يدعى الحبيبَ و قالوا كنتِ أجنحةً
حتى يطير..و لما طار لم يعد..
يدعى: الحبيبَ و كم داريتهُ فغدا
عند الشباب كسيف غار في كبدي..
ما عاد يذكر كم ربيته ولدا
و كم بذلتُ لأجل الحب نور غدي
بالأمس كان لطول الوقت منتظرا
حتى أنام ليقضي الليل في خلدي
حبي إليه كبير ليس يعرفه
لكن حب صغيري غير ذي عمد..
حاولتُ...
كم دمعة تدنو لقلبي الحائر
وفراشة ترتاح فوق دفاتري..
و قصيدة أودعتها في ليلتي
طارت لتخبر عن جميع مشاعري..
كالنسمة الوسنى أتيتك رافعا
كفي و عذري أن طيفك زائري
لا ما استطعتُ النوم كنت بجانبي
وعلمتَ كم بات الظلام محاصري..
حاولتُ مرات و مرات بلا
جدوى فعدتُ إلى السكون الآسر
و طرقتُ بابكَ يا كريم مؤملا...
حاولت أخفي الدمع حين لقائنا
و ركضت نحو الباب قبل وقوعي..
أدري بأنك ما تزال مقربا
مني و لكن لن تبوح ضلوعي
سأظل أسأل من بعيد عن سنا
طيفٍ تغلغل في دمي و ربوعي..
سأزور ما كنا نزور و ألتقي
بك في الخيال و عند كل ربيع..
أنا ما أزال بِحيرة و أصابعي
تأوي إلى نبض يزيد خشوعي
و أحس أنك في الجوار و لا أعي...
أنين الدفاتر فوق الرفوف..
و طرفٌ يبوح بحزني الكثيف
و بدرٌ يسافر خلف الحبيب
ليخطف من راحتيه القطوف..
تراءى لعينيّ أنّ الفراق
سيقضي على كل ذاك النزيف
و أن لو صبرنا لحلو اللقاء
سنشقى بقرب ينافي الظروف..
رحلتَ بعيدا و هل من غريب
تساقطُ أوراق فصل الخريف؟
تعلقتُ بالوهم حتى الضياع
و أسرفت في قرب ظل...
جميع الذي بيني وبينك قد هلك..
وما عدتَ في عيني نبيلا لأمهلك
فخور هو الإنسان بين رفاقه
على ما تمادى في الظلام و ما هتك..
و في الضوء مثل الهر يخفي نيوبه
عن الناس كي يبقى الإمام بما ملك..
و هيهات أن يخفي الحقيقة دائما
ستعرى أمام الله يوما ليسألك..
سلام على قلب تعثر إنما
أراد افتراش الغيم وارتاد...
كان الطريق إلى عينيكَ متسِقا..
ماذا تغير حتى ضاق و اختنقا؟
أمسى الفؤاد بلا خلٍّ و آن له
ألا يمدَّ لذاك الحبِّ خيط لقا..
حاولتُ بضع سنينٍ أن أطاوعه
فما نسبتُ لغير القلب ما نطقا..
و كم كذبتُ على نفسي لأقنعها
أنَّ الحبيب بداعي الحب قد سرقا..
و كان يعبث بالأضواء آونةً
و في الظلام يعيش الهم والنزقا...
ناشدتُ قلبي أن يعود و ينبضا
قال اتركيهِ فكلُّ ماضينا سدى..
لا شيء يجذبنا إليه سوى غد
يروي حكايتنا التي لن تولدا..
ترميهِ أمواج الحنين لدارنا..
لكن يظلُّ مسافرا خلف المدى
و أبوح للأوراق كيف لمحتهُ
خلفَ السطور وكيف طار بلا هدى..
بل كيف عانقني بكفٍّ باردٍ
ليقول إني لن أعود مجددا..
و اختار أن يمضي...
ولقد فرغتُ من الوعود جميعها..
وفتحتُ للأقصى يديَّ فأسرعي
حاولتُ ألا أقتفيكِ و لم أزل
أنوي الهروب فهل يفيد تضرعي؟
واللهِ ربي ما قرأتُ قصيدةً
إلا لأسرح في فضاء اللاوعي
و أعيدَ فوضاكِ التي أدمنتها
و عشقتها مذ أن وهبتكِ أضلعي..
أنا يا حبيبةُ في غيابك ضائع
هلا رجعتِ إلي إن لم أرجع..
أخطأت حين تركتُ...
هجرتكَ بيد أنك في خيالي
تظل تضيء لي عتم الليالي..
و تسحرني بطيفك حيث أمضي
ففي كل الجهات أرى غزالي..
أحاول أن أغيب فهل تسنى
لنبضك أن يحن سوى لشالي..؟
أحبك..فاقترب مني قليلا
و كن أنت الجواب على سؤالي..
أحبك..هل جزاء الحب إلا
عناق و احتراق في الوصال؟
يئن على فراقك كل شبر
و تصحب مر أيامي اللآلي...
آتيكَ قبل الوقت أسرق لحظة
أخرى و أهرب قبل أن ألقاكا
آتيكَ مثل غمامة وردية
تهمي عليك لكي تقبِّل فاكا..
و أظل في شوق إليكَ كأنني
منذ الخليقة لم أزل أهواكا..
أمهلتَني حتى وداع آخر
و تركتَ في قلبي الجريح سناكا..
ما كان في ليلي سواكَ فهل ترى
بات الحنين مهددا لذراكا؟!
لم يبق غصن أخضر في داخلي
منذ...
للمرة الأولى أخون دفاتري
وأفرُّ من أسر لأسر آخر..
لم يعطني وقتا لأشعر أنني
أبهى النساء وأن تفيض مشاعري..
قد كنتُ آمل أن يكون محلقا
و يطير من وهج اللقاء الآسر..
قد كنتُ آمل أن يظل بجانبي
و يشد من أزري و يجبر خاطري
حتى عرفتُ لدى المساء بأنه
يهوى الجمال و يستعين بزائر..
كم كان يسرف في الوعود و...
أشتاق للنغم الحزين على فمك..
و أغار من ذهب ينام بمعصمك
و أباركُ اللحظات حين تضمنا
وكأنني بدر يطوف بأنجمك..
لا أشتري لي أيَّ شيء إنما
أختار زلفى كي ألوذ بمبسمك..
و أطارد الحلمَ الذي خبأتِه
بين الضلوع لأطمئن على دمك..
لا تقطفي دمعي فديتك إنني
أولى بحبك و الحبور بمقدمك
لولا وجودك في الحياة لما عرى...
قبلته قبل اللقاء
و كان أول موعد..
لا شيء أذكر غير أن يديه لم تترك يدي..
و تسللت عيناه في شوق لداخل معبدي
كم كان يغمرني الحنين
لسوسن الثغر الندي..
طرنا إلى توما..
و سرنا في شوارعها القديمة
حاراتها بالكاد تعرفني و تجهل قصة البنت اليتيمة..
لكنها ترنو إلي ببسمة
و تمدني بالدفء أعواما كأن بصدرها شمسا...
يزداد رغم البعد فيك تعلقي
و أهيم في موج الشفاه المغرق..
و أموت في سري عليك صبابة
ماذا فعلت بطفلة لم تعشق..؟
ما كنتُ أحسب للهوى من سلطة
حتى وقعتُ بأسر حب محرق..
يجتاحني كالسيل يكسر أضلعي
و ينام فوق ذراعي المتشوق ..
عيناه تنطق بالغرام و ثغره
يرنو إلى ثغري الذي لم ينطق..
و يداه تشرع بالفتوح فهل ترى...
تغتالني بالحبِّ كلَّ دقيقة
يا ويح قلبي كم إليكَ تشدني
يا نسمة العشق اللطيفة يا أنا
خذني إليكَ و من رضابكَ فاسقني
أغدا أطير إليكَ مثل يمامةٍ
وأعانق الترب الأثير بموطني؟
أغدا ستهديني الورود و تنحني
حين اللقاء لكي تعانق سوسني؟
حلقتُ فوق الغيم حين وهبتني
دفءَ الضلوعِ و قلتَ:أنتِ ملكتني
و فتحتِ لي...