لتسمعني من بعيد
تربّع عليها لقلاق مهاجر
كان يبحث عن هوية الدعاء
حين اختلطت الأصوات
في السماء
رأيته يضحك على عصفورة من نسل التغاريد
استوطنت ظلال السؤال
في حيرة...
بعد مرور الريح
زرعت في شفتيك النسيم
علقت الغد على حبال الشوق
ظللت أصلي
كي تخبرني هدهدة القلب
بعشقك
بعد هبوب الريح
أفشيتُ لما كنسَتْه عيناك أمامي
حيرة حلي وترحالي
ثقل أحلامي وأوزار انتظاري
إني أناديك
كالأذان في فجر زهرة
كصراخ الفرح في فم طفلة
كحلول الصباح في صمت غرفتي
أصطاد أشعة شمسك بغربال
وبما...
بماذا أَخبركِ الليل؟
هل كُنتِ على وضوء مني في الحلم؟
هل تيممتْ عيناك بومض شوقي؟
سأجمع من حديث النجم في العراء
دلوا من نغم العاشقين
تجليات الصمت في أذن المنتظرين
أصطاد بعض الذكريات
قصيدة من قصائد الصعاليك
لامية مثل صراخ الشنفرى
تشبه بكارة الانتماء
تلك التي تأبى أن يغتصبها الكلام
في محافل الشعراء...
بلقيس
يا عطر الزمن المتعب بالنبوءات
نشيج الصدى بين أوصال الخيبات
في أوجاع أخبارنا
إننا صرنا وصايا
تُتلى على مهل وعلى عجل
لذا لا توقظي سرب الريح
لا تسكني مهبط النفس !
النوايا التي تحمِلها أسنة السيوف
تقيم على بقايانا صلاة غياب
في تقاسيم الألم..
الماء يشتكي في سبأ
ويشتكي المكان والزمان
من العطش...
"صباح الخير أيها الحزن"
فرنسواز صاغان.
لم تعد تملكٌ الصباح
كي يَقْدِمَ إليك كوجه برتقالة
ناعما في فم الشجر
عامرا بالمدى كأغاني الغجر
فلا تقف كالظل الخائف من خطيئة الفجر
ليس لك الولادة
هنا على هذه الأرض اليباب
أنت تهيِّئ صُرَّتك
تبحث عن نفق ضوء
كي ترحل
تصعد سلم الزمن أياما وسنوات
تتزود بالحنين...
سقطت الذاكرة في بئر النسيان
مثل قميص ملطخ بالأوهام
فخسرنا الأمس والآن
خسرنا الريح والأمطار
وخضرة الأشجار
خسرنا ما تبقى فينا من الإنسان
خبز الأمهات
شفاه نسائنا
اللغة التي نتلو بها صك وجودنا
لم تعد لنا آية لنقول للعصي:
لا تجرحي البحر
فيه موْتانا،
فيه غرقانا
وفيه أكباد منتفخة بالأحزان
الزمن قاسٍ...
لست نبيا لهذا الزمان
كي أدل سؤال عينيك على السؤال
أبواب العشق وردية في جناني
فادخلي فاتحة جري الماء في أنهاري
وظلا للظلال الممدة تحت أشجاري
لست نبيا لهذا الزمان
كي أفسر لك كتب الأديان
عن نسبة حقك في الشك
دون أن تفقدي
في عشقي
بساتين الإيمان
وكي لاتصبحي
في دروبي
غيمة تتلاعب بها الرياح
لست نبيا...
منتريال
في كل صباح من صباحاتك
تُبدي الشمس جواز مرورها إلى ضفاف الإغتراب
تلك المعلقة على هواء الأحزان في عملتهم
السماءُ امتلأت بالغيوم الرافضة
غضبٌ يتسلق هويتهم
في البراري هناك آهاتُ القرون الغابرة
تستجدي برودة الجبال
الشجر شاهد عيان على محنة الخبز
في سميد الذرة و حقول القمح
هناك بلاد هند مغدورة...
