أوقفوا هذه الساعات
أريد أن أسحب جثتي من تحت أنقاض الوقت
أوقفوا الزمن الذي يدور حول نفسه
أوقفوا هذا الدوار الأزلي
أخشى أن يدوخ الإله.
ثانيةً
ثانية
أسأل اسمي عن نفسه
ويوما بيوم
أدفنُ عمري
وأضرم الصمت في قش المعنى
أنثر رماد الذاكرة في وجه الهواء
وأدفن ما تبقى من أوهامي في قبو الكلمات التي هجرها...
لابد أن وطنا ما
في مكان ما ينتظرني
ربما في خارج هذا الكوكب
أو خارج اسمي
وربما في الضفة الثانية من الحلم
أريد وطنا خاليا من ضوضاء الله
والهواء الملوث بصور الشهداء
وطنا لا أسمع فيه ألقاب الموت!
لا أعرف أي اتجاهٍ في هذا العدم
سيؤدي إلى الموت السعيد ؟!
أعرف حلمي جيدا
حيث اسمك حيلةً مناسبة للخلاص...
هذه الأرض منذ ميلادها مُصابةٌ بالدوار ،
كأنما تبحث عن الجانب الآخر منها،
وكل ليلةٍ يتأخر شيءٌ ما في دوران الأرض حول يأسها،
يتأخر معه عُمر الله،
والساعات التي أصابها الأرق تراقب الموت السريري،
والفراغ المُكدَّس في كل مكانٍ يمتص الأوكسجين،
ماتت الكلماتُ المناسبة لحبك
وكومت جثثها في كل مكان ،...
الأول في المعنى
غالباً ما يكون الأول في غصة الصدى،
على عتبات جثتي ما يزال ظلك واقفاً
وحزينا،
ومن وراء اسمك أتسلل إلى جرحي
لأنظفه من الذكريات.
مراراً أدخل إلى تنهيدتي ليلاً
وأغلق النسيان جيدا،
على عتبات جثتي أقفُ كل لحظةٍ
لأرى أين اللحظة التي كنت قبلها أنا،
لا حاجة لي بهذا النسيان الرديء،
لا حاجة...
كل الزمان الذي كان أنا
صار هامشاً للمستحيل الذي كان أنتِ،
والرجل الذي كان أنا ،
صار لا أنا بعد غيابك؛
ويجلس الآن حول يأسه
مغلقَ الخيال
وباتجاه ظله مدَّ رجليه،
وفي آخر تنهيدةٍ منه تمزَّقتْ طائرةٌ ورقية
و تحطمتْ مرساةُ الزمنِ البعيد
قلبُه ما يزال في مكانه يقيس المسافة بين تنهيدتين،
بنظرةٍشاردة...
كالرجل الذي تسلل من الفيلم إلى مخدع الكلمات،
وضاجع تاء التانيث،
وهي ترضع نون النسوة
ثم نفث سيجارتين في وجه الهواء،
ومات على حدود الدخان،
وهو يدافع عن نهايةٍ سعيدة.
مازلتُ على مفترق الشظايا،
أجمع أشلائي وألصقها لأتعرّف على هوية الألم.
وشعرك يغرز الدبابيس في ذاكرتي
كأسلاك شائكة على حدود الليل...
آلهة المآذن
تبدو مدببةً ومتعالية
لا أحب آلهة المآذن
فهي دائما أعلى من أن تسمع دعاء المظلوم
لا أحبُ الإله الذي يحشرونه في المئذنة،
ويحبسون معناه في اتجاهٍ منتصب،
هكذا إله يأخذُ شكل خازوق!
أو يتجلّى كهاويةٍ مقلوبة.
لتكن الآلهة أعلى من الكلمات الحادة،
لتكن شخصيةً جدا،
إله لكل مواطن يحمله معه أينما...
لقد مرَّ الزمان هنا وولّى = تعالي أستعيد بك الزمانا
إلى أيٍ اتجاهٍ فيكِ أمضي = ولا دربٌ يمرُّ على سوانا
أعيدي الدفءَ للكلماتِ حتى = يعود لنا من الذكرى هوانا
وكيلا تصبح النجوى كلاما = بلا معنى وتأريخاً مُدانا
وحتى لا يكون الحبُ دوراً = يمثله على كرهٍ كلانا
أعيديني إليَّ، إلى خيالي = إلى الشوق...
حيث تكونين يكون كل شيء داجناً
وأليفاً،
حتى المستحيل نفسه يصبح كلب حراسة.
لاشيء بعد الحب يعود افتراضياً حتى أنا،
ذكرياتك تحترق الآن في أقصى الحواس،
والأمكنة تختنقُ بغبائها الأفقي،
وكلما أوقدتُ الحنينَ على حدود أغنيةٍ
تدسُّ حزنها في دمي وتحترق،
لعلك تأنسين إلى النار
أو تهبّين لنجدة الذكريات...
أطباقٌ كثيرةٌ حطَّمها النسيانُ على بلاط السماء ،
وأطباقٌ كثيرة ما تزالُ على الرف،
ومع كل هذا الفراغ حولي ما تزالين واثقةً من نفسك جدا،
وأنا لابأس جدا ،
هزمني الحب ولم يهزمني الزمن بكل خبرته في الأذى ،
صرتُ هشاً كدميةٍ من القش منزوعة الرأس،
حطموا خيالها،
وقتلوا فيها كل أحلام الطفولة بأن تكبر
أخاف...
لستُ بخير
لكني لا بأس جدا
اطردي كل الكوابيس من غرفة النوم ،
وحدّقي جيداً في السحابةِ التي تمطرُ في كأسك الآن!
ويطفو على سطح نشوتها الغياب.
أريدُ أنْ أحدثكِ عن نفسي التي غادرتُها بعدك إلى غير دمعة.
وعن المفتاح الذي انكسر في الباب،
وظل قلبي مغلقاً أمام الأخريات
أريدُ أن أرسم لك خارطة الليل؛
لتتخذي...
قبل يومين من هذا الندم
أو أكثر قليلاً
قريباً من سؤال: أين
مات عصفورٌ أعمى وهو يتحسس أغنيته
في غابة سوداء،
قيل: ارتطم وهمه باللاشيء ،
ولم يجد وقتاً كافياً لترميم جسده
ونتف ريش الذكرى
والتخلص من الزمان الذي مات في عينيه.
وقيل: بالتوازي مع نسيانك،
سقطت نجمةٌ في مرمى ظلك؛
وسقطت المسافةٌ خارج الليل،...
قررت كثيرا ألّا أعود إلى أول السطر منكِ،
لكنَّ كلمةً غامضةً تقتلني كل ليلة،
وتدس اسمك في معجم الجرح،
وتقول: إن الكلمة التي لا تحبك
كلمةٌ مهزومة حتى الموت،
كان يمكن أن أضع الهواء تحت تصرف المستحيل،
أو محاصراً بالنظرة العابرة منك،
لكن الذكريات التي تعود إليك من الباب الخلفي
تطرق قلبي بعنف
ومنذ...
الذكريات لا تقف مكتوفة اليدين!
يحيطني الألم بعلمٍ لم يبلغه أحدٌ ولم تفكر به كلمةٌ قبلي، ولم يجد له الصدى هامشاً في أي دمعةٍ أو تنهيدة أو قبر ! ، أنا رجلٌ يحزنُ دائما بالنيابةِ عن أحدٍ ما، قررت هذه المرة سأحزنُ بالأصالةِ عن نفسي فقط؛ وسأبكي بالتقسيط إنْ لزم الأمر ، أو اقتضى المجاز أن أكون واضحاً...
الرجل الذي قتل العدم
كان أخي.
تحسسوا جثثكم القديمة،
وخذوا مقاس ظلها على حدود اللاشيء
ثم ضعوا رؤوسكم في قلوبكم ؛
وتأكدوا من فكرة الزمن؛
هل ما تزال بصحةٍ جيدة!
دعوه يعيش لنفسه كيف شاء ؛
فقد نجا من التكرار
دعوا الجهات ترى مسافة الكلمات.
لا يمكنُ أنْ أسامح كلمةً تحاول أن تدفن أخي،
ولا أقبَلَ العزاء...
الذبابةُ التي أوقفت عقرب الساعة
لم تفكر بالأبد
لم تفكر بإيقاف عجلة التاريخ
لم تحاول مواجهة الزمن.
الذبابة التي قتلها الفرق بينها وبينك
كانت لا تبالي إن كان الطنين في الحقيقة
أم في الصمت عن الحقيقة.
الذبابة التي كانت لا تخشى أن تموت
لم تكن تبحث عن الفرق بين كونها معنى وبين كونها حشرة
الذبابة التي...
مثل ورقةٍ حرة
سقطتْ من شجرةٍ حمقاء
حملتْ عمر يأسها،
وحاولت أن تعيش خارج ماضيها،
بدت صفراء إلى حد الغربة
لكنها بالتأكيد سعيدةٌ بالمحاولة،
هكذا، صارت لا تشبه غيرها،
وما تكدَّس في جسدها من زمن الذكريات؛
لم يعد عبئاً على اسمها،
مثل ورقةسقطت
فأصبحت حرةً من المضاف إليه ،
وصار لها زمنها الخاص،...
.
ماتت المسافة بصمتٍ بارد
ونحن الآن جيران شرفةٍ واحدة
تُطلين على حافة الوقت حافية الخيال،
و أنشرُ قلبي على حبل غسيلك،
تسترقين نظرةً إلى القمر القريب منك،
وأدقُ تنهيدةً في حائط ليلك،
نحن هنا تحت سماءٍ واحدة،
وربما إلهٍ واحد،
نحن هنا ،
حيث هنا كلُ شيءٍ كنَّا نحلمُ به بالتساوي
ونحزن له معا،
وحيث...
لقد كان أقصر من ظله
يتسلقُ حكمته صامتاً
يتحدّى الكلامَ القديمَ .
كضدٍ يريدُ التخلص من حيرة الضد فيه
مشى خلف آلامه مثقلا بالسُدى
في انتظار الزمانِ البعيد مضى،
لم يقلْ للصدى مرةً ليتني،
كان يعرفُ ماذا تدبرُ " ليت" له من زمانٍ عقيم.
يخاف التفاصيل حين تموت بلا أي ذنبٍ
ويخشى على الحب من كلمات العتاب،...
يقولون:مااااات!
وقيل: استدار إلى قلبه في مهب الشتات!
بصحبة أشباحه المستطيلة
حاول ألّا يكون الصدى
فغادر توقيت أحزانه،
غادر الكلمات.
تخلّى عن الوقت فيه؛
ليكسر طوق المدى،
أو يغيب عن الوعي بالطعنات.
على هامش الكأسِ،عاش وغنَّى....،
وقال: على أي جنبٍ ينام الإله؟!
وحدَّق في الثلج ،
حدَّق في كبرياء...
تقولين: حبُك مات!
وقلبُك مات،
وحلمُك مات ؟!
وتنسين أن الذي مات من حلمنا
يترسَّبُ في دمعنا
ويعيشُ إلى بعد أجسادنا،
أشد وأقسى من المستحيل
ومن قوة الكلمات.
هنا ما هنالك من أمسنا لا يموت
وإنْ قيل: مات!
على بعد تنهيدتين نهودك تغزلُ روحي شراعاً
وتقذفني قارباً من قصاصات شوقٍ ببحر الدموع،
وحتى ضراعاتنا...
فقدت لياقة الأمل المجاني.
و استهلك الأسى براءة الكلمات وأخواتها،
وصار عليَّ أنْ أعلنَ إفلاسي من أي وهمٍ جديد،
أحلامك القديمة ينقصها الحياد
قد أستعمل خيالي كثيراً
وقد ألجأ لوصفةٍ شعبيةٍ تعيد لكلماتي قوتها الأفقية،
أو تمنح المجاز الذي يحبك صحته النفسية ،
قد أنجحُ في تجاوز فعل الأمر
وترويض ياء...
من مخدعٍ نصف مُضاء بحبك!
ومن قلب أغنيةٍ مثقوبة القلب تركض بعيدةًوحزينة،
يخرجُ الصدى وحيداً
ويتسللُ بهدوءٍ بين المساءات
يتمشى في الأزقة التائهة بحثاً عن المستحيل،
ويتسكعُ بين خلايا الهواء إلى أقصى الغياب؛
ويشدُّ امرأةً جميلةً من غرفة نومها إلى الشرفة،
تصغي له كأنَّها تولد للتو ،
وتحسر عن نهديها...
بفارق عشرة أعوام عن حزن أبي ؛
ولدت أمي
بمعنى أنَّ أمي تأخرت قليلاً على الهباء،
أو بمعنى أن أمي ليست وحدها المسؤولة عن هذا الخراب،
فهذه الكلمة التي يسمونها أمي ؛
لم تولد من المرارة دفعةً واحدة ؛
ولم تصبح قاسية الخيال دفعةً واحدة،
ولم تغدو أمَّ جسدي دفعةً واحدة!
بالتدريج صارت كل هذا الألم
شيءٌ ما...
لا أريد أن تنصبيني سادناً للذكريات
ولا أريد لما بقي لي من الكلمات أن تعيش في مديح مقبرة
لا تدسِّي السأم في الكلمات!
فأنا لستُ دائماً أنا ؛
ولستُ مسؤولاً عن اللحظة التي تقفين عندها !
لا زمن أمامي ؛
ولا سماء وراء ظلي ؛
كل هواءٍ يطفو على الأرجوحة
يسوق الماضي أمامه أعمى ،
وكل ماضيك يحضر كل يوم ،...
في الليلة الأخيرة من حبك،
سأطلق النار على الثريا
وسأجعلها عبرةً لكل إلهٍ بليد.
تلك النجمة البعيدة عن الحب
تعرفك تماما،
وتعيش وحدها
وتومض لك في السر ،
ولا تقبل أن تعترف بموتها،
وهنا بموازاة ليلٍ مات أخيراً
وبقيتْ منه نجمتان تحرسان الثلثَ الأخير من القلب،
أقفُ وحيداً تحت سماءٍ بلا وطنٍ تسقط على...
" أحبكِ " كم تفجرني شظايا = تحطِّمُ داخلي كل المرايا!
" أحبكِ"كم أخافُ عليك منها = حروفٌ كم تُصاد بها الصبايا
"أحبكِ "كلمةٌ من غير معنى = إذا ما قالها أحدٌ سوايا
" أحبكِ" خائفاً من رجع صوتي = ومن زمنٍ تعثر بالحنايا
"أحبكِ" لا أمنُّ على حروفي = ولا أرتادُ في المعنى أسايا
"أحبكِ" فائضاً في...
هنا صورةٌ تتربصُ ليلاً
بكل جراح المرايا
بتوقيتِ حبكِ
أرَّخني اللهُ حاشيةً في كتاب عيونكِ،
حيث الكلام نداء البعيدِ
وحيث الأنين مساء السرور ،
وحيداً ،
ويكفي القصيدة أنْ صرتُ سطرَ دموعٍ
تسللَ بين الفواصل سراً؛
ليبحث عنكِ
و يلثم آثار خطوك بين حروف المساءِ الأخيرِ
و يركعُ بين الجراِح التي دفنتها...
هذا الجسد مقبرة الأبد
أريدُ أن أخلع هذا الرأس
وألقي به جانباً ،
أو أدحرجه إلى أسفل الظل
لأرى كيف سيحبك هذا الجسد!
أريدُ أنْ أحرر فكرة حبك من جغرافيا السرير
لستُ وحدي حبيبك؛
أنا وجسدي رغم أنفي نحبك بالتساوي!
لا أعرف كيف يمكن أنْ أفعل ذلك خارج البيولوجيا !
ولكنني أحبك رغم أنف جسدي.
ومنذ أصبحتُ...
وقف هواءٌ حائر أمام نافذتي الحزينة
وأدرتُ له خيالي إلى أقصى تنهيدة
منذ صار الأسودٍ سيد الألوان لسببٍ ما
وأنا أحلمُ بأنْ أخرجك من علبة الرسم،
أرسمُ بيتاً نسكنُه أنا وحبك وحدنا
فتهب عليه رياحُ ظنونِك السوداء
وتلقينا في العراء،
أرسمُ شجرةً ليستظلَّ بها خيالي الجامح
فتتسلقها القِرَدةُ بحثاً عن نسبٍ...
أقفُ بين تنهيدةٍ وأخرى
أبحثُ عن وجهي في المرايا
فلا أجدُ الوهم الذي كنتُ أُحب،
ولا الوهم الذي كنتُ أحبك به !
لم أعدْ أعرفُ هل أنا حبيبك أم حبيب ماضيك!
لم تعدْ لي رغبةٌ في فحص ما أعيشه من ذكرياتك،
أريدُ أنْ أكونَ أحداً غيري لأنسى،
أريدُ زمناً يرى
وكلمات لا تتكرر ،
ولا تقيدني في غرفةِ التحقيق مع...
رجلٌ ما ليس أنا دائما،
في زمنٍ ما،
ليس الشوق إليك دائما،
وفي مكانٍ ما،
ليس جسدي هذا دائما،
رجلٌ ما ،
كان يحبك لسببٍ ما !
وكان يسأل السماء بالمقلوب
كان رجلا ما،
رجلا جدا،
يداعب قلبه ويحبك
ويسأل:
هل في البدء كانت كلمة " أحبك" وحدها؟
وهل كانت تحاول أن تكون كل شيء؟
ثم كانت الريح
والسماء الوحيدة...
ليس عليكِ أن تكوني ضد نفسك،
لا تزال كلماتي تبحث عنك،
وتزحف على ظلها حتى نهايته،
لايزال حنينٌ قديمٌ في البيت الذي كان بيتاً لأجسادنا فقط ،
الحكايات تتسكع في الممرات،
وتنام في الزوايا
والهواءفي الخارج مغمض العينين يموت من البرد
وفي الداخل
يقفز على الوسائد
ويثقب الأغطية المزركشة،
ويفتش عنك في سقف...
سقطتْ المدينةُ اليوم
ومات على أبوابها حمقى كثيرون،
حمقى بالزي الرسمي
من ماركة النشيد الوطني
وآخرون من ماركة الحماس الثوري
وآخرون من ماركة الله أكبر
ماتت أزمنة كنا ننتظرها،
وماتت أحلامٌ طالما خططنا للإيقاع بها،
في أحد منعطفات العمر
وماتت المسافة بين القلب والذاكرة
ولم تمت ذكرياتُ الحمقى،
كانوا...
كل الكلمات تحبك
على التوالي،
لماذا لا تحبين أو
رغم أنها لا تضعك بين خيار الندم والألم
ولا تريد منك أن تكوني محظية الألف الممدودة
ولا خادمة الهمزة المتطرفة؟!
بين طعنةٍ وأخرى
ستعيدين ترتيب الأحلام
ستدسين رأسَك في مخدة مبللة باليأس والدموع
وتمسحين مكياج آخر فكرةٍ غامضة،
ثم تركضين إلى أقصى ذاكرة...
الزمن الذي كان هنا مات بتصلب الحنين،
والزمن الذي كنا ننتظره،
ذهبَ ولم يعدْ !
ولم يبقَ من هذا المكان سوى جراحه الغائرة في الهواء
أيامي تموت أمام عينيَّ
واحدةً تلو الأخرى،
وفي زجاج السيارات الهاربة من زمن العَرَبة،
وقبل أن يعود الحصان إلى الأمام
لمحتُ ما بقي مني على قيد الحياة،
- وهو ما بقي من حبك...
ولد بعينين خاليتين من المدى،
سليمتين جدا من قذى الذكريات
عاس خارج الجزر والمد
والرياح التائهة في عرض البحر
لكنَّ خياله الأحول
كان يرى بعينٍ واحدة،
والأخرى يدخرها للزمن الأعمى.
هكذا بحنكة قرصانٍ
نظرُ للأبدِ بعينٍ واحدة
واستدرجُ الوقت َإلى شِبَاكِ حبك ،
فأصطادُ ذكرياتٍ كثيرةً
وحزناً بعشرةِ أذرع...
من داخل هذا الجسد
بدأ الوهمُ في التعرُّف على اسمه
وأحبك بصمت الخائف،
وعمِل على بسط نفوذه في كل مكان
من أقصى القلب حتى أقصى الندم !
قبل هذا الجسد لم تولد كلمة "الله"
وقبل أن يصبح للخيال يدان
وذاكرة وعود ثقابٍ.
وقبل أن يقول الهباء : أنا
لم يكن مهماً أن أحبك لقلبي،
أو أن أحبك لجسدي!
كان المهم ما...
من قبيل المجاز المغلوب على أمره
تحمل اسما نسائيا.
وترتدي نهودا اصطناعية
تشبه نفسها كثيراً
مع أن المِرآة عدوتها اللدودة،
تشبه نفسها إلى حد الملل دائما
كثيرا ما وضعتْ المكياج لتطمر
رائحة النكد ،
كثيرا ما أساءت إلى سمعة الخيال!
ولوثت المجاز .
الفتاةُ التي كانتْ تسكنُ هذه السيدة
غادرتْها مُبكراً...
كان يعيش في أمسه كثيرا
حاول كثيرا أن ينسى اسمه لينجو من ماضيه
اختبأ فيه السأم إلى حد التلاشي
وأخيراً قرَّر أنْ يقف مع نفسه،
ضد كل ما فُرض عليها من الذكريات
ومن أعداء التفاصيل
أطلق رصاصةً على مكانٍ ما في خياله،
كان يعرف من أين يتسرب الألم إلى العمر
قال التقرير الطبي: كانت محاولة انتصار .
قالت...