الشاعر عبدالغفار العوضى الفائز بجائزة عفيفى مطر.. فوزى للمرة الثانية دليل تطور مشروعى - أجرى الحوار: خالد حسان

للمرة الثانية على التوالي يفوز الشاعر عبدالغفار العوضي بجائزة عفيفي مطر، وكأنه في موعد مع المركز الثاني الذي حصده العام الماضي عن ديوانه "شجرة الغرائز"، وها هو يجدد العهد هذا العام بديوان جديد هو "إغواء الوردة العارية".

العوضي شاعر مهم، ومثقف، ولديه وعي بتجربته، وقد فاز من قبل بجائزة أخبار الأدب، بما يشي بقدرة نصه على التأثير في لجان التحكيم المختلفة، وإرغام أعضائها على الانحياز لما يقدمه من وعي جمالي وأساليب شعرية مفارقة.

التقته "بتانة نيوز"في هذا الحوار :

أثار فوزك بجائزة عفيفي مطر للمرة الثانية على التوالي لغطا كبيراً، خاصة وأنه أمر غير معهود في أغلب الجوائز الأدبية.. كيف واجهت الأمر؟

فزت للمرة الثانية بجائزة عفيفى مطر تبعا للمعايير التى وضعتها المسابقة والتى لم تشترط عدم ترشح من فازوا فى دورات سابقة بالإشتراك مرة أخرى، وبالتالى فالمسابقة مفتوحة للجميع بالتقديم، والهدف الأساسى من فلسفة إقامة المسابقة وعدم وضع شروط مسبقة للتقديم هو ترسيخ وجود التجارب الشعرية المميزة، وإثبات حقها فى الظهور الأدبى والإحتفاء بها، جاء هذا الفوز بموضوعية كاملة باختيار كل أعضاء لجنة التحكيم والتى وحدها من تقرر أحقية الديوان الفائز، بالإضافة وتبعا لقواعد الترشيحات والتى تركز على التحليل الجمالى والفنى والمعرفى للدواوين المقدمة وليس لأسماء أصحابها التى تم محوها من أغلفة الدواوين وبالتالى فالمنافسة الحقيقية هى بين الدواوين المقدمة وليس بين أسماء الشعراء.

معظم من فازوا بجائزة عفيفي مطر العام الماضي لم يتقدموا للجائزة هذا العام.. ما الذي دفعك للتقديم للجائزة هذا العام؟


الذى دفعنى للتقدم هو حق أصيل فى المشاركة والذى لم تمنعه شروط الجائزة ومعاييرها، ولا يخصنى إذا تقدم من فاز سابقا أو لا، فهذا أمر ذاتى يرجع للشعراء أنفسهم، وليس هناك رغبة فى التقدم للجائزة إلا إذا كان هناك ما يدعمها من وجود ديوان جيد وقادر على المنافسة، ومن حقى الأدبى أن أرى إذا كان هذا الديوان وما يمثله من تطور فى الكتابة على المستوى الجمالى والفنى وفى تطوير الرؤية الشعرية، إذا كان يستحق الفوز والمنافسة فهذا دليل على وجود اختلاف وتطور فى الكتابة الشعرية فيما يخص مشروعى الأدبى.

كثيرون يتحدثون عن لجنة تحكيم الجائزة وانحيازاتها الجمالية، هل ترى أن للجائزة انحيازات جمالية معينة، خاصة وأنها مقدمة تحت اسم شاعر كبير أم أنها تنظر للمشاريع الشعرية بغض النظر عن مغايرتها لنموذج عفيفي مطر الشعري؟

بالتأكيد لكل لجنة انحيازاتها الجمالية، وهذا يؤكد على مصداقيتها ودقة إختياراتها الفنية،واعتمادها على معايير جمالية ومعرفية وحداثية فى اختيار النصوص الفائزة، فهى لجنة ترتكز على تعميق التجارب الشعرية المتميزة والتى قدمت نماذج مختلفة ومتطورة من الكتابة الشعرية، سواء فى الحداثة الشعرية أو ما بعد الحداثة، وهى لا تنحاز أسلوبيا لنمط كتابة معين، بقدر ما تبحث عن الأسس الفنية والشعرية داخل النصوص المقدمة، تحفر للبحث عن الجوهر الإنسانى فى الشعر وما تقدمه من رؤية للذات وللمجتمع وللعالم، منحازة إلى القيم الجمالية التى تؤصل للحرية والتمرد على السلطة بكل أشكالها والفساد والقمع الفكرى والتشوه الحضارى للإنسان.

واسم عفيفى مطر ليس وضعا لنمط معين من الكتابة يتم الإقتداء به، بل هو اسم شاعر كبير ساهم بشكل أصيل فى تطوير السردية الشعرية العربية وتقديم تجربة استثنائية تنتمى للبيئة المصرية بكل عمقها الحضارى والتاريخى، وبالتالى فالجائزة تعمل على البحث عن التجارب المغايرة والتى تساهم فى تطوير أشكال الكتابة وتعمل على ترسيخ وعى مختلف، وعلى تفجير أشكال شعرية جديدة تتوازى مع التغييرات الجذرية التى تحدث على مستوى العالم.

أنت المصري الوحيد الفائز هذا العام بغض النظر عن جوائز التنويه، هل تعتقد أن في ذلك إشارة لتراجع التجارب المصرية أمام التجارب الشعرية العربية؟

ليس هناك تراجع فى التجارب الشعرية المصرية، بل هناك تنوع كبير وشديد الخصوصية والتميز، وهناك تجارب تساهم بشكل واضح فى تأسيس مشاريعها الشعرية الذاتية، والتى تمثل انعكاسا لتغير جذرى على مستوى السياق المصرى، وتأتى الكتابة نابعة من السياقات التى نعيشها على مستوى السياسة والاقتصاد والأزمة الاجتماعية والثقافية الحالية، والتى تميز الواقع المصرى، ولكنها أيضا لا تنفصل عما يحدث من تغيرات داخل السياقات العربية والعالمية.

هل تفكر بعد الفوز بالجائزة للمرة الثانية في احتراف الأدب والتفرغ له، بحيث تكون الكتابة هي عملك الأساسي؟

ليس هناك ما يدعى باحتراف الأدب والكتابة بعيدا عن العمل الشخصى، الكتابة هى جزء من الحياة الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع،والتى تأتى أحيانا نتيجة للضغوط المختلفة التى يعانيها الإنسان، وتشكل رافدا أساسيا من روافد وعيه الذاتى وتشكل رؤيته عن العالم.

كيف ترى تجربة عفيفي مطر الشعرية، وهل تطمح في تجاوزها؟ إن كان ثمة تجاوز في الشعر؟

تجربة عفيفى مطر الشعرية، لها سياقها التاريخى والشعرى الخاص، وبالتالى ليس هناك ما يعرف بالتجاوز الشعرى، بل هناك تطور مستمر للكتابة وفقا لتغيرات أعمق تحدث على مستوى بنية المجتمع ككل، وتجربة عفيفى مطر شكلت مرحلة أساسية لتطوير السردية الشعرية، والتأصيل لقيمها الجمالية والمعرفية، بقدر ما تحمل تجربة عفيفى مطر من خصوصيتها الشعرية وتفردها على المستوى البنائى والفكرى والفلسفى، بقدر ما تحمل أيضا تجاورها الفنى والحداثى مع تجارب أخرى فى السياق الشعرى، الذى كوَّن تلك المرحلة التاريخية المحورية من تطور الحداثة الشعرية فى مصر.

وهنا تأتى قصيدة النثر فى تجاربها المتطورة الأخيرة، والتى مثلت شكلا من التغيير الجذرى فى طبيعة رؤيتنا للعالم، ومعالجتنا الجمالية له، فهى تمثل انتقالا من مرحلة سابقة كان شعر التفعيلة هو السائد جماليا وكان يحمل قيمه الفنية والأسلوبية والمعرفية، والتى تعكس أيضا قيم الحداثة الشعرية بجمالياتها الفلسفية ورؤاها المؤدلجة عن العالم والإنسان، ولكن قصيدة النثر مثلت كسرا لهذا النمط السائد، ليس تمردا وخروجا عنه داخل هذا السياق الداخلى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى