ديوان الغائبين ديوان الغائبين : محمد البياتي - العراق- 1962 - 1996 م

محمد عبدالله سعدالله البياتي.
ولد في مدينة نينوى، (محافظة الموصل) - العراق.
حصل على بكالوريوس هندسة مدنية من كلية الهندسة في جامعة الموصل سنة 1987م، وكان من المتفوقين العشرة الأوائل.
بعد تخرجه من كلية الهندسة عمل في مهن حرة.
كان عضوًا في نقابة المهندسين العراقيين، وعضو اتحاد أدباء وكتاب العراق، وعضو اللجنة الثقافية في اتحاد شباب العراق.
حصل على لقب شاعر نينوى الأول في مسابقة الشباب عام 1994م، كما حصل على قلادة الإبداع في مهرجان أبي تمام عام 1995م.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان «قمر المتاه»، اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1998م، وله قصائد مخطوطة.
شعره يدل على تمكن من القصيدة الكلاسيكية على الرغم من أنه نوّع وكتب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، وشعره الأول أقرب إلى المتانة والجودة، تحرّكه عاطفة مشبوبة وقّادة لا تخلو من قلق الأسئلة وجذوة التمرّد والشجن الإنساني الشفيف.

مصادر الدراسة:
1- مسلة العراق: إصدار اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون - نينوى 1994.
- الدوريات: جريدة «الحدباء»، العدد 710، 16/1/1996م.



المحطة الأخيرة

كبُرتَ عـلى الزّمـان فطُلـت مـــــــــــوتًا
وغـيرُك دون خـاصرة الزمـــــــــــــــانِ
ومـن حقَرَ الـحـيـاة حـــــــــــبته نفسًا
تخـال العزّ مـن بعض الهــــــــــــــوان
ألـذّ إلـيك أن تلقى عــــــــــــــــدوًا
فتُنهِلهُ الرّدى أو تـــــــــــــــــنهلان
وأقـرب غايةٍ أقصى نـــــــــــــــــوالاً
لـمـن ألف الـتّبـاعـد فـي الـتّدانــــــي
تـمـنّت لـو تـمـنّتك الـمعـالـــــــــــي
مُحـالاً كـالسّراب مـن الأمـانـــــــــــي
إذا عـانقتَهـا امــــــــــــرأةً أَوَ ارضًا
تعـانقَ دون فجـرٍ لـيلـتـــــــــــــــان
ولـولا أن شكـمتَ الكــــــــــــــون فَرّت
عـن الـدّهـر الـدّقـائقُ والثـوانــــــــي
تحدِّثُ كل نـائبةٍ بســــــــــــــــــــيفٍ
يلـبّي قبـل مطَّلَب اللّســـــــــــــــــان
فتًى كـالـمـوت مـنفردٌ بـدنـيـــــــــــا
كأنهـمـا بـهـا متقـاسمـــــــــــــــان
فتًى تستلُّه الأيـام ســـــــــــــــــيفًا
وتشحذه لأيّام الطّعــــــــــــــــــــان
ويـتّكئ الزّمـان عـلـيـه طــــــــــــودًا
ويـزحَمُه الـحِمـام عـلى الـمكــــــــــان
فتًى فـــــــــــــــــــي حُزنه وطنٌ يصلّي
ويـنـبع مـن دمــــــــــــــاه الرافدان
وحـمحـمَتِ السّمـاءُ فكـان مُهــــــــــــرًا
لهـا خلفَ الـمدى يـتصــــــــــــــاهلان
فأسـرجَتِ الرّدى بـلجـــــــــــــــام برقٍ
وأطلقَتِ الرّعـودَ عـن العـنـــــــــــــان
أقـام قـيـامة الـدّنـيــــــــــــا بضربٍ
وقـوَّمَهـا إذا اعـوجَّت بثـــــــــــــــانِ
فحـاضت والـمقـابر غائصـــــــــــــــاتٍ
بـمـوتـاهـا وبـالـدّم والـدّخــــــــــان
ولـولا أن ثنى طـوفـــــــــــــــان جُرحٍ
لـمـاج مع الرّدى يـتفـارقـــــــــــــان
ولاختـنقَ الـمدى بنَجـيع جـــــــــــــيشٍ
مُدلّى الرّأس عـن جسمٍ جـبـــــــــــــــان
ولـولاهـا يـدٌ جزَّت فتـاهـــــــــــــــا
مـن الأضلاع لا بـل هـيْ يــــــــــــدان
يـد الله الـتـي استلــــــــــــته مَيْتًا
وثـانـية تُوَقّي بـالسّنـــــــــــــــــان
ومـن زمـنٍ إلى زمـنٍ سنمضـــــــــــــــي
نسـوق العـمـر فـي نفس الـمكــــــــــان
أفقْ يـا عـمـرَهـا إنّا وصلنـــــــــــــا
محطتَنـا الأخـيرةَ فـي الزّمــــــــــــان
هُنـا رئةٌ، فقـلـبٌ، نصــــــــــــــفُ رأسٍ
وقبضته مقطَّعة الـبنـــــــــــــــــــان
عـلى أشلائه مـرّت قــــــــــــــــــرونٌ
مُقفّاةُ الخُطـا نحـو الجِنـــــــــــــــان
مضى عـن كل بـيـتٍ فـي زُقــــــــــــــاق
وغادر عبرَ مـنعطَف الـحَنـــــــــــــــان
مضى كـمـنـارةٍ لـم يبق مـنهــــــــــــا
عـلى مـرّ العصـور ســــــــــــوى الأذان