تُسكرني عيناك
القراءة فيهما هجرة
فلا تَلُمّي حروف الانتظار
في حقائب السفر
وراء نور قادم من بستان أشعارك
وترحلين
الكتابة عن عينيك ولادة
فخُطي حروفك التي تشبه صغار العصافير
حين تُحلق في ملكوت المعنى
على جبين الريح
لا تَسُدّي الجملَ بنقاط النهايات
السطور بعدها حقول شوك
سلال تسكنها خيوط عنكبوت مصابة...
"ما يجعلك" شاعرا
بدون قصد!
هو أن تغيّر جلدك
خمس مرات في اليوم
كي تليق بدهشتك
تفتح النافذة في الصباح
تطعم العصافير بدل الحَبِّ حُباً
تنشر أحلامك الكبرى على خيوط العنكبوت
التي زارتك ليلا
لا تكلم الغيم الذي يحتل السماء
فالغيوم ألبسة لا تقي من البرد
وحين تزرع سؤالك في أص عزلتك
قلم أظافر المعنى كي لا...
لا يُصدِّقني أحد
كلما قلتُ:
إني أملأ الغرابيل بالماء
اني كلما قبَّلتُ ظلكِ ينتشي
أنا الذي تخجل الشمس أن تعكس
ظلا لي مُعوجا
وأني ألمس كلامك بأناملي
قبل أن يحط فرحا في أذنيَّ...
لا يصدقني أحد
كلما قلت:
إني لقيتُ الله فِيَّ
وفي جارنا الذي يكنس الزقاق كل صباح
كي لا تتعثر رجلاي
حين أجيء إليكِ...
افتحي فمك على مقاس
قُبلتي
وازرعي نشيد الشفاه في زفرازت
الشفق
فهناك على بعد نظرة وشوق
تُعلِّق العصافير عناوين هجرتها
على أهداب التغاريد
تبيض عطر الأمكنة في أعشاش الحنين
سأدعو كالفجر الخجول
إلى عقيدة الفرح
في ملابس الشجر
في حلاوة الثمار
الكلمات التي ستنطقين بها
حدود لأسئلتي
بيدر لأسراب قلقي
رحلة...
الجو جميل اليوم
ربيعي مخضب ببسمة صيف
و أنا شتوي المزاج
أعتكف في غرفتي
أقرأ في آنٍ مَعا
يوجين يونيسكو
ومحمد عابد الجابري
لاشيء يدعو إلى القلق عليَّ
ليس بي مس جنون
ولا فيض تَعَقُل
أحس فقط
أن الموسيقى مزيج من الضحك والبكاء
في ضجيج الحياة الذي لا يتعب
أن كل يوم عند الغروب
أسمع النهار يقرأ وصيته على...
في هذا الصرح الممتد مما لا أدري
إلى ما لا تدرين
أمنحك تاجا من الأسئلة
وعرشا من كويرات المستحيل
أفرش هوس الحلم على طريق النشء
هناك حيث الماء يبحث في خصيته عن أول الأول
حيث الظلام لم يتخلص من سواده
فأذرف نجوما
ابتسم بدرا
هناك حيث الطين نطق
جف في رحم الصحراء وترمل
المسافات التي نشيدها سهوا
تنادي...
أمهلي خطوي
أيتها القصيدة التي تحبو
لعلي أستريح من مجاز يقيد حلمي
أمهلي كلامي
كي تستقيم حروف العلة في بوحي
كجندي يحرس جوعه
وخوذة مثقوبة أمامه
ولفافة تبغ تحترق بين أصابعه
يقول: إني انتصرت على ظلالي في الليل
وإني وحدي أعبث بالحدود بزند من وهم
أمهلي تربتي
كي أشيِّد لك بيتا
تسكنه قطة وديعة
وحمامة...