1
كنت في القاهرة منذ عشرة أعوام شابا غنيا وحيدا وكنت قد انتهيت من دراستي وشيكا وفرغت لشبابي أحياه بعد ضني طويل في الدراسة. وأنت تعرف هذه الحياة الباهرة من الفتوة والكآبة والبطالة.. وتعرف كيف ينبعث من غمارها من حيرة، وقلق، ومشاعر حزينة أخري. فربما استولي عليك في ساعة تعب بعد سهر ليلة واحدة كاملة...
كان في أقصى الصعيد نجع قريب من الجبل يسكنه جماعة من فقراء الفلاحين وبينهم بعض الأعراب الذين سكنوا القرى المصرية واعتادوا حياة الريف والاستقرار، ولكن لم تتبدل فيهم غرائز البدو وعاداتهم الموروثة. وكان في النجع بدوي شيخ قد ناهز الثمانين، أسمر البشرة، حديد البصر، اسمه (رحاب)، إذا مشى خلف جماله اطرق...
بين الأزهر وبين القرية، يولد طالب العلم كل يوم مرة على تجارب لم يشهدها وحياة لم يألفها، في تلك المدينة التي يختنق صوت المؤذن فيها بصيحات المعربدين الفجار، والتي لو بعث فيها اليوم منشئها الأول جوهر الصقلي لما وجد فيها مكاناً يأوي إليه، ولآثر عليها منادمة منكر ونكير. . .
ويوم غادر الشيخ عبد...
لست أدري كيف كان موتهم، وكيف سيكون موتكم أنتم، أما موتي أنا فقد كان أعجوبة الأعاجيب··· فيلم خيالي من أفلام هيتشكوك، أو من أفلام العلم المستقبلي·كنا ثلاثة أطراف في العملية، الموت، أنا، الناس·الموت، يجلس عند رأسي حائرا فيما سيفعل، فقد نفذ أمرا اكتشف أنه نفذه قبل أوانه·أنا ممدود في نعش أخضر أحضروه...
كان فتى خيالي النزعة، أغرته هذه الأفكار السوداوية، فاندفع فيها، لا يرى أن الحياة تتسع لغير هذا الشقاء يعلق بها من مفتتحها إلى حيث الحد بين الدنيا والآخرة، ومضى تعبث الكآبة بناضر شبابه، إلى أن غدا وهو في ميعة العمر. ناحل القد، حائل اللون، رطب الجفن كأنما علق به أثر من أدمع البارحة. . وإذا ما...
(1) ولما ابتسمت لي نبتت في جرحى وردة
كنت أحاول أن أتجنب الألم ..
لكن الألم لم يحاول مرة واحدة أن يتجاهلني .
تمنيت في لحظات الشدة أن أحيا وأعيش متخليا عن جسدي..
ولكن كيف أعيش شفافا بين الناس وهم لا يرون إلا كل متجسد؟
في يوم من أيام الألم ، كنت أنتظر طلوع الشمس من وراء زجاج النافذة...
قالت أمها أنها مجموعة من ثمار التوت، فقد تشهت نفسها هذه الفاكهة الحلوة وهي حبلى، ولم يصادف طلبها لها موسم التوت قصير الأجل.. وولدت “ نصرة، وعلى خدها الأيمن هذا العيب الظاهر، الذي يشبه ثمار التوت في لونها، وسطحها المحبب، حتى أطلق الناس عليها في طفولتها اسم “ توتـة”…
ولم يكن أهل توتـة من ذوي...
عرفته في المدرسة فتى وسيم الطلعة، صبوح الوجه، حيي الطبع، هادئ النفس، فتوددت إليه واكتسبت صداقته
عرفت من خصاله العبوسة والخشونة والتجهم والغضب كما عرفت منها الطيبة والسلاسة والصدق والوفاء.
كان تارة عنيف الحركة حتى الجنون، وطوراً ساكناً كأنه غارق فيها!
عرف معلموه فيه الإقدام بدون تردد، والأحجام...
يفتح زجاجة النبيذ الأحمر. يتذكر قولة جيمس جويس" النبيذ الأبيض يحرك الأرجل أما الأحمر فيحرك الرؤوس".
كان يعبه باستمرار مع نينو فرانك و مع صام بكيت و مع جيلي و مع الآخرين . و لكنه مع ذلك استطاع أن يكتب كتابين لا غير . الباقي زيادات. قال جويس:
ـ لم أكتب إلا كتابا واحدا. و لم أكتب إلا عن شخص واحد...
في البدء كانت النكتة.
وفي النهاية ربما أيضًا تكون!
والنكتة في النكتة أنها ليست نكتة، ولكنها واقعة حدثت لأهل النكتة، صناعها المهرة، ورواتها العتاة.
النكتة لم تكن أن يستيقظ هذا العدد الكبير من الناس، لأول مرة في تاريخ حي الباطنية، وكر الحشيش والأفيون والسيكونال، ليؤدوا صلاة الفجر، هم الذين يبدأ...
كان يجب أن يكون مبتهجًا طروبًا؛ فاليوم يوم زفافه.. ولكنه لم يكن في الواقع كذلك! نعم إنه في أعماق قلبه كان سعيدًا، ولكنه لا يدري لم كان كذلك قلقًا عصبيًا. ولم يكن يدري سببًا لذلك القلق الذي خيم عليه وذلك الانقباض الذي أحسه طول ذلك اليوم، وهو الذي كانت الابتسامة لا تغيب عن شفتيه أبدًا..! كان يكثر...
حيّرني في الحقيقة وجه الفتاة، وهي تبكي، وحزينة. ثمة شيء ما، كأنه الغيم الذي يحجب الشمس، فتعم من بعد ذلك، على وجه الأرض، الكآبة، وتشيع التعاسة، وينهمر المطر، على مدن خالية الشوارع من البشر، وموحشة.
ثمة شيء مثل ذلك، كان يحيط بوجه الفتاة، ليمحو من ملامحها، أي أثر للجمال، بالرغم من أن تقاطيع وجهها،...
الحب، والأمومة، اتفقنا على الصراع في قلب زوجة. . .
فلماذا تراها فاعلة؟!
كنت قرب النافذة أتلهى بشغل الأبرة، واستروح آخر نسمات الربيع، وألقى على الطريق نظرات متباعدة لعلى أرى طفلي وهما في طريقهما من المدرسة إلى البيت. وفي آخر نظرة لم تقع عيناي على وجهي طفلي، وإنما رأيت زوجي يجتاز آخر مرحلة من...
ليس آت ببعيد
بل قريب ما سيأتي
(عبدالله بن عبد الأعلى)
منذ أن جاورته، على المقعد الّذي أكلته أسنان مَنْ سبقنا في المدرسة الابتدائيّة، لا أعرفه إلّا بهذا اللقب - السلطعون. أمّا هو فكان يدّعي أنّه حمله معه من قريته. وأمّا أهله فقالوا إنّه عاد به من المدينة. والحقيقة هي أنّ ألقاب ولدنتنا، مثل...
شرب عبد الواحد وسقانا ثلاثة أقداح من الشاي المعطر. ثم أطلق من حنجرته القوية جشأة طويلة عريضة كخوار العجل، ثم حضأ النار بأنامله وشيع ضرمها في بقية الفحم؛ ثم أشعل منها (سيكارته) العربية وأرسل في رفق دخانها الرقيق الأدكن. وبانت على معارف وجهه شهوة الكلام. وكان كلبي الصغير قد لاذ من قرص البرد بجانب...