ديوان الغائبين ديوان الغائبين : مصطفى والـي - مصر - 1914 – 1942

مصطفى عبدالحميد والي.
ولد في قرية الأطارشة (التابعة لمركز الباجور - محافظة المنوفية)، وفيها توفي.
تدرج في مراحل تعليمه حتى حصل على شهادة البكالوريا من مدرسة المساعي المشكورة في مدينة شبين الكوم.
التحق بكلية الحقوق - جامعة فؤاد الأول (القاهرة)، ولم يمهله الموت لإكمال تعليمه بها.
عقب حصوله على البكالوريا عمل مدرسًا للدراسات الاجتماعية واللغة الإنجليزية بمدرسة مكارم الأخلاق الإسلامية بالقاهرة.
كان عضوًا بجمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وعمل سكرتيرًا لتحرير مجلتها الأسبوعية.
ربطته علاقات صداقة مع عدد من أدباء عصره، ومنهم: صالح جودت، وعبدالحميد الديب (شاعر البؤس)، وإبراهيم ناجي.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «صدحات عصفور» - مكتبة البستاني - القاهرة 1937 (بمقدمة للشاعر إبراهيم ناجي)، وله قصائد نشرت في مجلة «مكارم الأخلاق الإسلامية»، منها: في العيد - 23 من نوفمبر 1939، والحيارى يهتدون - 24 من أبريل 1941، وذكرى - 8 من نوفمبر 1941.

الأعمال الأخرى:
- له مقالات نشرت في مجلة «مكارم الأخلاق الإسلامية»، وملحقها «المصلح»، منها: الشيخ عبدالصبور - 4 من أكتوبر 1938، وما جلّ وحلّ التحدث فيه - أول مارس 1941، وأب يناجي أول مولود له - أول أبريل 1941، وأدب أبي نواس - ملحق المصلح - أول أبريل 1941.
تنوعت أغراض شعره بين الوطنية والاجتماعية والمناسبات، ووصف الطبيعة والهجاء والحكمة والشعر الوجداني والرثاء، في قصائده قدر من السخرية تجلى صراحة في عدد من قصائده، وخيوط من السرد. حافظت قصائده على العروض الخليلي وعلى تقاليد القصيدة العربية، واستمد بعض قصائده من ثقافات أخرى مستفيدًا من دراسته،
وعكست بعض عناوينه ثنائية (درامية) ومفارقة مثل: معركة العمائم - زمن الكلاب - الشعر والمال - زهر في قبر!!

مصادر الدراسة:
1 - حلمي القاعود: شخصية محمد صلى الله عليه وسلم لدى الشعراء العرب في القرن الرابع عشر الهجري (دراسة نقدية) - رسالة ماجستير - جامعة طنطا 1985.
2 - مقابلة أجراها الباحث أحمد الطعمي مع نجل المترجَم له - مدينة الباجور 2003.

يا مصر..

ذاق الهـوان وحـالفَ الأسقـامـــــــــــا = مـن لـم يـمت يـا مـصر فـيكِ غرامـــــــا
يـا جنةَ الفردوس يـــــــــــا وطن الألى = قـادوا الشعـوب وسخّروا الأيـامـــــــــا
النـيل نـيلك مـن قـديـم قـد جــــــــرى = ذهـبًا وفـاض عـلى القُرى إنعـامـــــــــا
أيّ الـبـلاد تقـدمتك وأيـــــــــــــنعت = دوحـاتهـا وسمتْ عـلـيك مقـامــــــــــا؟
الغرب؟ لـيس الغرب غـير عصـــــــــــابةٍ = للشـرّ تـنـتهـب الـحقـوق دوامــــــــــا
مـن كـان يـنكر مـجـدنـا وجلالنــــــــا = بـيـن الـورى فلـيسألِ الأهـرامـــــــــا

***

ذكرى

ذكرى النـبـي الـمـصطفى الـمختــــــــارِ = أم نفحة مـن روضة معطــــــــــــــــارِ؟
هـبّت فأنعـشـت القـلـوب وأيـقـــــــــظت = مـا قـد غفـا فـيـهـا مـن استبشـــــــار
يـمشـي الربـيع إلى الـحقـول فتزدهـــــي = وتتـيـه بـالنَّوَّار والأزهــــــــــــــار
وتعـود بـيـن النـاس ذكرى الـمــــــصطفى = فتفـيض فـي الـمهجـات بـالأنـــــــــوار
وتبثُّ فـيـهـا قــــــــــــــــوةً وهدايةً = وحـمـاسةً وعزيـمةً مـن نـــــــــــــــار
وتهـيج فـي مسـرى الـدِّمـاء محـــــــــبةً = للخـير والإحسـان والإيثــــــــــــــار
يـا مـولـد الهـادي تحـيّة شـاعـــــــــرٍ = نظـم الهـوى الفـيـاض فـي أشعـــــــــار
وقف القـريضَ عـلى النـبـــــــــــي وآله = والـتـابعـيـن الصـفـوة الأخـيــــــــار
وبقـيـتِ يـا ذكرى الـحـبـيب عـلى الــمدى = نـبعَ الهدى ومـنـارةَ الأفكــــــــــــار

***

في العيد

طربـوا لصـوت الـمزهـر الرّنـــــــــــانِ = وتـمـايلـوا لـمـثـالثٍ ومـثـــــــــــانِ
وتهللـوا للعـيـد وابتسمـــــــــــوا له = واستقبـلـوه بـلهفة الظــــــــــــــمآن
وتزوّدوا بعـيـونهـم وقـلـوبـهــــــــــم = مـن بـهجة ومسـرّة وأمـــــــــــــــــان
كلّ الـذي قـد شـاءه لهـم الهــــــــــوى = فـي بحـره غرقـوا إلى الأذقـــــــــــان
وتغافلـوا يـا ويحهـم عـن خـير = فـي يـومهـم مـن لـذة الإحســـــــــــان
نهـبـوا السـرور لهـم ولـو قـد أنصـفــوا = ذكروا الألى ضجّوا مـن الأحـــــــــــزان
فتذكروا مـن بـات فـي كـنف الطــــــــوى = وتـرفّقـوا بـالـبـائس العُريـــــــــــان
وتعهدوا بـالعطف أصحــــــــــــاب الضنى = وحَنـوا عـلى ذي الـيـتـم والـحـرمـــــان
مـا العـيــــــــــــد إلا أن نفرّج كربةً = ونزيل هـمّا للفقـير العـانـــــــــــــي
والعـيـد مـيـدان الألى أرواحهـــــــــم = مُزجت بتقـوى الله والإيـمـــــــــــــان
للخـير دومًا يفعـلـون وكلهـــــــــــــم = يبـغون فـي الأخرى رضـا الرحـمـــــــــن

***

الحق الضائع

ولقـد طلـبتُ الـحق لـم أظفر بــــــــــه = ورجعت دون مـنــــــــاله مخذولا
وبحثتُ طـول العـمـر عـنه فلـم أجـــــــد = أثرًا له بـيـن الأنـام ضئــــــــــــيلا
لـم ألقَ غـيرَ الزور يرتع بـيـنهــــــــم = أبـدًا ولا يرضـون عـنه بــــــــــــديلا
والظلـم يـا ويلاه قـد غمـر الـــــــورى = والغش قـد عبـدوه والـتضلــــــــــــيلا
هـم يعـلـمـون الـحق لكــــــــــنْ طبعُهُمْ = أن يـنكروه، وسـاء ذاك سبـــيلا
فقـويـهـم يرضـونه مهـمــــــــــــا طغى = زلفى له وتقـرّبًا ووصـــــــــــــــــولا
وضعـيفهـم إن قـام يـطلــــــــــــب حقه = لقـي الـتعـنّت بكرةً وأصــــــــــــــيلا
يـا قـومُ عـارٌ أن تعـيـنـوا ظالـــــــمًا = يأبى الـمقـاتل أن يكـون قتــــــــــيلا
يـا قـومُ بـالـحق القـويـم تـمسّكــــــوا = تُرضـوا الإله وتبـلغوا الـمأمــــــــولا
هـو واضحٌ وضح النهـار لـــــــــــــمبصرٍ = مـا بـالكـم تبـغون عـنه عـــــــــدولا؟
الـحق مـثل الـدهـر بـاقٍ خـالــــــــــدٌ = والظلـم ظلٌّ لا يـدوم طــــــــــــــويلا

***

صرخة ألم

هـي صرخةٌ هـزّ الهـواء دويُّهـــا = كـالرعـد إذ يـطـوي طبـاق سمــــــــــاهُ
هـي صرخةٌ، يـا هـولهـا مــــن صرخةٍ = صـاح الـحـزيـن بـهـا لفرط أســـاه
أتظل تـروي الخدَّ سحـبُ مدامعــي = ويسـيلُ مـن قـلـبـي عزيـزُ دمــــاه؟
ويظلُّ هـذا الـبؤس يأكل مهجتــي = ويعَضُّ قـلـبـي صـبحَه ومســــــاه؟
وأظل أشكـو قسـوة اللـيل الــذي = قـد رد عـن طرفـي لــــــذيذ كراه؟
ألعـلّ ثأرًا للزَّمـان تقــــــــــــادمت = أيّامه وتحطّمت دنـيــــــــــــــــــاه!؟
أم أن أشجـان الـحـيـاة تحــالفت = والقـلـب، لا تـرضى بطـول نـــــــــواه؟
يـا ربِّ ضـاقت فـي الـحـيـاة مذاهـبـي = وسئمتُ فـيـهـا العـيش يــا ربّاه
قـلـب الأمـانـي قـد تـوقف نـــبضه = والـيأس - وا لهفـاه - يفغر فـــــــــاه
خذنـي إلـيك لعـل عــــندك راحةً = تشفـي فؤادي مـن سعـــــــير لظاه
الـمـوت خـيرٌ مـن حـيـاة كلهـــا = هـمٌّ يـطـول عـلى الزّمــــــــــــان مداه
أيذوق يـا ربـاه لـذة عـــــيشه = مـن ودّعته رغابـه ومـنـــــــــــــــاه؟
يـا رب عفـوًا إن صرخت فإنمــــــا = قـد ضجَّ قـلـبـي مـن لهـيب جـــــــواه
فأتى إلـيك وفـاض بـالشكـوى عسـى = فـي كربـه وشقـائه تـرعــــــاه
أرسل عـلـيـه مـن الأمـانـي بــارقًا = لـيضـيئه ويـنـير بعض دجــــــــــــــاه
أو هَبْهُ قطرة رحـمة يُشفى بـهــــا = ويَبُلّ مـنهـا حـرَّ نـــــــــــــــار صداه
اللـيل طـال، وطـال فـيـه تحـرُّقـــي = والفجـر يـا شـوقـي لعذب سنـــــاه!
هـي صرخةٌ، لـيـت الزَّمـان صغى لهــا = فـيفكّ مـن قـيـد الأسـى أســراه
هـي صرخةٌ أرسلـتهـا مــــن مهجةٍ = كـادت تذوب، فهل يجــــيب الله؟



مصطفى  والي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى