وائل رضوان - حكاية نور

الحياة مدرسة فيها كل أنواع العلوم والدروس والعبر ... عايشين فيها ناس بتحاول تتعلم وناس بتعلم وناس بيتعلم عليها ....لا الغنى مرتاح ولا الفقير مرتاح ولا اللى واقف فى الوسط مرتاح...

حكايتنا حكاية بسيطة لبنت اتولدت فى الوسط وعاشت فى الوسط و لطمتها الدنيا فى الوسط لغاية لما أتقطم الوسط.....

هى البنت اللى فى الوسط بين الثلاث بنات..الأب موظف والأم ست بيت .....

عافرت فى الحياة ماكنش ليها أى مطامع غير أنها كانت بتحلم باليوم اللى تخرج من تحت جناح تحكمات امها فيها وفى البيت..كانت شايفة أن أبوها مقهور زيها تمام...حلمت تخرج وتبنى بيتها زى كل البنات...ذاكرت...كافحت....الثانوية كسرت عضمها....فى المعهد اللى بيسموه كلية درست حاسب ألى.....أتعلمت تشغل مخها..قابلها زميلها لقت فيه الخلاص من جبروت أمها بس أزاى هنبدأ....مش مهم المهم نبدأ......أكبر غلط لما الأنسان يركب أى أتوبيس وهو مش عارف رايح فين لمجرد أنه يسيب المحطة الزحمة وقت الحر.........أتشعبطت فى أول كم قميص مد ليها إيده.....كانت إيده ناعمة وطرية ماخدتش بالها لأنها كانت بتفكر فى حلم واحد بس...تخلص من بيت أمها.....راحت ورا سراب الأستقرار فى بيت يخصها وحلم تحلمه هيا وتنفذه .... طول عمرها بتحلم وتصحى علشان تنفذ أحلام أمها.......

مسكت فى طرف خيط رفيع تصورت إن أخره فستان جميل.....مشيت على ضوء شعاع حلمت يكون أخره شمس دافية تدوب جليد السنين و تنور ضلمة حاصرتها سواء كان بجهل ...بكره... بحب ...مش فارق معاها.....المهم تسيب جارتها اللى هى فى الأصل ولدتها....أصل كان صعب عليها تسميها والدتها.....سمعت كلام ماعرفتش هو كلام فى الحب ولا هو ترانيم جاية من السما تخلصها من عذاب الأرض.....قررت تمشى فى الطريق من غير ماتعرف رايحة فين.....كانوا طلبة وأتخرجوا....كانوا ورد الجناين وأتفتحوا....مدت إيديها وغاصت عينيها فى عينيه....أتجوزوا الأولاد... أه لما نبنى بيت وهو مالوش أساس ولا عمدان ولا حيطان ولا سقف......بيت إفتراضى فى عالم خيالى.....كله مبنى على المفروض...تصحى البنت تلاقى نفسها مدام...ويصحى الولد يلاقى نفسه مسئول...والضحية جاية مافيش كلام...طيب مين هيصرف على البيت اللى مش موجود أصلا...كان عايز ياخدها جنب أهله فى الأقاليم لكن هى كانت بتحلم باليوم اللى تهج فيه من أمها لكن مش برة القاهرة...هنا اتولدت وعاشت...شوارع القاهرة ليها سحر خااااص....زحمة جدا أيوة لكن هى زى السمكة ماتقدرش تخرج بره الميه....وافق جوزها أنهم يأجروا شقة صغيرة فى نفس منطقتها وكان لازم يرتبوا حياتهم .....الشغل......كلمة من 5 حروف سهلة فى نطقها صعبة فى تنفيذها....طلب منها تدور على شغل وهو ساب تخصصه واتجه للسياحة...أشتغلت سكرتيرة فى شركة وهو اشتغل فى شرم الشيخ والعجلة دارت....لكن تأتى الرياح بما لا تهوى السفن وأقالوه بسبب مشكلة مالية بينه وبين زميله.....رجع وقعد فى البيت ومع رجوعه ...بطنها عليت وبدأت تجهز نفسها لإستقبال أول فرحتها وكانت بنوتة زى القمر....أستقبلها والدها بفرحة كبيرة وكان لازم يصرف عليها وعلى مامتها اللى لسه راقدة...بدأ يفكر يعمل ايه...لقى أن السلف والفهلوة بيكسب عن الشغل والعرق وبدأ فى سلسلة معقدة مالهاش حتى قفل بمفتاح....الطريق ده أخرته السجن....مفكرش ...هو عايز فلوس بدأ يحكى حكايات ويألف قصص وبيها ياخد فلوس من الناس علشان يشغلها فى مشاريعه الوهمية...اخد البنت وامها ولف بيهم مدن كتير علشان يهرب من الأحكام....أحكام النصب اللى عليه...وهما فى رحلة الدوران حوالين الكرة المصرية شرفتهم الضيفة التانية ...أل يعنى كانت ناقصة...نور فكرت وقررت ... رجعت بيت أهلها وعلى صدرها حتة لحمة صغيرة وساحبها فى طرف فستانها بنتها الكبيرة..دخلتها المدرسة ورجعت شغلها سكرتيرة وأختفى جوزها...الديانة عرفوا طريقها وحاصروها...بدأت تقطع الرغيف على أربعة....هما تلات اربع والديانة الربع....ماحدش بيستحمل حد .. كل يوم أمها تنكد عليها مش قلتلك يا فقرية الواد ده مافيش فى حيلته حاجة..خدك لحم ورماكى عضم...ياريت كان رماها عضم لأن ممكن العضم يتكسى....ده كمان عايز العضم...اتصل بيها بيهددها لازم ترجعى انا بحبك وبحب البنات.. غيرت تليفوناتها و عزلت من بيتها...بس برضه وصلها...مالقتش حل إلا أنها ترجع ورجعت...كل يوم قاعد بالساعات على النت وينزل ساعتين يرجع بفلوس وأكل...الموضوع بقاله شهرين على ده الحال...هو انت بتشتغل اااااايه....انا بعمل تصاميم على الكومبيوتر لناس وباخد منهم فلوس...فى يوم نزل الساعتين بتوعه وهى انتهزتها فرصة ودخلت على الكومبيوتر اللى موجود فى الغرفة المغلقة الممنوع حد يدخلها بحجة الشغل.....لقيت مصيبة...المحترم مصور نفسه بلبس حريمى من غير وجه وبيكلم الشباب على النت مقابل تحويل فلوس على الموبايل...والمصيبة الأكبر إنه مسمى نفسه (نور)......يانهار مش فايت....دى أفتكرت أنه خلاها تجيب خط تليفون بإسمها علشان هو عليه أحكام....وده الخط اللى بيستخدمه..يعنى كل المصايب اللى بتحصل دى بإسمها.....ده انا أفتكرت لما كان بيبقى عايز ينام معايا كان بيخلينى أعمله مكياج وألبسه لبسى وبعدين يسيبنى نص ساعة ويرجعلى....ساعات كان بيقولى لما تليفون الشغل يرن قولى بس ألو علشان تطمنى انه راجل وانى مش بكلم بنات ....ده انا كنت عبيطة اوى ده كان بيأكد للطرف التانى ان اللى على التليفون واحدة ست...يبقى كان بيعمل كل حاجة ومخططلها......ايه ده شيطااااااان...رجع.. واجهته...اعترف....بكى....ندم.......اللى جواه جواه....بس الموضوع اتكشف يبقى نلعب على المكشووووف...يعنى عايز ايه...كل اللى مطلوب منك انك تردى على التليفونات ولما يقولولك انتى نور طبعا مش هتكدبى وانا هكمل النصباية......ياااااااااه هتعمل كده مع مراتك ام عيالك......لو مش عاجبك نقطينا بسكاتك.....هددته هتفضحه وتسجنه.. نامت الدمعة على خدودها لأن عيونها مانمتش الليلة دى....راحت شغلها الصبح ولما رجعت لقت كل لبسها متقطع والشقة متبهدلة ...البنات اتخطفواااااا الحقوووووونى.....الجيران اتلموا لا حول ولا قوة إلا بالله يالا نبلغ الشرطة.....عم محمود البقال قالها استعوضى ربنا يابنتى...جوزك عدى عليا امبارح قالى انه مسافر ومحتاج قرشين .. اخد اللى فيه النصيب وشوفته واخد البنتين وشنطة كبيرة وخرج بيهم من الشارع...عم ايوب الحلاق قال... الله ده عدى عليا انا كمان امبارح....وعم وعم وعم...... نصب على المنطقة كلها وطفش بالبنات...لطمت خدودها ووقعت مغمى عليها...ولا حد يقدر يعوضها عن بناتها......اسبوعين مروا عليها سنتين لغاية لما أتصل بيها...عايزة بناتك تيجى تعيشى معايا هنا وتعملى اللى اقولك عليه.....عايزنى اعيش فى قرية فى مجاهل الأقاليم.. وكمان أشتغل معاك فى النصب....وطبعا لحمى بقى رخيص انت اساسا بتاجر بصوتى والله أعلم ممكن بصورى يبقى لحمى هيبقى ضحيتك اللى جااااية...مستحيل..مستحيل أخسر نفسى..مستحيل أستسلم للشيطان.. حاولت توصل لبناتها بكل الطرق ماعرفتش...بلغت الشرطة ...القانون مش معاها ده لو وصلولوا أساسا.....السنين بتعدى والبنات بتكبر وفكرتهم عن أمهم أتحرفت وبقوا فاهمين أنها هربت وسابتهم.....نور بقت ضلمة....عايشة تشتغل علشان تاكل وتسكن وتصرف على القضايا والمحاكم والمحاميين...جوزها هربان بالبنات والشرطة بتطارده عليه أحكام....الديانة فى كل مكان عايزين حقوقهم...البنات ماحدش يعرف عنهم حاجة.... نور بتفتح عينيها بالعافية من الأرهاق والحزن والشقاء....منتظرة فرج من عند ربنا...ماهو اللى مالوش ضهر بينضرب على بطنه....دى حكاية كل (نور) عايزة تهرب من تحكمات أهلها لبيت يخصها بدون تفكير ولا تأمين لمستقبلها...دى حكاية كل أب وكل أم بيقسوا على ولادهم بدون أسباب غير أنهم خلفوهم...دى حكاية جيل بيسعى للربح مش مهم حلال ولا حرام....المهم الفلوس....مش مهم المبادئ مش مهم القيم........ دى ( حكاية نور )

وائل رضوان

25 أغسطس 2016

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى