أحمد رجب شلتوت - خلاص

الأشجار كثيفة الأفرع على جانبى الشارع تطاول الشرفات. تمتص نور الأعمدة ثم تعود لتسكبه على الأرض ظلالًا. الظلال تفرش بساطًا فى الشارع، وثمة أشعة ضوء شحيح تنفلت موشية بساط الظل ‏بغصون. نسمة تسرى موسعة الفرجة بين فرعى شجرة ليمر الضوء كثيفًا راسمًا دائرة، المحيط غير المنتظم للدائرة يبدو، وكأن مزقة فى بساط الظل الذى وطأته مرارًا، وأنا أحاول قتل ملل الانتظار ‏بالخطو الوئيد. أكملت انتظارى بالوقوف عند الزاوية. بضجر أعاود النظر فى ساعتى، قبل أن أرسل ناظرى يمسحان الأفق بحثًا عمن أنتظر. لم أفلح فى قتل الملل فقررت الانصراف. وطأت بساط الظل. ‏لمحت قطًا منكمشًا جاعلًا من نفسه مركزًا لدائرة الضوء. أقترب منه، يسمع وقع خطاى، يرمقنى بخوف، يزداد انكماشًا، يدور حول نفسه ببطء، قبل أن ينطلق أمامى. أتابع هروبه، وهو ينظر خلفه بفزع ‏مواصلًا الفرار. عند آخر الشارع توقفه سيارة مسرعة، يجد نفسه محاصرًا بين عجلاتها والأسفلت، وعندما لحقت به لم يعوِ مواصلًا فراره، فقد تخلص من خوفه حينما ثبتته السيارة على الأسفلت.‏

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى