ياسين الزبيدي - فضيلة

لعله السياب او غيره ممن يعرفون لغة الشناشيل من يستطيعون فك رموزها او طلاسم رقيمها. .. هكذا اراها .. امراة من اولئك النساء اللاتي يدمن جلسة الشناشيل, تجلس هناك وهي تدخن بدلال, تكرع اقداح الشاي, امراة ثرثارة بيد ان ثرثرتها مميتة, ممتعة تأخذني إلى أسرة الاحلام الملونة. تركت (شنشولها) و(ارجليتها) ومائدة مليئة باقداح الشاي وذلك الجو المفعم برائحة البخور والمسك والزعفران. تركت كل ذلك وجاءت لتغازل عيون فضيلتي والتي احاول اغماضها، جاءت لتهدم سدا كنت قد اقمته بيني وبين نهر جنوني, ونزواتي.. لقد جاءت لتغرقني.. هي الآن امامي بكل صراخها واحتياجها, اراها وقد ارتسمت على محياها سمات العتقاء, فهي الآن خارج حدود سجنها (الشناشيلي) .. لا ادري لم بدت لي تلك المرأة زوجة لرجل مقرف يمسك على الدوام سوطا يلهب به ظهرها,غبي ذلك الرجل لانه لايعي ذلك الفيض الانثوي,لايعي ذلك الاشراق الباهر, خفاش هو بل بوم لايعرف غير الخرائب والاطلال. اين هو من ذلك البناء الرباني الشاهق؟!!, اين هو من تلك الحضارة ؟ ذلك البدوي المقيت ! لايعرف غير السوط وهو لايعلم بانها تبحث عن سياط اخرى, سياط آتية من رحم الليل البليل, سياط ملونة, ملفوفة باوراق الشجر, مدعوكة بالزيت, مضمخة بالعطر,مكهربة بالرعشات. هي الآن تجلس امامي بكل ثقلها, صراخها المكتوم يصيبني بالصمم, إنها تقرصني, تحلبني. تململت في جلستها فارتعش كل كياني, انها تجرجرني نحوها, اسمع صراخها, صوت صرير اسرة قديمة نامت عليها نساء صرن الآن عجائز.. انها تشطرني الى نصفين, نصف يحمل سحنة الشيطان, والنصف الآخر صورة الانسان الجميل,بيد ان انساني ذاك واهن, متلفع بعباءة الخذلان يكاد يتلاشى امام ذلك الشيطان العارم… تلك هي لحظة الاحتدام, انا الآن مخير بين ان انحر وريد رجولتي عند اقدامها وبين ان اضع بلسم الفضيلة على تلك الدمامل المخزية التي تملأني, علي ان اختار بين ان ارمي بجسدي تحت عجلات قطارها الارعن السائر نحوي وبين ان أوقد شمعة لميلاد جديد… في تلك اللحظة الخانقة التي تشبه الانشوطة دوى صوت الأذان, عندئذ شمرت عن ساعدي ساكبا عليهما فيضا من الطهر ولترتسم امامي صورة لشمعة مضيئة وشيطان يندحر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى