بنسالم حميش - قصة ابن دارة في القاهرة

أثناء الرحلة إلي الإسكندرية كنت شديد الانتباه إلي ماحولي، مستبشرا بليونة الموج وانتفاخ الأشرعة بالريح المحركة المواتية لفرسي تفقدات حتي يتعرف علي أكثر. أجريت مع بعض الركاب محادثات ودية أطلعتني علي أن معظمهم آتون من الأندلس وبلاد المغرب، إما للحج أوالتجارة، وإما بحثا عن مورد عيش ومستقر. في الإسكندرية، قضيت ليلتين في فندق لأستريح من عناء السفر، وأتجهز للنزول إلي القاهرة مع قافلة فجر نهاري الثاني. كان السفر إلي وجهتي الجديدة سهلا ميسورا، وجو المسافات والمحطات لطيفا رحيما. ولما رأيت الطريق خاليا من المخاطر، قطعت نصفه المتبقي ركضا، حتي أستعجل الوصول إلي مقصدي وأتدبر أموري.
حللت بالقاهرة حوالي منتصف المئة السابعة، وفيها حكم السلطان ثوران بن نجم من الأيوبيين المتأخرين، المنهمك جيشه في صد أعقاب الأفرنج عن دمياط وساحل البحر الشامي ... في وسط المدينة، قريبا من الأزهر الشريف، سألت عن الشيخ أبي النجا النعمان، فدلني علي بيته بعض الباعة وحين طرقت بابه صاح بي صائح أن أدخل. تخطيت العتبة وربطت حصاني في ردهة، قصدت مصدر الصوت، فإذا بي أمام رجل بزي الصوفية واقفا يدلني علي حجرتي، ويرحب بي صديقا موفدا من لدن أبي الحسن الششتري، وبعد ذلك اختفي عن نظري.
في الحجرة من الحوائج الضرورية مايكفي، وفيها ركن للطهارة وجرة ماء نقلت إليها رحلي وتوضأت للصلاة، ثم افتت بما تيسر وتمددت لاستريح من نصب السفر. وأحسب أن النوم أخذني سريعا، إذ لم أستفق إلا بعد مضي يومين علي مجيئي، تناوبت علي خلالهما رؤي منامية مخيفة، لم أتذكر منها سوي واحدة في ثلاث حلقات، أرتني الأولي امرأة عملاقة، مكسوة بالسواد، لايدرك منها شيء استوقفتني بإشارة مباغتة ونهرتني بشدة وفظاظة
ـ " مافعلته بي، ياهذا، عدوان وجرم! آمرك أن تنزع شوكتك من لحمي وإلا قاضيتك بتهمة تعريض حرمتي للهتك وهناءتي للهنك"
ـ "¬ترفعين دعوة ضدي، مولاتي؟"
ـ نعم.. أجرجرك أمام المحاكم حتي أثأر لنفسي منك.
كم تحسرت في نومي لكوني تملصت من مستفزتي، إذ واجهتها بتحد متغطرس جاف:
ـ "عليك بالمحكمة، سيدتي، عليك بها'!
ذلك أنه لربما كان من الأفضل والأحري أن أخوض معها حوارا هادئا نافعا حول العلائق الموهومة أو المحتملة بين شوكتي ولحمها .. كم تحسرت لكوني قدمت العنف علي الحوار، فنزعت عن المشتكية إزارها وخمارها، فإذا بها الجارية حفصة أومابقي منها: امرأة خربة، صلعاء، لا لحم ولا نطر لا أسنان، بل شبح كائن أيل للدثور والزوال!
أما الحلقة الثانية فدارت حول الجارية نفسها بجسمها المنهدم وأنا أزورها في سجن المجانين، وأكلمها هذه المرة بالحسني والرفق الأقصي، فنفرت إجفلت ثم اكتفت بنفث كلمات مريرة حارقة في وجهي: 'أرايت مافعلت بي!'..
وفي حلقة ثالثة من حلمي المرعب، تجلت لي الجارية ذاتها علي ظهر سفينة بين أيدي بحارة يقطعونها إربا إربا، ويرمون إلي الأسماك والحيتان أشلاءها، وإذ لم يبق منها إلا رأسها تفرستني بعينين محمرتين داميتين وصاحت: 'أرايت مافعلت بي!' ثم إن الرجال بأرجلهم وأيديهم تلاعبوا زمنا بالرأس قبل أن يطوحوا به سطح المياه.
تكررت من بعد مثيلات تلك الرؤيا المنامية طوال ليال ثلاث، مع فارق أن فحواها كان يغيب عني عند اليقظة، فلا يخلف لي إلا رسوم رعبه وطعن رجاته، وزنا لاسلطان لي لدفعها إلا أن أجعل الليل إثمدا، وأقول لابد دون الشهد من إبر النحل، كما لا ترياق لي ضد مخالب الوهم والوسواس إلا التأمل والدرس وماقل من النسخ لسيرتي أو الخروج لاستفضاء الأحوال وأخبار الناس.
في أول مرة نشدت السياحة والسعي، كانت الباحات والحارات المحيطة بالأزهر الشريف ومشهد الحسين تعج بالخلائق من أصناف شتي، لكل نصيبه في تأجيج حركات الدب والسعي، فلا تخف وإن بمقدار، إلا في أوقات نداء المؤذن للصلاة وميل النهار الي انتهائه.
ظللت أياما وأسابيع بين مسكني الذي لا أري فيه أثرا لمضيفي، وبين خارجه حيث أرتاد الجامع كثيرا، وأتجول راجلا ما استطعت في الفسطاط بين الحدائق والاحياء والأسواق، وأتنقل في قاهرة المعز فارسا بين أبواب المدينة التسعة المفتوحة علي بحر النيل وقنال الخليج، وحين أصل إلي سور صلاح الدين، تكون لي مع ذكري المهابة والعزة وقفات، ثم أعرج علي مشهد السيدة نفسية وجامع ابن طولون وبركة الفيل، فعلي مآثر فاطمية وأخري أيبوية، ولابقاء إلا لواجب الوجود، نور السماوات والأرض. وذات يوم وقد اشتد اشتياقي الي الششتري، بعد انقضاء خمسة أشهر علي إقامتي القاهرية، شرعت أسأل عنه بعض المجاورين في جامع الأزهروالخوانق القريبة، فلم أجد ضالتي المنشودة، ولو أن الجميع يعرفونه بالاسم والصفات، ويذكرونه بكلمات التبجيل والإطراء. وحدث أن تعرف علي نفر من طلبة العلم، فتبعوني إلي الجامع الشريف، حيث أدوا معي صلاة العصر ثم أخذوا
يسألونني كثيرا عن الأندلس والمغرب ويترجونني أن أعقد لهم درسا أختار موضوعه أو أجيب فيه عن بعض مشاغلهم وهمومهم لم يكن لي يد من الاستجابة لهم، فجالستهم في ركن معزول وتهيأت للكلام، لكن متي إن أنهيت البسملة والصلاة علي النبي وأله وصحبه حتي اقترب مني رجل قال إنه ناظر الجامع، ونبهني إلي أن الدرس من دون ترخيص أولي العلم والأمر ممنوع، ثم عاد الي خلف الجمع ووقف مع أعوانه بالمرصاد. ثقل الموقف علي لما لاحظت بعض الصخب يسري في الصفوف، وحركات مشبوهة تبدو هنا وهناك نهضت وقلت للطلبة: 'حرمنا من الكلام في بيت اللهو لكن أرض الله واسعة.. ردد من سمعني: 'أرض الله واسعة وعريضة'، فتبعهم في الترديد الجمع كله، وصدع البعض بالحديث الشريف: 'عالم ينتفع بعلمه خير من ألف عابد' غادرت الجامع محاطا بهم، ثم سرت في مقدمتهم، أمرا بالمسالمة والهدوء، متجنبا ما استطعت مخافر الشرطة، وذلك علي ضفتي النيل محلات المبرجين واللاعبين والملهين والخيالين والعرافين، وذلك حتي لاينساق وراءنا فلول البطالين والمتسكعين وهكذا توجهت بالفوج الحافل إلي مقبرة القرافة علي سفح جبل المقطم، وهنا جالستهم علي سطح أجرد، فعالجت قضايا تهم معاشهم ودنياهم، وأخري تربطهم بأمور الفكر والدين كانت لبعضهم أسئلة مخصوصة في الفقه والكلام والفلسفة والتصوف، فأجبت عنها بأبسط العبارات وأوضحها، وزيلت كلامي باطلاعهم علي نظريتي في التحقيق والتقريب. موصولة بما أراه في شرائط الخلع والتجريد، أخيرا ختمت بالإجابة عن سؤال بعضهم في الجهاد ضد الغزاة الإفرنج، فقلت إنه فرض عين علي من استطاع إليه سبيلا، وليس تحته أهل معوزون يعولهم، ولم يكن مسنا أوعليلا.
مع الغروب توقفت، رأيت وجوه الطلبة مشرقة بدور التحصيل والفهم، وتنافسوا بلهجتهم الدافئة السخية في تقريظي والثناء علي ٌنصحتهم بالعودة الي حال سبيلهم، فترجاني بعضهم في أخذ جانب الحيطة والحذر من فقهاء وشيوخ التدريس بالأزهر، سمعوهم ينطقون في حقي بألفاظ الاستياء والتذمر، من صنف 'هذا الأندلسي جاء يفسد فتيان مصر، كما فعل من قبل في مرسية وسبتة وبجاية..'، 'هذا المتفلسف يقول بإفلاس أهل العلم والفتوي، ويؤلب الناس عليهم لابد من لجمه وإيقافه عند حده ...' أبلغوني بهذا وشبيهه ثم ودعوني لاحقين بأصحابهم، إلا من رجل مسن تقدم لي بصفته أمين القرافة، قال إن كلامي نزل عليه بردا وسلاما، ولو لم يفهم سوي بعضه، ثم دعاني إلي المبيت في بيته بين أموات مؤمنين كرام. قبلت شاكرا بعد تردد، فتبعته إلي حيث أشار وقفت معه داخل ضريح وسيع، تضيء الشموع المنصوبة فيه قبورا مبنية وجنبات عليها لحف وحصائر عرفني الأمين علي بعض الدفناء واحدا واحدا، وكلهم من الأولياء والصالحين،و لا أعرف منهم أحدا. قدم لي كسرة خبز وتمر، وقال إنه ذاهب لقضاء بعض الشواغل، ناصحا إياي ألا أكترث لإقابل بعض أبناء السبيل لمشاركتي المبيت، ثم ضرب لي موعدا في فجر غد الجمعة الذي هو، كما أكد، يوم الزيارة والصدقة.
اقتعدت لحافا منزويا أجاول تهدئة رهبتي من أموات مقيمين وأحياء معدمين لابد قادمين فمن هؤلاء من لو اشتم الذهب عندي لسلبه مني وإن بقتلي، وجميع أولئك ينقلبون في لحودهم سخطا علي ماأحمله في حضرتهم وأخفيه.
الصلاة ترياق للوساوس والأكدار! حتي الهزيع المتوسط من الليل، قمت لها وللتراويح والاذكار، لا أعبأ بوافد إذا وفد، ولا بالحركات والتململات إذا حدثت، ولا بالشخير أوالتغوط إذ ضج وعلا بقيت علي حالي أرقا، لا يغمض لي جفت حتي مطلع الفجر أجريت وضوئي وصليت، وحين سلمت وانتبهت أبصرت الأمين شاخصا خلفي يدعو لي ويبارك. استقمت واقفا، وهبته بعض المال صدقة مقبولة، فضاعف لي الدعاء والشكر، ثم خرجت أقطع المسافة الي مستقري فيما المدينة تستفيق من نومها، ودبيب الحياة والحركة يعود بالتدريج إلي غزو الأرجاءوالأزقة مررت بسوق الزروع، اشتريت، كيس علف عرضته وسطل ماء علي فرسي ما إن لحقت به في مربضه وبعد أن اطمأنت عليه تسربت إلي حجرتي طمعا في تعويض مافاتني من نوم.
في ساعة لعلها بين الظهر والمغرب، أيقظتني من سباتي العميق ضوضاء مشادة كلامية استرقت السمع إليها، فإذا بمضيفي يقسم بالأيمان المغلظة أن لايسلم من في حمايته ولو أقبل الوالي نفسه مع الأجناد، ثم أغلق الباب وعاد الي معتزله وهويستعيذ بالله فهمت أن الأمر يعنيني، فقصدت الرجل علي التو وحينه بإكبار سائلا إياه ما الخبر أنبأني أن الشرطة تطلبني للمثول أمام قاضي القضاة في شأن ما، فردهم علي أعقابهم ولم يستجب شكرت للولي صنيعه ، ووعدته بمقابلة غدا قبيل رحيلي عن مصر، نبهني بالإشارة إلي أن حمايته لي لا تتعدي حدود حرم المنزل، ثم أعطاني رسالة وانصرف مسلما.
ارتميت علي لحافي وقرأت الرسالة مرة ثم أخري كانت من تاجر طنجي فوض له الششتري من قبل أمر تقصي أخبار أتباعي وأهلي، ومفادها من جانب زوجتي خير وبشري، إذ قابلها الرسول في طنجة حيث تعيش مع خالها وحمادة، وكلهن في صحة جيدة، وأملهم كبير في عدوتي إليهم سالما غانما، كما تؤكده بطاقة بخط فيحاء حياتي، وأيضا علمت أن الدار في سبتة يرعاها بلال وخادمتان، ولا خوف عليها، أما طلبتي وأحبائي فمنهم من ماتوا بسبب المجاعة، ومنهم من تفرقت بهم سبل الوجود الشائكة الوعرة.
وطدت العزم علي السفر الي مكة ومجاورة الكعبة الشريفة، حررت لأبي الحسن رسالة بهذا المعني علي أن يجدها عند الشيخ أبي النجا، ثم اقتت وصليت واستلمت للنوم وحين أصبحت، ائتمنت مضيفي علي تك الرسالة واستخبرته عن عنوان قاضي القضاة وموعد انطلاق القوافل الي الحجاز، فاستجاب لي، وأكرمني بعظاته وأدعيته ومن فرط انفعالي لجوده وطيبوبته، مددت له واحدة من صرري، فأبي تناولها بدعوي أني أحوج إليها منه ألححت أن يأخذها، فأقسم ألا يفعل توخيت الحل الوسط فواريتها التراب ورجوته أن يدل الششتري عليها يوم مجيئه، فأومأ بالقبول، ثم قبلته وخرجت.
في مربض دار القضاء تركت بهيمتي وقصدت ديوان من دعاني. استوقفني بعض الأعوان للتعرف علي هويتي، اكتفيت بالرد: 'الذي أرسل سيدكم في طلبه ضد الولي أبي النجا'، فما لبثت حتي وجهوني إلي بهو أمام باب كبير وأمروني بالأنتظار. تخيلت أسئلة القاضي وأعددت لها في ذهني أجوبة دامغة وجيزة، ثم صغت بدوري سؤالات لإلقائها عليه، تهم واقعات الأمة الجسام وشؤؤن الحاضر والمصير. وبعد أنتقل الترقب علي فكرت في مغادرة المكان والذهاب الي حال سبيليء وكنت أفعل لولا أن صوتا خشنا أمرني بالدخول جزت الباب فإذا بي في ديوان فسيح يجلس علي فرشه جمع يتوسطهم رجل ضخم اللحية والجثة، عريض المنكبين والجبهة أشار إلي بخيزرانه أن أقترب وأجلس أمامه، ففعلت مسلما قال:
أنت متهم، ياابن سبعين، بأمور كثيرة، منها أنك تسببت أمس الأمس، ولو عن غير قصد، في موت إنسان وهذا الفقيه الآجل، قطب الدين القسطلاتي، ينبئك بالنازلة وصك التهمة. اسم هذا الفقيه ذي اللقب الطنان ليس غريبا عني. هو والسكوني في تونس وأبو الحملالت في مرسية وغيرهم في سبتة ومدن أخري، كلهم من أهل الدسائس والسعايات، الخائضين خوضا في مياه الدنيا العكرة وزخارفها الواهية الزائلة سمعته يقول:
سمعة هذا الرجل، يامولاي، تسبقه حيث يحل ويرتجل، وهي،والعياذ بالله، في السوء ضاربة، وعلي أوتار الغي والعناد جارية كلامة في وحدة الوجود كفر وتجديف، وقدرته علي إفساد الأغرار وضعفة الإيمان خارقة شيطانية يلبس علي الناس بالسحر والسيمياء، ويخدعهم بالأقاويل المتطاولة والبدع الضالة المضلة له، علي سبيل المثال لا الحصر، لغو في التجريد، يقود متبعيه الي التزهد المتشدد والعصيان السليط وخلع حقوق أولي الأمر وأولياء الدين، بل إلي الحمق المبرح والسلوك الجانح الخطير، وهذا ما أتاه أمس الأمس طالب صعيدي فقير إذ تذكر لأهله وحرفته، وتجني علي بنت بريئة يفسخ عقد خطوبتها، والادهي من كل هذا أنه ذات ليلة ظلماء أخذ من غرفته في سطح عال يرمي بكل حوائجه وماعونه ، فما كان من أجسام صلبة إلا أن أصابت رأس مؤمن عائد من صلاة العشاء، فأردته قتيلا وحين أحضر صاحب الشرطة الجاني وسأله عن سبب فعلته قال بالحرف، وهو عار إلا من مئزر: 'أردت التجريد فرميت، ثم ادعي أنه في الرمي مسير ولا مخير، واستشهد بالاية 'ومارميت إذ رميت ولكن الله رمي'، تعالي الرب عن ذلك علوا كبيرا، ولما سئل عن داعيه الي التجريد ومحرضه عليه، نطق باسم الماثل أمامنا، عبد الحق ابن سبعين المغربي وقيل الأندلسي. تململ القاضي في قعدته وحاشيته معه تملموا، وحدجني بنظرة فاحصة مستفزة، قال:
مازدك، ياهذا، علي ما أنت متابع به؟
بماذا أجيب عن هراء فج خبيث؟ توخيت الايجاز الشديد فقلت: أربأ بنفسي، أيها القاضي، عن الرد علي كلام السخف، وأنزهها عن مجادلة لامعني لها ولاطعم وإني لأعوذ بالله العلي العاصم من فقهاء السوء والافك المقيت. ارتعدت فرائض القسطلاني وأبدي امتعاضا ونفورا، ثم أتي صوت القاضي ملعلعا:
ـ¬ لك الخيار، ياهذا، إما تقضي سنوات سجنا نافذا، وإما ترحل عن أرض الكنانة حالا..
أجبته مقاطعا:
ـ فرسي ورحلي علي بابك في انتظاري، وهذه الارض الطيبة لن أعاود الدخول إليها آمنا، إلا أن تأمن من شرور الطغاة والظلمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى