مأمون أحمد مصطفى

حوارية قال لي: - أنا أعرفك منذ زمن بعيد، بيني وبينك اتصال، تخاطر، رسائلك لم تكتب بالأحرف، ليس لها مفردات، لا تتشكل من الجمل، لكني أعرفك جيدا، رسائلك كلها فيً، في مخزون ذاكرة خاصة، ذاكرة تحاصر الزمان، تحاصر المكان، تقتحم مجهول الأقبية والسراديب والدياجير. قلت: - وأنا أعرفك، ملامحك، كل...
لا أعرف ما الذي يعتريني؟ ولا أعرف كيف يتحول الرأس إلى مخزن للألم الضارب؟ حتى لتحس للحظات بأنه سيتوقف عن العمل، وربما من شدة الضغط والترجرج، سيتناثر إلى شظايا على شكل ذرات موزعة، لا ترى ولا تلمس، ويبقى الألم مسيطرا، فلا الرأس متوقف، ولا الشظايا متناثرة. أَخرُجُ إلى باب المنزل، أُعَرّضُ رأسي...
[/B][/CENTER] كان لي صديقٌ، حادُّ الذكاء، عميقُ التجربة، قضى في سجون الاحتلال عقدين من الزمن، وزعها بين العذاب والزنازين، وبين الأسى والشوق والاشتياق، لكنه ظل شامخا، صامدا، مستقيم الظهر، مرفوع الهامة. ينظر إلى العالم والأحداث، بعينين لامعتين، ترسلان بريقا يَشِي بعمق النظرة وَحِدَّة الفكرة،...
حـديث البـطـولـة - حدّثْني عن البطولة، عن الرجولة، عن الرجال، أخبرْني كيف يخرج الآحاد من بين الملايين، ليكونوا غُرَّةَ الكون وتاجَ التاريخ؟ عن عقولهم، وأفكارهم، عن نفوسهم وتطلعاتهم، عن قسماتهم وملامح الأرض التي تسكن خطوط وجوههم وقلوبهم، عن كل شيء فيهم؟ - وهل تحتاج البطولة إلى حديث؟ هل...
ذات يوم فاجأني أحد الأصدقاء بسؤال غريب، لم أكن أتوقع أن أسمعه يوما ما، وخصوصا من صديقي المعروف بقوة شخصيته ورزانته واتزانه وتعففه عن استخدام ألفاظ غير محسوبة، أو أسئلة تقود نحو الحرج والخجل. سألني: ما الفرق بين ما أنت عليه الآن، وبين زمن كنت فيه طفلا؟ قلت: بين أعطاف الطفولة كنت أملك حريتي...
6- 2006 شهر جديد، لا علاقة له بأشهر العمر التي مرت وقطعت سنين عمري المثقل بالوجع والهم، فيه تكوَّنَ حزنُ الفرح، ومنه انبثقت دموع عذبة، خالصة الصفاء، وفيه توزعت نفسي على مرافئ الأحاسيس المجهولة المغلفة بوضوح الغموض، وصفاء المجهول. 10- 06- 2006 بدأت الأيام تنهب حواف الزمن، وميناءُ الساعةِ...
تتسارع الأشياء، تكتمل، تتوالج الظلمات مع انبثاقات النهار، تتوثب الرؤى لتنازع المعلوم مرورا لطيفا بين خفقات المجهول، تندفع الطاقة الكامنة من روح تشعر بتحدب اللحيظات القادمة، تتدلى أيام العمر أمام العينين، كعناقيد من وهج متفجر، ترسل بريقا يمتزج فيه الأصفر مع لون الغروب، تتلاقح الألوان وتتزواج،...
بيني وبين الموت علاقة معقدة، مركبة، متناقضة، تسكن الوعي، وتقيم في اللاوعي، يغلفها المجهول، ويتلحفها المعلوم، توطدت المشاعر والأحاسيس فيه، حين كنت أحاول النهوض من الحبو وما قبل ذلك، وحتى الوصول إلى نقطة الوعي الأولى، كان يبحث عني، وكنت أبحث عنه، مطاردة حامية، فيها لهاث متبوع بلهاث، وحمحمة تتلقفها...
ذات قول قلت: بأن حذاء فتاة مسلمة في فرنسا، خيرت فاختارت، خيرت التمسك بوعيها وثقافتها وتاريخها وإدراكها ودينها، بين الحجاب الذي يشكل كيانها العاطفي والنفسي والعقلي والإيماني، وبين مستقبلها الذي سينسف ويجتث ويمحى كنثار الممحاة، فاختارت بعزم الإرادة الحرة، وإرادة الوعي المحزم بالثبات، والمرصع...
بيني وبين الأنظمة العربية علاقة حَذِرَةٌ رَجْراجَة، علاقة الفيل المفروض عليه أن يقف على رأس الإبرة، ولكن دون إجبار فوري، بل بإعطائه الوقت الكافي لابتكار طريقة تمكّنه من إيجاد وسيلة تمكنه من السيطرة على وزنه وضخامته، وضآلة الإبرة واستدقاق رأسها، ومما لا شك فيه أن مثل هذه العلاقة تعتبر علاقة معقدة...
في العام ألفٍ وتسعمائة وأربعة وثمانين، كنت قد أنهيت مجموعتي القصصية الأولى، وباشرت الاتصال بدور النشر في فلسطين من أجل إخراجها وطباعتها. وكان لزاما عليَّ -أُسْوَةً بغيري- التوجهُ لاستشارة جمع من الكُتّاب والشعراء، وأتت النصائح بمسارين متضادين: المسار الأول: نَحَا أصحابُه مَنْحَى النقد العام...
رأيتها يوم رأيتها، بالعين، بالقلب، بالنفس، تمسك النسمة برقة الفرح والحبور، بأنامل من ياسمين مقطر، تفتش فيها، تستل النعومة والطراوة، تقطف شعاعا من شمس تطل بخجل وحياء من بين ثنايا عتمة، تحشو النعومة والطراوة في الشعاع، وتستدعي النور من عينيها، يسيل برقة، تفتح له مسارات في العتمة، يتنفس الصبح أنفاس...
نعم أنا أفخر بهذا سؤال غريب، من شخص غريب، مسيحي، ومسلم، وثني، وبوذي، وكأني بهم جميعا، يريدون مني التنصل مما حباني ربي ومنً علي به من كرمه ولطفه، كي أكون راضيا منتهى الرضى عن انتمائي، إيماني به، تسليمي له، تذللي المطلق غير المحدود لصفاته وأسماءه جل في علاه. إيمان ثقة راسخة، لا تحركها أو...
صبحية القلب والنفس والروح "5" هكذا، كومضة خاطفة، خيط برق، صوت رعد، نسمة عابرة، مثل حلم منتزع من ذاكرة الوفاة التي تأتينا كلما ذهبنا بوسن للسرير، حلم بزمان ومكان وأحداث، كأننا وهو يتحكم فينا، لسنا في حالة الوفاة، وحين نصحوا، نحاول بكل ما فينا من عجز وقصور آدمية وإنسانية، استرجاع ولو لحظة...
صبحية القلب والنفس والروح "4" لا أعرف ما الذي سيهدك يوما ما؟ جملة أطلقها ولدي معتصم بفخر واعتزاز، بعد مصارعة بالأيدي بيني وبينه، بها الكثير من الإعجاب بقوة جسدي ومتانة عضلاتي. يوم ماتت أختي، ووصلني خبرها، خارت قواي، تحطم عزمي، دمرت قدراتي، وقعت فريسة بكاء يخطف الأنفاس، ونشيج يغلق الحلق، صورة...

هذا الملف

نصوص
51
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى