أحسن القصص... (مختارات ولطائف من القصة القصيرة العربية لجيل الرواد)

خيل إلي أنني سمعت هذا الصوت من قبل… نفس الصوت الذي يتردد الآن في الفضاء… يتماوج ببطء _يتكسر_ يتصاعد في عنف، ويعود يتفتت _عواء وتشنج_ يتفتت إلى صرخات قصيرة. نفس الصوت يدعوني إلى الوقوف في الصف بلهجة الأمر _لهجة صارمة لها امتداد كالصرير_ أفاجأ بالأمر والموقف من أساسه وأفاجأ بصورة خاصة من أمر...
يحلُ الغسق.‏ وتغادر الدار فرحةً. يفسدها عرقٌ أخضر، يتوهج في أعماقها كحباتٍ مضيئةٍ. تقطع شارعاً مُناراً. تصلُ الحديقة العامة، مصابيح الكهرباء تنشر أنوارها في أرجائها.‏ نجلس على مقعدٍ قريب من البابِ، تَرْقَبُ مجيئه.‏ سيلتقي بها، وسيقدم لها الخاتم الذي تنتظره.‏ أينعث أنوثتها في صدرها مبكرةً،...
أوقفني العجوز شبه المقعد عن قطع الطريق ، أشار لي لا بل انتهرني بجلافة للعودة والانتظار مع الآخرين، شارع ضيق لا يتجاوز عرضه ثلاثة أمتار، يكفي لمرور سيارة واحدة، على الطرف الآخر لذاك الشارع ينغرس عمود خرساني قديم بشع، بارتفاع مترين لا هو بالأسطواني ولا زوايا له ليأخذ شكل مربع أو مستطيل، متآكل...
كان العز عبد السلام يمضي في أحد شوارع المدينة ، وكانت رأسه نهبا لانفعالات شتى انعكست كلها علي وجهه الشاحب ، ونظراته الحائرة ، ولحيته المرتعشة . ومن آن لآخر يرفع رأسه المنكسة ، ثم يجوب بنظراته الشارع طولا وعرضا ، وسرعان ما يضع كفه فوق عينيه أسي ولوعة .. إن ما يراه أمر فظيع حقًا .. هل كان يتصور أن...
كان والده من جزيرة سالونيك اليونانية، بشارب مرتجف، وقد ترك زوجته المصرية في السويس، وجاء ليعيش في سيدني، معه آليكس وهو يتهادى في سيره، عيناه بلون الزيتون الأخضر. ربّته زوجة أبيه وحيداً بعدما مات زوجها اليونانيّ لاهثاً، قضى نحبه فوق فخذيها الأيرلنديتين الحليبيتين. كان الولد يجمع الأصدافَ، نابذاً...
كان يجاهد كي يرفع جفون عينيه محدقاً في جدار الغرفة الخالية من الأكسجين بفعل الرطوبة العالية. تكرر السؤال للمرة الثانية: – ما رأيك في البنية التحتية؟ حدق في وجه المحقق الممصوص كثعبان جائع، وحرك فكه الأسفل مجيباً: – معدومة، لا توجد بنية تحتية لا فوقية!! – سنأتي على البنية الفوقية لاحقاً...
إنه الآن يعمل فيها ما يعمل. يدخل فيها ما يدخل ويخرج ما يخرج. فخذاها مفتوحتان وهو يطلب من الممرضة وضع السطل في المكان الملائم. وفكر خيرون وهو يتأمل أعشاب حديقة العيادة وميلاد أضواء الليل هنا وهناك: تصور أن تكون مكانها، ولمَ لا؟ ألست طرفا فيما حدث ويحدث؟ فتصور أن تكون مكانها والدكتور يلعب فيك...
جلس (عم حامد) على حفافي الماء يغسل آثاراً من الدم الأحمر القاني في ملابسه، ثم توضأ وولى وجهه شطر القبلة وطفق يصلي. . . ولكنه كان يصلي صلوات غير منتظمة ولا متساوقة. . . فتارة كان يطيل الركوع جداً، وتارة كان يخطفه خطفاً. . . ومرة كان يطيل السجود حتى يظن أنه نائم، ومرة أخرى كان لا يكاد يمس الأرض...
أدار المفتاح في ثقب الباب ودلف إلى الداخل وراحت يده تتحسس مفتاح الضوء.. إلا أنه وقف مترددا بضع ثوان وقد حبس أنفاسه ثم أسرع ثانية إلى الباب وأطل برأسه إلى الخارج، وقال: - ادخلی با حبيبتي.. فلا يوجد غيري في الشقة. ثم قفل الباب قائلا: - لقد قلت لك أن فريال قد خرجت مع إحدى صديقاتها، ولو لم تأت...
الحكاية الأولى: لحظتها كنت أشرب شاى العصر أمام الدوار... اقترب منى شيخ الخفراء ومعه غلام فى العاشرة... قال لى ان رجالا من الحكومة موجودون فى جنينة عم "عوض" ويرويدونك.... بصراحة تشاءمت .... الحكومة لا يأتى من قبلها الا وجع الرأس... نسيت نفسى فلعنت شيخ الخفراء وطردت الغلام .... **** وجدت باب جنينة...
قطوفها دانية. وهي كانت كذلك، يوم تسلم صك تملّكها، أقطعها، له، لص متمرّس، كان منح نفسه لقب "القيّم على أملاك العدوّ" هو كل من اغتصبت أرضه، وأجليَ عن وطنه. "الخواجا بنيامين" يقضي نهاره، يتحسس ثمارها، ويتلمظ. حتى إذا غلبته نفسه الأمّارة بِـ..القطف، فإنه يصفع تلك النفس، فتأمر الجسد الناحل، فينثني...
مازلت في أعماقي.. تمسح الطين عن جسدي بأهدابك ! مازلت في أعماقي... النجوم تفور من منابت شعرك فوق الجبين الأسمر وتنهمر فوق صدرك وهديرها أبداً يناديني .. يهتف باسمي ذائباً ملهوفً .. وأسرع في مشيتي، أشد كتبي إلى معطفي، وتظل أنت تتمطى في أعماقي، والشتاء يتأوه في قطرات المطر التي تلعق وجهي .. وتظل...
بهيرة صديقتي منذ الطفولة في منزلة الأخت لي لأني بلا أخوات، وأقوم في نفسها مقام أختها التي توفيت منذ أعوام، المحبة والصداقة المتينة تربط بيننا منذ تعاهدنا على الإخلاص وأصبحنا نتكاشف بالأسرار. قالت ذات صباح تسر لي شاكية: "أصبحت یا سميحة لا أقوى على العيش بغير كريم وهو عني لاهِ.. هذا المتمرد...
وقفت‏ ‏على ‏شعرة‏ ‏الصمت‏ ‏بين‏ ‏الصدى ‏والصوت‏، ‏وكنت‏ ‏قد‏ ‏تخطيت‏ ‏الرطب‏ ‏واليابس‏، ‏والمر‏ ‏والحارق‏، ‏والدنيا‏ ‏من‏ ‏حولى ‏سوق‏ ‏بضاعة‏ ‏زاهية‏. ‏ولما‏ ‏لم‏ ‏أستطع‏ ‏بيعا‏ ‏ولا‏ ‏شراء‏ ‏طويت‏ ‏العمر‏ ‏الكاسد‏ ‏فى ‏حبة‏ ‏القلب‏، ‏وقلت‏ ‏أيمم‏ ‏وجهى ‏شطر‏ ‏الصحاري‏.‏ وفى ‏عمق‏ ‏الصحارى...
أسمعهم يقولون ما يقولون. أسمعهم الآن. سمعتهم البارحة. ما يقولونه اليوم هو نفس ما قالوه البارحة. لكن اليوم، يختلف اختلافًا كليًا عن البارحة. اليوم السماء تمطر. البارحة كانت الشمس تلوّن السماء بالأزرق والنور مشع. ما سمعته اليوم هو محاط بالغيوم السوداء. البارحة، ما قالوه كان ملوّنًا بألوان...

هذا الملف

نصوص
272
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى