قصة
الإنسان لا يموت .. حتى الإنسان الصغير لا يموت.. ففي أعماقه تولد الشمس
فطومة
وكانت الشمس تزرع نفسها من فوق البيوت، وتنزل إلى منتصف النوافذ وتأخذ أشعتها لون الغبار، والنساء الصغيرات القميئات ينشرن الفراريش والحوالي، ويستقبلن النهار .. وكانت “فطومة” لا تكره النهار، فمنذ أن رجع الأستاذ...
كان الشيخ مرسي غانم - أو الشيخ النزهي كما يسمونه في القرية - جالساً مع نفر من القرويين ينصتون بانتباه للعمدة وهو يحدثهم نفس الحديث الذي يقصه كل ليلة منذ انتهى إليه أن سعادة المدير ونجله سيشرفان القرية ليقيم بها الابن بضعة أيام إراحة لأعصابه كما أشار الطبيب. وكان العمدة يتحدث في هذه الليلة بحماس،...
للمرّة السابعة أخذ (ثابت يقظان) يقرأ نبأَ وفاته المنشورَ على الصفحة الثقافيّة من صحيفة (الشعلة) الأسبوعيّة، وهو في حَيْرة من أمره. ماذا عليه أن يفعل الآن، وقد اتّضح له أنْ ليس هناك خطأ أو التباس في الاسم؟ عاد إلى سطور الخبر، وأخذ يقرأ:
«تُوفّي إلى رحمة الله الأديبُ الكبير ثابت يقظان، وهو من...
للمرة السابعة، يرابط ابن عمي على باب مكتب الداخلية الإسرائيلية، لتجديد الوثيقة التي لولاها لما استطاع السفر عبر المطار. اعتاد أن يأتي في الساعة السادسة صباحاً، يفاجأ بطابور طويل من الناس الذين جاء بعضهم بعد منتصف الليل بقليل. أخيراً، لجأ إلى منظمة اسرائيلية غير حكومية، تبنى مديرها الموضوع للمرة...
لم يكن لدىّ ما أفعله هذا الصباح.. تطلعت إلى النهار المحدق بى عبر النافذة.. فكرت فى العودة إلى النوم، ولكن الشمس كانت تستفزنى بضوء فاضح مُبيض.. ونظرت إلى الفطور.. كوب من عصير البرتقال وبيضتان وطبق من العسل.. لم أكن أحس رغبة فى الأكل.. ولكنى أكلت.. الكمية كلها تقريبًا.. وحين كدت أفرغ هاجمنى...
طرق باب بيت عبدالحليم المهندس، وبعد لحظات ناوله الخادم ورقة.. وجال بنظره فيها.. وقرأ "ستكون الحفلة يوم الخميس القادم فأرجو تفضلكم بالحضور"…. وطواها وهو متهلل الوجه تبدو عليه سيما الفرح والسرور، وقال لمن كانوا معه: بعد غد سيكون عقد قران زميلنا شاكر، وها هي بطاقة منه يدعوني فيها إلى الحضور. وقال...
جمعت أمل ثيابها في حقيبة صغيرة. كانت صامتة تخفي فرح عينيها بأهدابها السوداء الطويلة المسدلة، وكانت أمها تنظر إليها من مكانها على الكنبة، في غضب شديد، لكن إحداهما لم تعد تخاطب الأخرى بأية كلمة.
قبل ساعة أنهت أمل محادثة هاتفية طويلة مع الحبيب. كانت، كعادتها كل يوم، تتلقى عدة مكالمات منه، وكانت...
لم يبقْ في ذاكرته المكتظة بالألم.. والمكسوة بالحسرة.. إلا ذلك الوجه الجميل.. والصدر الرحب لتلك المرأة، الذي تمنى أن لا تودعه إلى رحاب الله.. إلا بعد أن يستقر به المقام في الوطن بعد رحلة الاغتراب التي استمرت سنوات طويلة.. ولكن القدر.. كان أقوى من تمنياته.. فبقى ذاك الوجه العنصر الجميل في ذاكرة...
لو لم يتغير “أبو صالح”لهان عليها كل ما رأته من ويلات حرب حزيران,حين دخلت القوات الغازية قرية طوباس وهي تحتلّ القرية بعد الأخرى,والمدن في الضفة الغربيّة , بل ولهان على “أم صالح” كلّ ما يرتكبه المحتلّون من أفعال تشيب لها الأطفال,كما كانت تقول دائما.
فبدل أن يواسيها, ويخفّف...
الإسكندرية
الترام الأزرق الصاعد إلى محطة مصر ، يئن من حمله البشري . كل شيء فيه يشخشخ كأنه يستغيث ، وكانت الساعة تقترب من الثالثة عندما قفز إلى سلم الترام رجل ملتح ، وراح يحشر نفسه في استماتة وهو يصيح :
ـ هو الله..
وما أن أطلقها مدوية حتى سرت غمغمة خاشعة بين الركاب الواقفين حشرا في الممر بين...
قالت له: كنت قد جئت من سدمنت الجبل! فاكر! المهمة التي أوفدتني أنت إليها! من أسبوع! قضيت الليل بطوله في قطار الصعيد! كما تعرف! نصف نائمة نصف مكومة على مقعد الدرجة الثانية.. لا تسمح اللوائح بأكثر منها.
أومأ إليها دون أن يتكلم.
قالت: في أول ضوء للنهار! كأننا في عملية عسكرية! كان كل شيء على أهبة...
الإهداء: إلى الذين قدر لهم النجاة.
عانت كريمة وزوجها فقدان القدرة على الإنجاب، بعد أن أكدت لهما هذه الحقيقة السنوات الأربع التي مرت على اقتران أحدهما بالأخر، وصارت هي زوجة له، وصار هو زوجاً لها، كانت أمه من اختارتها له، قالت له يومها مبتسمة وهي تلامس أرنبة أنفه:
– سأطمئن عليك معها يا...
نمتُ البارحةَ كالعادة بعد أن قرأتُ صفحةً من تأملات مرقس أوريليوس، نمتُ راضيًا مرضيًّا ناسيًا منسيًّا تاركًا ورائي كل ما لا يستحق أن يدخل معي هذا العالم الجميل الكائن بين عالمَي الموت والحياة، ولكن لم أكد أُغمض جفني حتى وجدت نفسي عريانًا في أرض صلقع بلقع يرتعد حتى الجن من وحشتها المظلمة. أرض...
فاجأهم بحضوره، كحاله كلما حضر، فبعض الخلق لا تنفك مشوقا إليهم، تفتقدهم كلما بانوا عنك، ولو إلى يسير زمن، فإذا حلّوا في مجلس أو ندوة أو لقاء، كانوا الحضور كله، وكان الآخرون غياباً إلا بهم.
قال قائلهم: أين أنت يا رجل، كنت معنا ولم تكن، وكنت حديثنا ولم تكن تتكلم؟
ابتسم: ألم يقل القائل: قليلاً ما...