***

الطلل

نـامت كأفعى ريـاحُ الـدّهـر عـن طللـــــي
ونـام مـلكـي كأجفـانٍ بـــــــــــلا مُقَلِ
طريـد أيـامِه غاصتْ مســـــــــــــــالكه
فـي زحـمة الهـمّ بـيــــــن العَثْر والزلل
أغشى سنـيـنـي كطـيفٍ مـــــــــــيّتٍ بكَرى
عفـا بجفـن زمـانٍ شـاحـب الأمــــــــــل
عـلى سحـابٍ يـدكّ الأرضَ وابــــــــــــلُه
لـتثـمـرَ الأقبُرُ الـحُبْلى مـــــــن الأجل
عـلى زمـانٍ خلا مستــــــــــــــوحشٍ خربٍ
تضمَّنـته نِسـاء الأرض فـــــــــــــي رجل
عـلى قفـارٍ بحـلق الـمــــــــــوت ظامئةٍ
والعـمـر بعض سـرابـاتٍ مـن الـبـــــــلل
عـلى نـواعـير حُزنٍ فـي مدىً جــــــــــدبٍ
يستـمطر الغـيـم مـن أيــــــــامه الأُوَل
بـيـتٌ مـن العـمْر مسكـونٌ بـــــــــغربته
ووجه أنثى عـلى الـحـيـطـان مــــــن قُبُل
قـد شـرّدته بـغابـات الصّبـــــــــا ومضتْ
وضـيَّعته بـهـا دوّامة السّبــــــــــــــل
دارت عـلـيـه صُروف الـدّهـــــــر وانصرفتْ
عـنه السّنـون وذاك الـبـيـت لـم يـــــزل
دارت عـلـيـه فعـلّي واجـــــــــــدٌ شبَحًا
سـواي مـنـتبشًا فـــــــــــي أضلع الطّلل

***


العناوين

أوصلتَ؟!
أيّها الموزَّع في بريد الخريف
مدججًا بطوابع المنقرضين
وأختام الملوك المخلوعين
أوصلتَ؟!
حاملاً عار الكهف
والعملة المعتوهة
أوصلتَ؟!
من أين؟!
إلى ماذا؟!
والعناوين واحدة
العناوين واحدة
واحدة
هكذا دائمًا،
ثلاثة شبابيك، وهلالٌ واحد
منذ الوطن،
حتى المهجر
مرورًا بالموت
نصب لخوذةٍ ما
عصفورٌ يخرج من نهر،
عصفورٌ يخرج من قبّة،
عصفوران يمرّان
إلى الجنّة
عبر الثّقب الأحمر في خوذة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى