مأمون أحمد مصطفى

6- 2006 شهر جديد، لا علاقة له بأشهر العمر التي مرت وقطعت سنين عمري المثقل بالوجع والهم، فيه تكوَّنَ حزنُ الفرح، ومنه انبثقت دموع عذبة، خالصة الصفاء، وفيه توزعت نفسي على مرافئ الأحاسيس المجهولة المغلفة بوضوح الغموض، وصفاء المجهول. 10- 06- 2006 بدأت الأيام تنهب حواف الزمن، وميناءُ الساعةِ...
تتسارع الأشياء، تكتمل، تتوالج الظلمات مع انبثاقات النهار، تتوثب الرؤى لتنازع المعلوم مرورا لطيفا بين خفقات المجهول، تندفع الطاقة الكامنة من روح تشعر بتحدب اللحيظات القادمة، تتدلى أيام العمر أمام العينين، كعناقيد من وهج متفجر، ترسل بريقا يمتزج فيه الأصفر مع لون الغروب، تتلاقح الألوان وتتزواج،...
بيني وبين الموت علاقة معقدة، مركبة، متناقضة، تسكن الوعي، وتقيم في اللاوعي، يغلفها المجهول، ويتلحفها المعلوم، توطدت المشاعر والأحاسيس فيه، حين كنت أحاول النهوض من الحبو وما قبل ذلك، وحتى الوصول إلى نقطة الوعي الأولى، كان يبحث عني، وكنت أبحث عنه، مطاردة حامية، فيها لهاث متبوع بلهاث، وحمحمة تتلقفها...
ذات قول قلت: بأن حذاء فتاة مسلمة في فرنسا، خيرت فاختارت، خيرت التمسك بوعيها وثقافتها وتاريخها وإدراكها ودينها، بين الحجاب الذي يشكل كيانها العاطفي والنفسي والعقلي والإيماني، وبين مستقبلها الذي سينسف ويجتث ويمحى كنثار الممحاة، فاختارت بعزم الإرادة الحرة، وإرادة الوعي المحزم بالثبات، والمرصع...
بيني وبين الأنظمة العربية علاقة حَذِرَةٌ رَجْراجَة، علاقة الفيل المفروض عليه أن يقف على رأس الإبرة، ولكن دون إجبار فوري، بل بإعطائه الوقت الكافي لابتكار طريقة تمكّنه من إيجاد وسيلة تمكنه من السيطرة على وزنه وضخامته، وضآلة الإبرة واستدقاق رأسها، ومما لا شك فيه أن مثل هذه العلاقة تعتبر علاقة معقدة...
في العام ألفٍ وتسعمائة وأربعة وثمانين، كنت قد أنهيت مجموعتي القصصية الأولى، وباشرت الاتصال بدور النشر في فلسطين من أجل إخراجها وطباعتها. وكان لزاما عليَّ -أُسْوَةً بغيري- التوجهُ لاستشارة جمع من الكُتّاب والشعراء، وأتت النصائح بمسارين متضادين: المسار الأول: نَحَا أصحابُه مَنْحَى النقد العام...
رأيتها يوم رأيتها، بالعين، بالقلب، بالنفس، تمسك النسمة برقة الفرح والحبور، بأنامل من ياسمين مقطر، تفتش فيها، تستل النعومة والطراوة، تقطف شعاعا من شمس تطل بخجل وحياء من بين ثنايا عتمة، تحشو النعومة والطراوة في الشعاع، وتستدعي النور من عينيها، يسيل برقة، تفتح له مسارات في العتمة، يتنفس الصبح أنفاس...
نعم أنا أفخر بهذا سؤال غريب، من شخص غريب، مسيحي، ومسلم، وثني، وبوذي، وكأني بهم جميعا، يريدون مني التنصل مما حباني ربي ومنً علي به من كرمه ولطفه، كي أكون راضيا منتهى الرضى عن انتمائي، إيماني به، تسليمي له، تذللي المطلق غير المحدود لصفاته وأسماءه جل في علاه. إيمان ثقة راسخة، لا تحركها أو...
صبحية القلب والنفس والروح "5" هكذا، كومضة خاطفة، خيط برق، صوت رعد، نسمة عابرة، مثل حلم منتزع من ذاكرة الوفاة التي تأتينا كلما ذهبنا بوسن للسرير، حلم بزمان ومكان وأحداث، كأننا وهو يتحكم فينا، لسنا في حالة الوفاة، وحين نصحوا، نحاول بكل ما فينا من عجز وقصور آدمية وإنسانية، استرجاع ولو لحظة...
صبحية القلب والنفس والروح "4" لا أعرف ما الذي سيهدك يوما ما؟ جملة أطلقها ولدي معتصم بفخر واعتزاز، بعد مصارعة بالأيدي بيني وبينه، بها الكثير من الإعجاب بقوة جسدي ومتانة عضلاتي. يوم ماتت أختي، ووصلني خبرها، خارت قواي، تحطم عزمي، دمرت قدراتي، وقعت فريسة بكاء يخطف الأنفاس، ونشيج يغلق الحلق، صورة...
صبحية القلب والنفس والروح "3" قالت: جاءني من كل صوب وحدب، نداء خفي خفيف، رائق الذوق، لا هو بشهد أو عسل، هو أشهى من الزلال، من القراح، من اللذة، من السلسبيل، نورا من غير لون، لا يدركه بصر ولا تحسه القلوب، يذوب في نوره نور، يتكور كجنين في رحم يسرع نحو التعلق في رحم قبلة كانت هنا، حيث خطواتي،...
"2" تماسك، أوقف هذا النشيج المذبوح، دموع الرجال لا تسقط إلا لأمر جلل، لسقوط أمة، ضياع وطن، انهيار تاريخ، تمزق اللحظات المصلوبة على عالم كامل، يغزوه الجوع، يفتته الظلم، دموع الرجال عزيزة، حتى أنها تأبى النزول خوفا من ضعف، أنت تبكي بكاء نساء مكلومات، بكاء خلوج يحاصرها الحنين والحنان. وهل صبحية...
"1" إلى أختي صبحية، فلق قلبي، صنو روحي، صدقة جارية عن روحها التي اختارها الله لتكون بجانبه. حزمة من ضياء بعزم وحزم، نهضت، تحسست بما فيها من رنو وأنفة، تلمست بفلق قلبها وفيض روحها، زوايا العتمة والوهن في جسد من صلصال، من تراب، يعتقل الروح ويزجها في المرئي والمحسوس، في العادي والمعهود، رفعت...
كان أبي... وهل على الأرض مثل أبي؟! ذلك العجوز الرائع الرائق الوجه، الناصع البياض والنور والمحيا، المترقرقة بسماته بين حبات الندى كماس منثور داخل أشعة الشمس المشرقة على يوم خرج الكون فيه ليغتسل بحبات عرقه الساقطة من غرة الجبين كنهر من زمرد على خطوط الأيام والزمن. كنت في غرفة السجن، سجن نابلس...
حين تفتقد الأمة واعظيها، وتدلهم لياليها، وتتسربل أنوارها بظلماتها، وتختفي عمائم مرشديها، وتتلاشى رجالات صولاتها وجولاتها، وحين يكون الدين غامضا لا يستطيع فهمه أو شرحه أبناء العرب وورثة الرسالة المحمدية، وحين تنقلب الموازين انقلاب الموت للحياة، والحياة للموت، يكون لزاما علينا أن نحمل مصاحفنا...

هذا الملف

نصوص
46
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى