عبدالهادى شعلان - نفخ بوص

أنفخ، فأعيش مع حورياتى وملائكتى، ألملمهم على شاطئ بحرى المالح.. نغنى، نتقافز على الرمال، أُدْخِلهم سفنى الفضية اللامعة، أكون أمير البحار وملك الملائكة.. أنزلهم قاع بحرى فتجتمع بأمرى أسماكى الحلوة الملونة.. تأتينى عروسة بحرى ترقص وتغازلنى، أطيرهم للسماء، أريهم الملكوت وسحر عالمى الأزرق الربانى.. ينقض علىَّ أبى، يسحب مزمارى البوص من حلقى يدشه فتنشرخ عظامى حين أرى لحم البوص يبرز من جوفه، تسقط ملائكتى على الأرض، يدوس أبى عليها، يرمى مزمارى وعروسة بحرى فى صندوق الزبالة.. آخذ خرطوم الحنفية البلاستيك وأقعد فى دورة المياه، أنفخ، أنفخ، ينقطع نفسى ولا تأتى ملائكتى، تَغْرق سفنى وطياراتى.
كأنَّ بائع الطبل والمزامير يعلم أن أبى يكسر عظام مزاميرى، فيمر كل خميس أمام بيتنا وينفخ نغمًا يوصلنى لجزيرة عرائس البحر، أرتمى باكيًا على قدم أمى فتعطينى نقودًا أشترى مزمارًا قبل أن يجىء أبى، أدخل مع مزمارى تحت السرير، أجمع العفاريت من جهنم، أوقفهم أمامى صفًا واحدًا، أطردهم لآخر الدنيا ثُم آمرهم بالعودة فورًا، لأقطع أنفاسهم.. بأمرى يرقصون طقوسًا إفريقية عنيفة، أجمع حولهم الحيات والثعابين، أطوقهم فى دائرة عذاب.. يبكون ويطلبون الرحمة، أعفو عنهم وآمر كبيرهم أن يأتى بسيخ محمى من جهنم متقدًا نارًا، يجيئنى به على الفور، بإشارة منى يربطون أبى فى عمود العذاب، فقد قررتُ أنْ أثقب أذنه بيدى، حتى لا يسمع نفخى.. سمعتُ طرقات يده على الباب، هربتْ العفاريت وتركتنى وحيدًا تحت السرير مع السيخ المحمى الخارج من جهنم.


عبدالهادي شعلان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى