عبدالله نجاح

تَشبّث بِالْحُلْم، لِأنَّ الأحْلام إِذَا مَاتَت، كَمَا الطَّيْر مَكسُور الجنَاح لَا يَقدِر على الطَّيران. تَشبّث بِالْحُلْم، لِأنَّ الأحْلام إِذَا تَلاشَت، كَمَا اَلحُقول الجرْداء اَلتِي يُصيبهَا صقيع الثُّلوج.
الموت أيضًا سوف يُصبِح عجوز يومًا ما، سوف يكون مرهقًا، و يجلس، ينحني، ورأسهُ بين ركبتيه سوف يُعانق نفسه، مِثل الحياة، ويمد يديه، بِتَحَيُّر في حروف من شظايا الحجر والجُدران، يشُدّ الكلِمات من قُعُر الأرض القاتمة يجمعها، يُشكلها ويَفصل الأجزاء الصغيرة بصوت خافت، وسيفكر أن للقمر، نظرة رِقَّيقة...
جاءَ الرب إلى إبراهيم، إبراهيم، الرجلُ الذي لم يعرِف المجد، يستطيع أن يصمُد امامَ ما حرمهُ الرب، وقالَ الرب: يا إبراهيم جئتُ لأهلك سدوم ، سدوم ، سدوم ، سدوم، المدينة الذهبية للأثم واللهو. رعد . رعد . رعد . رعد . الموتُ مُفزِع، شيء مُحَير. في البدء، اللامبالاة التي لا يحبها أحد، ثمَ تأتي...
أنا مُعتاد على قَسَاوَته، جَاثمٌ على أضلاعي أعتدتُ غَوارِب الغابات، أعتدتُ على طريقة اِنْسَياب إبهامي في البحر وأنا أشَدّهُ بإحكام. شيءٌ حلو، في رائِحَة اللحم العبِقة، تَأجّج وتعرق ومُعَانَاة فتية. لقد تعلمتُ أن أحمِلها، في الطريقة التي يتعلم فيها البائس، تحمُل كُل شيء. هوامش: أطلس هو إله...
الفتَاة الصَّغيرة البريئة لَقد رَسمُوا الحنَّاء على يديْهَا وقاموا بِظَفر شِعْرهَا بِشَكل جميل لَقد وَضعُوا اَلكُحل حَوْل عيْنيْهَا ولوَّنوا حواجبهَا، ووضعوا مَكْيَاجا أَحمَر وأبْيض على دُمْيتِهَا مِثْل وجْههَا. كمًّا دُمَى الفتيات البائسات الرَّثَّة تَبدُو الآن تَافِهة. الفتَاة الصَّغيرة...
أنَا أَشبَه كُلّ شَخْص، إِلَّا أنَا، أحْيانًا أرى على نَوافِذ المتاجر، رغْمًا عن قَوانِين البصريَّات المعْروفة صُورَة شَخْص غريب، التَّاريخ غَيْر مَعرُوف، فِي الغالِب، وَقعَت فِي الزَّاوية، مِن قَبْل، أَبِي.
يَخرجُ مِن الارضية يُحدق فِي هدوء فأرٌ مسموم لا يزالُ على قيد الحياة يسألُ ما الذي فعلته والذي لم تفعله أنتَ؟!
هذَا كان هُو مَوسِم الجفَاف، اَلموْسِم الشَّاقُّ، الوقْتُ اَلذِي تَركَت فِيه الشَّمْس أثرًا على مَسَار طويل وَشاسِع، مُحطَّم الآمَال، وَأمَل سُنِّي اَلعُمال خلْفهَا، والْأنين اَلطوِيل وَرَاءهَا، واللَّعْنة المرْعبة، والْأيادي البائسة. رَفُعَت إِلى السَّمَاء، وأنْكروا الإله. الرِّجَال يُراقبون...
عَزيزِي اَلغرِيب، إقْرأ هذَا اَلكُتيب اَلصغِير اَلأمِين. كُتيِّب رَجُل بسيط أحبَّ كثيرًا ولم يَكُن مَحبُوبا، دع حياتك تَنسَجِم مع السُّطور فِي هَذِه الصَّفحات، السُّطور اَلتِي تُذكِرُك بِبَعض الشَّواطئ المُرعِبة، الأمْطار الباردة وحطام السُّفن والرِّياح والْأمْواج المُضطرِبة، صُوَر وَحشِية...
كان رَجُلاٌ طيِّبًا، كُلُّ الرِّجَال يموتون. أَيهَا الموْتُ، هل أَسقطتكَ الدموع والصَريخ يوْمًا على رُكْبتَيْك؟ كان رَجُلاٌ طيِّبًا، اِسْمع أنين الأرْملة. أَيهَا الموْتُ، هل تَبكِي. أُمٌّ أنَّ قَلبَك، مِن حجر؟
نَتَألَّم، حَتَّى نُحقِّق التَّناسق بَيْن كُلِّ فَرحَة، نَحْن اَلآلِهة، نُرَاقِب فِي عُيُون بَائِسة وسط الرَّمَاد. اَلقُلوب اَلتِي تَنزِف مِن جُرُوح الحيَاة، الطَّفيفة. الأرْواح الحائرة بَيْن اَللَّه والرَّغْبة. نُدْرِك طريق العطْف، و رِثاء الألم. نُدْرِك الشَّارع، اَلثقِيل اللَّامتناهي...
فِي هذَا العالم عِنْدمَا تَتَشظَّى حَيَاتنَا، أو يُعَاد ترْتيبهَا. الشَّاعر إِلى مَا لَا نِهاية، يُعَانِق المجْهول يَخلُق قَصِيدَة لَهَا شِدَّة فِي مُشَاركَة، لَهِب رُوحه الكامن فِي القعْر.

هذا الملف

نصوص
27
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى