مأمون أحمد مصطفى

صبحية القلب والنفس والروح "3" قالت: جاءني من كل صوب وحدب، نداء خفي خفيف، رائق الذوق، لا هو بشهد أو عسل، هو أشهى من الزلال، من القراح، من اللذة، من السلسبيل، نورا من غير لون، لا يدركه بصر ولا تحسه القلوب، يذوب في نوره نور، يتكور كجنين في رحم يسرع نحو التعلق في رحم قبلة كانت هنا، حيث خطواتي،...
"2" تماسك، أوقف هذا النشيج المذبوح، دموع الرجال لا تسقط إلا لأمر جلل، لسقوط أمة، ضياع وطن، انهيار تاريخ، تمزق اللحظات المصلوبة على عالم كامل، يغزوه الجوع، يفتته الظلم، دموع الرجال عزيزة، حتى أنها تأبى النزول خوفا من ضعف، أنت تبكي بكاء نساء مكلومات، بكاء خلوج يحاصرها الحنين والحنان. وهل صبحية...
"1" إلى أختي صبحية، فلق قلبي، صنو روحي، صدقة جارية عن روحها التي اختارها الله لتكون بجانبه. حزمة من ضياء بعزم وحزم، نهضت، تحسست بما فيها من رنو وأنفة، تلمست بفلق قلبها وفيض روحها، زوايا العتمة والوهن في جسد من صلصال، من تراب، يعتقل الروح ويزجها في المرئي والمحسوس، في العادي والمعهود، رفعت...
كان أبي... وهل على الأرض مثل أبي؟! ذلك العجوز الرائع الرائق الوجه، الناصع البياض والنور والمحيا، المترقرقة بسماته بين حبات الندى كماس منثور داخل أشعة الشمس المشرقة على يوم خرج الكون فيه ليغتسل بحبات عرقه الساقطة من غرة الجبين كنهر من زمرد على خطوط الأيام والزمن. كنت في غرفة السجن، سجن نابلس...
حين تفتقد الأمة واعظيها، وتدلهم لياليها، وتتسربل أنوارها بظلماتها، وتختفي عمائم مرشديها، وتتلاشى رجالات صولاتها وجولاتها، وحين يكون الدين غامضا لا يستطيع فهمه أو شرحه أبناء العرب وورثة الرسالة المحمدية، وحين تنقلب الموازين انقلاب الموت للحياة، والحياة للموت، يكون لزاما علينا أن نحمل مصاحفنا...
موضوع، شائك، يخض العقل، ويرج القلب، وَيُيَبِس الفؤاد، فيه من ملامح اليسر ما يوحي بالبساطة التي تجري جريان الماء في الأنهار والغدران، وفيه من العسر المضاف الى العسر، ما يقود الى الحذر المُجْدِب في صفحات القلب، ونبضات الروح. كيف لا، وانا أقف على رؤوس دبابيس وإبر مستدقة مسنونة شديدة الصلابة...
الثامنة صباحًا، في أقصى الشمال الأوروبي، أفَقتُ كعادتي، تسلَّلت نحو الصالة لأُعانِق فنجان الشاي الصباحي، ولأحرق ثلاث دخائن، دخلت الحمام، غرقت تحت مياه حارَّة، يَتصاعَد البخار منها ليهرب من فتحة صغيرة، خرجتُ وكالعادة كانت القهوة التي أعدَّتها زوجتي تقتَحِم خلايا دماغي بقوَّة، فللقهوة مكانةٌ في...
حسنا - قال لنفسه. ولماذا حسنا؟ سأل نفسه. الأمور كلها مختلطة، مجزرة خلف مجزرة، دماء تصبغ الأرض والتراب، وموت يطارد الأشياء، رائحة الجثث تشق شاشات الرائي، تتكون مخلوقا يدخل إلى أعماقنا، فينتشر فيها، يتحرك، يتلوى، يشد بأضراسه الدامية على تيجان القلوب، ويضغط بأسنانه الواهنة على أوسمة...
أصبحنا وأصبح الملك لله، الحمد لله الذي أحيانا بعد ما آماتنا واليه النشور، اللهم بارك لنا في هذا الصباح وقنا شره، الله واكبر، لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب يسر ولا تعسر. صوت والدي الذي يصحو في كل يوم باكرا، يتناهى إلى مسامعي حين تبدأ خطاه...
وحيدا تجلس كعادتك، ترنو للسماء المتناثرة بها النجوم لآلئا في ظلام الوجود والعدم. وتارة ترنو للأفق البعيد بعينيك الذابلتين المرهقتين. فأحس وأنا أنظر إليك من شرفتي المقابلة أنك تلقي حبالك على المدى الذي تحيطه عيناك لتدنيه إليك أكثر، لترى ما هو بوضوح أكثر، لكن حبالك كانت تنزلق في كل مرة جارحة...
أحس بخدر شديد يسري في جسده، فأنفلت العود الصغير من بين أنامله بعد أن حفر في الأرض شقا يتسع لدفن ضفدع. تحسس بيده خده المتورم غير الحليق، ثم انساب بكفه نحو الخد الآخر الحليق، ليلمس نعومته العذبة، قال لنفسه: في الوجه خدان، في الرأس وجه، في الخد الأيمن أورام تتكوم، ألام تتكدس، شعر لا يحلق، في الخد...
«إياك والموت الطبيعي» غسان كنفاني «الموت في لندن» مجموعة قصصية للقاص مأمون أحمد مصطفى وهو فلسطيني يقيم في النرويج. أتت المجموعة في عشر قصص، تحاكي حال الإنسان الفلسطيني الذي انتزع من وطنه وأرضه ليجد نفسه غريباً محروماً يعيش في مخيمات الشتات والبؤس، وإذا ما كتب له الخروج منها وصولاً إلى أوروبا...
"إله المتاهة، رواية تناقض السائد المتوارث، وتدفع بالتأثير التغريبي نحو سياقات وفضاءات روائية واسعة، خاصة وأنها اتخذت من أدب الجنس منطلقا حقيقيا، للانطلاق بهذه الرؤى التغريبية نحو تلك الفضاءات الرحبة الواسعة. ومن هنا لا يمكن اعتبار هذه الرواية من روايات الأدب الداعر التي تسعى لتدمير التأثير...
الرؤية ورواية الرواية: تؤصل الرواية بأنها التاريخ الابداعي المتخيل، داخل التاريخ الموضوعي المعاصر، لذا اصبحت على اختلاف مستوياتها، وتوجهاتها الدلالية، الوعي الابداعي الكاشف عن جوهر مفارقات هذا التاريخ وتناقضاته، صراعاته، فواجعه والتباساته. سواء في تضاريه الحديثة، او أعماله الباطنية. الرواية...
عزيزي يوسف لا أعرف تماما لماذا أكتب لك هذه الرسالة، ولا أدري لماذا اخترتك دون غيرك من بين جميع أصدقائي لأوجه لك هذا الخطاب. ولكني على يقين تام بأنك كنت تربك هواجس نفسي لا شعوريا، حين كانت تحلق أفكاري على مساحات الوحدة والانطواء، التي لفعتني بظلالها القاتمة وأنا أنتظر دخول غرفة...

هذا الملف

نصوص
51
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى