أيمن ادم عبد الرحيم - نشيد الانفلات

كوردةٍ قَلِقة لتصدع أصِيصَهَا
كحُزنِ المَوت حينَ يلتقطٌ طِفلة..
كنورسِ عجوزٍ تركه سِرْبَه - سكن السُفُن البَّالية، كمِثْلِي أنا مُنطَلِقٌ كماكوكٍ بَشَرِي، مُتحرِرَاً من لعنةِ الطِّين اللذِج ، مُجَّدِفاً في الفضاء..ناعماً، سلِساً.، عاريٍ من كُلِ شئ ..إلا من تميمة الجدَّة، الجدَّة التي كانت كُّلما جَلَسَتْ لنِساءِ القريَةِ تُقسِم بما مَلَكت من أيْمَان أنها رأت يومَ ميلادي كائناتٍ نورِيَة، عندما كانَ والدي جالسٌ تحت شُجَيرةِ النَّيمَة في فناء الحوشْ الكَبِير، قَلِقاً مُتوّتراً، و ملائكة تطُوفُ حولي، مُطْمئنة علي خُرُوجي سالماً ،وقَضْمِي لتُفَاحَةِ الأوكسِجِين لأولِ مَرَّةٍ، تَاركِينَ ضُوءً ما علي صَدْرِي، عَبرو بأبِي ،رفع احَدُهم عُمَامَته، وهَمَسَ احَدُهم له - إنْتَصَبَ يَصِيحُ بأسمي و ما تَبقّي من ضُوء ،إدخَرُوه لصِبْيَة تَخُصُنِي لم تُولَد بَعَد ،واخْتَفُو بينَ الغَمَام ..
لا رَهَق الصبيَّاتِ و شغبُ الحَواري -لا أنِينُ الارصِفة..مُنطلقٌ فقط، فارغ ،خاويٍ .مُعبئاً بي ..، اتَموَّجُ ، اُرفرف اُغنِّي للإنفِلات ..ولي أنا
هُنَاك :زَنابق بنفسجية .مُتَلاصِقة ،مُتَرَاصة ،تُومِضُ كُلَ ما عبر بها شِهابٌ ما ،كأنها تُودِّعَهُ ..يَعبُر بها يَتَناثر ، مُشكِّلُ ضوءٍ خَافِض ،يَخْتَفي في العَتْمَة الأرضِيةِ..وأنا أتَسَكَّعُ فِي اللازَمنْ .مُثَلّجُ الجِّلد ..تَنْبُتُ لي اظَافِرَ طويلة شفَّافَه،اتَشبَّثُ بِها علي كَوكبٍ صغِير يَتيمٌ بَاردْ.. يَدُورُ حَولَ الزَّنَابِق ،تُومِضُ كُل ما عَبَرتُ بها دونَ أن أتَشَظَي.
.. اتَكورُ كَجَنَينٍ في طورِ التَّكوينْ يَطْفُو في لُذُوجَةٍ ما ،يَدْهَسُنِي النَّوم ،كُنْتُ اظُنُنِي مخلوقاً فلكي لا ينامْ ، لا يحلُم -يُطَارِدُنِي وجهٌ منْزُوعُ العَينين ،مبتورُ الاُذْنينِ ، بفمٍ واسع واسنانٌ مُقوسة للخَارِج علي رأسه قُبَّعَة جُندِي تَسِيلُ منها الدِّماء ،اركض ،التفُ حولَ نَفْسِي اسقُط ..في الفراغ ،استيقظُ مرعوباً`` ارتَجِف .،....
اصرخُ بِصَوتٍ عالي :تباً لكوابيس الارضْ ،وجُنْدَها القَتَلة،وكوكبِي الصَّغِير يدورُ حولَ البَنَفْسَجِيَّات التي تُومِضُ ،بِلا تَوقف ..
اتَحَسسُ وَجْهِي ،حاشِرٌ يَدِي في لِحْيَتِي الكثَّة،ابْحَثُ عن بُثُور مَيِّتَة ،خَلَايَا نَافِقَه للجَسَد المُتحر المُطْلق في السدِيم اللامُتَنَاهِي..،و النومُ يَغوني مرةً اُخْرَي لكَابُوس اَخر ...
افِيقُ علي ايَادِي لمَخْلُوقَات تحملَنِي بِهُدُوء ،حَاوَلتُ الإلتفَات كي اري وجْهَهَا...لم اسْتَطِع ، مَخْلُوقَانِ طَائِران ، يُقَطّرَان ضُوء ابيض .وثمَّةَ اَخر يُحَلق اسْفَلِي
يَهْمِسُ: ماذلت ايُّها الارضيُّ قَريبٌ من مدي ارضِكَ الخَرَاب و لا تَصْرُخ بِصَوتِك العَالِي هذا هُنا ،كي لا تَدخدِش النَّقَاء...
وماذلت ،عَارِي من كُلِ شئٍ إلا من تَمِيمَة الجَّدَة
..طائِران بي بَعِيداً كوكبي الصَّغِير البَارِد .وبينَ المَجَرَّات القَدِيمة مُعْتَمة ..تَلتَقِط عينَاي ،قَافِلة من الارواح .. تَمْشِي مُثْقَلة ..عَابِرينَ لمَكان مَا ..ارواحٌ مُثْقَلة واُخْرَي صَغِيرة تَلْهُو في اَخر القَافِلة -رأيتُ الجَّدَة فِي مُقدمة الرَّتْل خَلْفَها الصَّبِيات اللائِي رَكَضْنَ عَارِيات علي الجَّمر حِينَ دَاهَم الجُنُود علي القرية..
.. .الجُنُود :يُقَال انهُم قَادِيمن مِن الصحراء ذاتِ الرِّمَال السودَاء ،بِوُجُوهِ مُسخَه ،يَعْتَمرون قُبَّعَات من عِظام ما ،رائحَتِهم نَتِنَة ،مُعَلقِينَ علي اعْنَاقِهم جَمَاجِم اطْفَال رُضَّع، تَهْمِسُ الجَّدَة إن نَركُض ،كانو اسْرَع من هَمْسِ الجَّدَة، يُطَّوِقُونَ القَرية، يَحْرِقونَ، يَصْلُبَون الكِبَار، يَلقُونَ الاطفَالَ في النَارِ ،يُطَارِدُونَ الصَّبِيَّات
اركضُ مُمُسِك بِيَدِ شَقِيقِي ..اتَعَثَّرُ علي قَدَمانِ مَبْتُوِرتانِ للجَسَد مُعَلقٌ علي شَجَرةٍ ،مَشْنُوقاً يَنْزِفُ بِشِدَّة،اسْقُطُ ،يُبَاغِتُنِي احَدَهُم بِفَأسِ فِي رَأسِي -مُبْتَسم بِفَمِه الوَاسِعُ و عَيْنَاه حمْرَوَتَانِ ،اسْنَانه المُقَوسَة للخَارج ،احاول النُهُوض اشَاهِد ،جَسَد شَقِي مَنْزُوع الرَّأس ،وراسَهُ يَتَدحرجُ اسْفَلَ اقْدَامِهِم -يَسْحَقه حِصَانٌ جَامِح ..
و ما ذَلت مُمْسِك بيَدِه الرَّاعِشَة ،يُقْطَع رأسي ايْضَا ،انْطَلِقُ كَمَاكُوكٍ بَشَرِي ،مُنْفَلتاً من جَسَدِي كَذَّراتِ ضَوئِية، مُجَدِّفاً في الفَضَاء ،نَاعِمَاً ،سَلِسَاً، مُتَنَّزِه من كُلِ شَئ، إلا من تَمِيمَة الجَّدَة وذكرَيَاتٍ للصَّبِيينَ يُطَارِدَانِ فَرَاشَة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى