أمينة الحسن - عبث.. قصة قصيرة

كنت أجلس في غرفة انتظار صالون التجميل وكانت هناك طفلة، بقيت أرقب حركاتها وهمساتها ولعبها حوالي نصف ساعة، لم أجد سوى أنه عبث لا طائل منه فهي تختلق الأفعال والحركات لتملأ فراغاً لا تدركه على الأغلب، تصعد على الكرسي ثم تنزل، تقلبه وتقف فوقه، تركض يمينا وشمالا، تلتصق بالجدار وتغني بهدوء، تقف في منتصف الغرفة تنظر إلى كل شيء حولها باستغراب! هل حقاً كنت طفلة يوما لا يشغلها سوى العبث!؟ لا أريد أن أتذكر صورتي حينها ولكنني أشعر أنه كبر معي، وضوضاء من أنحاء كثيرة تتجه نحوي، أبحث عن أشياء عديدة وكلما اعتقدت أنني وصلتها بددها العبث الذي يستوطنني إنه امتداد الطفولة الذي يلازمني فلا خلاص!

أبدو غريبة لا يألفني من يراني أول مرة، ولا أجيد الحوار مع الآخرين بقدر ما أجيده مع نفسي، وتسيطر عليّ الهواجس فيؤلمني كل شيء. لا أتقبل الواقع كما هو ولا الأشخاص كما هم ورغم ذلك أحب كل شيء، وأتمنى أن أرى الجميع بخير، أحب امتلاك الكثير من الأشياء.. أنانية ولكنني مستعدة لإعطائها! أبتعد واقترب من ذاتي كل يوم ألف مرة، أريد أن استشعر جمال الأشياء الحقيقي بدلاً من القلق حيالها!

رأيت الموظفة تقترب

تفضلي حان دورك

حسنا

الصالون يعج بالنساء وكأنهن يتنافسن في مسابقة ملكات الجمال، يتفنن في التزين ولا أعلم هل يتغير فيهن شيء حقا!

جلست على الكرسي دون أن أحاول الالتفات لا أحب رؤية امرأة أعرفها.

ماذا تريدين؟ سألتني العاملة

كنت أفكر أن أغير لون شعري لكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة

تنظيف بشرة

حسنا تفضلي على الكرسي الآخر.

القرار صعب حتى في أصغر الأمور شيء ما يدفعني لعدم الثبات، أغمضت عيني وضَعت عليهما قطعتين من الخيار ثم بدأت أشعر بهواء دافىء يعانق وجهي. إنها دقائق ذهبية للغوص في الداخل وتنظيف الخارج! أحاول أن أتنفس بعمق وأبحث في الضوضاء عن باب أفتحه وأبرمج نفسي من جديد كجهاز كمبيوتر استعمرته الفيروسات! أبحث عن الحب والسعادة والطمأنينة فيّ، ورغم أنني أحاول جاهدة أن أمنحها لمن حولي لا أجدها تُمنح لي، ربما لا يجدر بي المطالبة بردة فعل حينما أفعل، ولكنني مقتنعة منطقيا بقانون نيوتن فحين لا أرى تجاوبا مع أفعالي لا أستطيع أن أواصل الفعل مع الأشخاص ذاتهم أدرك مشاعري وأحاسيسي ولكن كيف أجعلها مدركة لديهم.

كانت أصابعها ناعمة وهي ترسم دوائر على وجهي كنت أودها أن تعمل تدليكا لرأسي علني أهدأ قليلا وأرتاح. أراني سفينة تائهة في محيط تتلاطم فيه الأمواج في حرب بين مد وجزر ومحاولات الريح مازالت مستمرة في فك النزاع! ميزت صوت الطفلة لا تزال تعبث هنا وهناك لم تهدأ ولم أهدأ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى