إبراهيم قيس جركس

-16- عن المجرم الشاحب لا تريدون القتل قبل أن يحني الحيوان رقبته أيها القضاة ومقدّمي القرابين؟ انظروا، ها هو المجرم الشاحب قد حَنى رقبته، وعينه تنطق بالاحتقار الأكبر. "أنايَ شيء ينبغي تجاوزه: أناَ هي الاحتقار الأكبر الذي أكُنّه للبشر"، هكذا تتكلّم تلك العين. أن يُقاضي الجاني نفسه بنفسه فتلك...
-15- عن صبوات الأفراح والآلام عندما تكون لك فضيلة يا أخي، وتكون تلك فضيلتك، فإنه لن يكون هناك من أحدٍ يقاسمكَ إيّاها. أكيدٌ أنك تريد أن تسمّيها بإسمٍ وتلاطفها، تريد أن تجذبها من أذنها وتعابثها وتتسلّى معها. لكن ها أنك تتقاسم إسمها مع الشعب، وها أنتَ قد غَدَوتَ شعباً وقطيعاً بفضيلتك. كان من...
-14- عن المُستَهينين بالجسد للمُستَهينين بالجسد أريد أن أقول كلمتي. ليس عليهم أن يتعلّموا من جديد ولا أن يعيدوا تعليم الآخرين، بل فقط أن يقولوا وداعاً لجسدهم – وأن يصيروا بُكماً إذاً. ((جسدٌ وروحٌ أنا)) _هكذا يتكلّم الطفل. ولِمَ لاينبغي على الناس أن يتكلّموا مثل الأطفال؟ لكنّ اليَقِظَ العارِف...
سيزيف ليست أسطورة إغريقية خاصة باليونانيين القدماء فقط، بل هي أسطورة كونية شاملة لكل حضارة وثقافة وزمان، ونكاد نراها بأمّ العين في زماننا الراهن ووضعنا الحالي. من هو سيزيف؟ تمنحنا جميع النسخ المختلفة لهذه الأسطورة شرحاً لسبب تعرّض سيزيف لمثل هذه العقوبة. فوفقاً لإحدى النسخ، كانت ابنة اسوبوس،...
-13- (دُعاة الماوراء) لقد حدث لزرادشت في ما مضى أن جَنَحَ بوهمه في ما وراء الإنسان مثل كل دعاة الماوراء. خليقة إلهية متألّمة ومعَذّبة بدا لي العالم آنذاك. حُلماً بدا لي العالم وصنعة إله، دخان متعدّد الألوان أمام عينيّ كائن إلهي قلق. الخير والشّرّ واللذّة والألم، وأنا وأنت، دخاناً متعدّد الألوان...
-12- عن منابر الفضيلة: نيتشه وفنّ الهجاء امتَدَحَ الناس لزرادشت حكيماً زعموا أنّ له حديث العارف في مسائل النوم والفضيلة، وكان على ما بدو يخظى مقابل ذلك ببالغ التقدير ويُغدَق عليه بالمكافآت، وإلى منبره يجلس كل الفتيان. ذهب إليه زرادشت إذاً وجلس مع كل الفتيان هناك. وهكذا تكلّم الحكيم: الاحترام...
خُطَب زرادشت: عن التحوّلات الثلاثة للعقل [11] أذكُرُ لكم ثلاث تحوّلات للعقل: كيف يتحوّل العقل إلى جمل، والجمل إلى أسد، والأسد إلى طفل بالنهاية. أثقال كثرة هناك بالنسبة للعقل القوي المكابد، العقل الممتلئ احتراماً، إلى الثقيل والأكثر ثقلاً ترنو قوّته. ما الثقيل؟ هكذا يسأل العقل المكابد، وهكذا...
في الآخرة تقابل الإله. ولدهشتك وسعادتك تكتشف أنها أثنى، وأنها لا تشبه أي إله من الآلهة التي تصوّرها البشر. إنها تشترك بالعديد من الصفات مع أوصاف جميع الأديان لها، لكنها تتمتّع بعظَمَة إلهية لم تتصوّرها أي ديانة من الديانات. إنها الفيل الذي وصفه الرجال العميان: كلها أوصاف جزئية ولكن لم يدركها أحد...
ديباجة زرادشت [10] ذلك ما قالهُ زرادشت مخاطباً قلبه، وكانت الشمس قد استقرّت متوسّط قبّة السماء: عندها تطلّع في السماء مستفسراً – إذ سَمِعَ صوت طائر، نداءً حاداً فوق رأسه. وإذا هو نسرٌ يحلّق مُسَطّراً دوائر واسعة في الفضاء، وحَيّة تتدلّى منه، لا كالفريسة بل كرفيقة، إذ كانت مُلتَفّةً على...
ديباجة زرادشت [9] نام زرادشت طويلاً، ولم يمُرّ على وجهه نور الفجر فقط، بل وضياء الضحى أيضاً. لكنّ عيناه انفتَحَتا أخيراً، مندهشاً نظر زرادشت إلى الغاب من حوله محدّقاً في السكون، مندهشاً نظر في دخيلة نفسه. ثمّ نهض بسرعةٍ مثل بحّارٍ تَراءَت له اليابسة فجأةً، وأطلَقَ صيحة فَرَح، إذ رأى حقيقةً...
ديباجة زرادشت [8] وبعد أن خاطب زراشت قلبه بهذا الكلام، حَمَلَ الجثّة فوق ظهره وانطلق. ولم يَسِر مائة خطوة حتى تسلّل إلى جانبه شخص وهمس في أذُنِهِ _وإذ ذلك المتحدّث إليه ليس أحداً آخر سوى مهرّج القلعة!_ ((ارحَل عن هذه المدينة يازرادشت)) قال له ((كثيرون هم الحاقدون عليك هنا. يحقد عليك أهل الصلاح...
ديباجة زرادشت [6] لكن ها قد حدث الآن شيء ألجَمَ الألسنة وأجحظ كل العيون. ففي الأثناء كان البهلوان قد شَرَعَ في عمله: خَرَجَ من بوّابة صغيرة وتقدّم سائراً فوق الحبل الذ كان مشدوداً إلى قلعتن متقابلتين، مُعَلّقاً فوق ساحة السوق وحشد الجمهور. وكان قد بلغ منتصف طريقه عندما انفتحت البوّابة الصغيرة...
عندما تموت، عاجلاً أم آجلاً، ستحظى في الآخرة بفرصة سخية: سيكون بإمكانك أن تختار ما تريد أن تكون عليه في الحياة التالية. هل تريد أن تكون من الجنس الآخر؟ أو أن تولد في عائلة مَلَكية؟ أو تكون فيلسوفاً ألمعياً عميقاً لا قَرار لبصيرته؟ أو جندي مقدام يواجه معارك ضارية ويحقّق انتصارات مظفّرة؟ ولكن...
(هل لحياتنا أي معنى أو غاية؟) صحيح، لا أحد يدري. ولكن _شخصياً_ أشكّ في ذلك. نمضي أيامنا، ظانّين أننا نؤدّي أعمالاً مهمة، نقلق بشأن مشاكلنا، وجميع مشاكل العالم من حولنا. نعتقد بأننا ندرك ما الذي يجري حولنا، نبقى سجناء عوالمنا الصغيرة والضئيلة، ونكاد لا نتوقّف ولو قليلاً لنتأمّل تفاهة كل ذلك...
ديباجة زرادشت [5] وبعد أن تكلّم زرادشت بكلماته هذه نظر إلى الشعب مجدّداً وصمت. ((ها هُمْ يقفون هنا))، قال مخاطباً قلبه، ((ها هُم يضحكون: إنهم لا يفهمونني، لستُ الفَمَ الذي يَصلُح لهذه الآذان. أينبغي أن تُقطَع أذنيهم أولاً كي يتعلّموا السماع بأعينهم؟ أينبغي أن يقرقع المرء بمثل دَوِيّ الطبول...

هذا الملف

نصوص
76
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى