عبد المنعم حسن محمود - نهر بارد.. قصة قصيرة

إنها الرابعة عصراً. هكذا تشير عقارب الساعات الذهبية الملتفة حول معاصم الفريق المنظم للحفل بثيابهم الموحدة.. قميص، سروال، حذاء/ أبيض، أزرق، أبيض.
ينظر أفراد الفريق بعيون جاحظة في وجوه بعضهم. البعض فخورون بما تم إنجازه. يلتفون حول دائرة خالية من معداتهم، ويقتسمون ابتسامات الرضا بالتساوي.
الشمس بكامل هيبتها حاضرة، ذات الشمس التي ستشهد بعد قليل، إذا ما سئلت، بأن كل شيء كان مرتباً وأنيقاً وفق الخطة المتفق عليها.. الأسِرّة الفخمة المصنوعة من الخشب في المقدمة.. في كل سرير لحاف إسفنجي مغطى بشرشف لامع اللون.. المساند التي تحتفظ في داخلها بريش النعام، تشتهي في سرها مجموعة من كبار الشخصيات، كي يسندوا عليها أجسادهم الطرية. أمام كل سرير طاولة زجاجية مظللة فوقها قوارير معبأة بمياه معدنية باردة.. ألواح متعددة الأشكال من حلويات شرقية مغلفة بعناية.. خلف الأسِرّة مقاعد وثيرة من جلد صناعي جاهزة لمؤخرات رجال الصف الثاني.. وجوار كل مقعد طاولة خشبية مستوية يحف سطحها إطار سميك يحمي العصائر المعصورة عصراً حلالاً من الانزلاق، بجانب أنواع من التمور الواصلة للتوِّ من المدينة المنورة.
مقاعد بلاستيكية تقبع بزواية منفرجة في الصف الثالث، وطاولة حديدية صغيرة فوقها أكواب تحوي مشروبات بلدية متنوعة، بتنوع القبائل التي تصنعها. تتوالى الصفوف وفق القاعدة التنازلية التي اجترحتها عقول منظمي الحفل. في الصف الرابع مقاعد صدئة بثلاثة أرجل يصلها أنبوب من الشبكة العامة للمياه، ثم تتدرج الصفوف مبتدئة من الحجارة المغلفة بكراتين فارغة إلى علب الحليب المجفف الفارغة سعة ثلاثة آلاف جرام، مروراً بسجادة من السعف المحلي ثم التراب المستوي، وأخيراً صف المجاري التي ترحب عادة بكل قاذورات المدينة.
المسرح أنيق اليوم بحلته الجديدة وبينه وبين الحضور مسافة ثلاثين متر فقط. ستار أبيض محفوف بخطوط حمراء مسدل كخلفية.. سجادة تركية خضراء منبسطة على أرضية الخشبة.. مكبر صوت كقبة صغيرة يتدلى من سقف غير مرئي يبدو أقرب لقبضة طفل مشاغب، لا يرغب في الانتماء هذا العام لواحدة من رياض الأطفال.
عقارب الساعات الذهبية المثبتة منذ الصباح الباكر، في سواعد الفريق المنظم للحفل، تشير إلى ساعة الصفر، وعلى الحفل أن يعلن عن فقرات برامجه.
سيارات يابانية فارهة بلا صوت يفضح حضورها، تقترب من طرف الميدان. رجال المرور فرحون بمهمتهم الجديدة، لدرجة الابتسام. يتقدم أحدهم جهة السيارات بثياب نظيفة ولامعة. صافرة ملونة تم تصميمها في ماليزيا بشكلٍ انسيابي يضعها رجل المرور بين أسنانه، ينفخ عبر فتحتها الخلفية نصف نفخة. موسيقى حالمة تنساب في الفضاء. يشير بيده اليمنى الداخلة في غشاء أبيض ناعم لسائقي السيارات.. تستجيب السيارات بأريحية وتصطف في ترتيب أنيق في طرف الميدان.
يلهث مدير الجامعة بقامته القصيرة المترهلة، بخطوات مرتبكة واسعة، جهة ضيوفه من كبار الشخصيات التي تُشرف بحضورها الآسر هذا الاحتفال ابتهاجاً بتخريج دفعة جديدة من طلاب أشهر كلية علمية في المنطقة، يفتح ذراعيه كمن يريد أن يستشهد من أجل قضية عادلة، ويدخل ضيفه الكبير المحترم مدير الأراضي في حضنه، يرافقه بأدب جم حتى يجلسه في إحدى الأسِرّة الفخمة المواجهة بشكل مباشر لعمق المسرح. يتنازل المدير عن ابتسامته ويهبها مجاناً لمدير الأراضي، ثم يركض مرة أخرى مقترباً من ضيفه الثاني المحترم جداً سيادة الوالي. يضع أصابع ذات أظافر نظيفة ومقلمة بعناية فوق كتفه، ويرجوه أن يشرف هذا السرير الفخم بمؤخرته. يسحب منديلاً ورقياً ويحيط به خاصرة قارورة مياه معدنية، ويزجها بين شفتيه، ليهرول بعدها جهة ضيفه الثالث والأخير، سيادة المعتمد. يضغط بيده ضغطة خفيفة ولينة وموحية على يد المعتمد ويرافقه بنظرات لا تفارق الأرض إلى حيث ينتظره السرير الثالث. يدخل المدير يده في جيب سرواله، ويخرج مفتاحاً، يخنق بإصبعين فقط عنق زجاجة تحوي مشروباً غازياً مثلجاً، ويتمكن من غطاء الزجاجة باستدارة المفتاح. ينزع الغطاء بالمفتاح دون أن يهتز المشروب الغازي ثم يحشر نصف الزجاجة برفق في فم ضيفه الكبير جداً.
مرتادو الصفوف الخلفية يتوافدون بهدوء، ويحتلون أماكنهم بلا ضجيج. الطلاب المحتفى بهم كخريجين من الكلية الشهيرة يقفون خلف كواليس المسرح، يرتدون معاطف سوداء وعلى رؤوسهم قبعات دائرية في انتظار صافرة البداية. يستعير أحد أفراد الفريق المنظم للحفل الصافرة الماليزية، ويبث موسيقى حالمة. يقفز المدير إلى خشبة المسرح، يحمل بين يديه دجاجة تفرفر تزن كيلوجراماً واحداً من اللحم الصافي. وقبل أن يشرع في إلقاء كلمته على الحضور مبتدئاً إياها بتحية كبار ضيوفه من الشخصيات المهمة، التي تجعل من مهمته مهمة صعبة، يرميه مشاغب يقف في مجرى من مجاري المحلية التي تم حفرها مؤخراً استعداداً للخريف، ببيضة نعام كبيرة ومغايرة لحجمها الطبيعي. تنتفض الدجاجة انتفاضة امرأة واحدة، وتحرر نفسها من بين يديه، تجري الدجاجة برجل واحدة وتجلس بتهذيب تام جوار سعادة الوالي كتفاً بكتف. يلتقط المدير بيضة النعام الصادرة من المجرى العام بطريقة ماهرة، يحسده عليها كازياس حارس مرمى برشلونة أو ريال مدريد، فأنا لست متأكداً لأيّ فريق ينتمي هذا العملاق. يصفق الطلاب المحتفى بهم بحماس شديد، لحارسهم العجيب من خلف الكواليس. يقشر المعتمد بأظافره التي استطالت في الحال البيضة، ويرميها من مكانه جهة مدير أراضي الفاتح فمه على آخره وهو جالس في سريره الفخم، ليشرع في تمزيقها بأسنانه بتمهل، ثم يصدر صوتاً عندما يلصق سطح لسانه بتجويف فمه الأعلى، يمد يده، يفتح قارورة مياه معدنية جديدة، ويعيدها فارغة فوق الطاولة، يحمد الله كثيراً على هذه النعمة ويصمت.
يترجل المدير عن الخشبة، وقد قرر في سره في هذه اللحظة التاريخية، أن يترشح لدورة أخرى هذا العام، وفق قانون الانتخابات الجديد.
فاصل غنائي مختار بعناية من الغناء الصاعد المتكسر المتسيد الساحة الفنية. سعادة الوالي يقفز فوق اللحاف ويتمايل طرباً. مديرالأراضي ينزع عن كتفه مائة متر حيازة نجوم، ويرقص بعصبية على أنغام الفنان الصاعد لتوه في نفق الغناء. يتشظى المعتمد بصمت أمام خشبة المسرح، ثم يبكي بتشنج بكاءً حاراً لا دموع فيه، وهو يتذكر الأيام الخوالي، وكيف كان حاله عندما كان خريجاً جديداً، وكيف أن المؤسسات الزراعية التي كانت تحسب على أصابع اليد الواحدة في المركز والهامش.. كانت تتنافس عليه تنافساً حاداً، لا تنازل فيه وتبرم معه العقود منذ أن كان في الصف الأول في الجامعة.
ينتهي الفاصل الغنائي. تتقدم فتاة مثيرة لدرجة التحرش، رسبت في جميع المواد بطريقة تهتز لها الأفئدة من المدير، وتضع بين يديه لوحاً من ثلج.. تختبئ شمس ملتهبة في تجويفه. يحمل سيادته الشمس بإصبع واحد، ويضعها بين فخذي الوالي، ثم يشرع دون أن يستأذن من أحد في نزع ملابسه مبتدئاً من القبعة التي على رأسه، ومنتهياً بآخر قطعة قماش صغيرة ملتصقة بجسده اللدن. يتدحرج عبر الدرجات المؤدية إلى خشبة المسرح، يربط لوح الثلج في طرف الحبل الذي يتدلى منه مكبر الصوت، يقف مستقيماً تحت الثلج، يأخذ حماماً بارداً، يستعيد شمسه المختبئة بين فخذيه ويتدفأ بلهيبها، يرتدي ملابسه على عجل، يدخل إصبعين من أصابعه داخل فمه، يمدُّ لسانه قليلاً للخارج، ويطلقها صيحة داوية يستجيب لها الحضور بتصفيق حار.
الفأر الذي كان يغط في نومٍ عميق في المجرى الخلفي، أيقظه التصفيق الحاد. تذكر القطة التي كان يطاردها قبل أن يداهمه هذا النعاس المفاجئ. مارس رياضة خفيفة ثم تجول تحت الأسِرّة والمقاعد والكراسي والحجارة وعبوات الحليب المجفف الفارغة، بحثاً عن قطته الضائعة. أفسح الفأر أثناء تجواله الطريق لنملة تحمل فوق ظهرها برميل نفط وتتقدم به واثقة من نفسها جهة المسرح. تقترب النملة من الستار الأبيض، تنحني وتضع البرميل فوق السجادة الخضراء، تزيح بفمها غطاءه، تدخل يدها في الفتحة بين القميص واستدارة صدرها، تخرج فرشاة رسم سرقتها في وقت سابق من فنان تشكيلي كبير انتحر مؤخراً. تغمر الفرشاة في لزوجة النفط، وتقف بشكل مستقيم، ترسم على الستار الأبيض ظلها بكل أمانة أدبية.
الشمس ما زالت حاضرة بقوة وكذلك الذباب. توافدَ الطلاب من خلف كواليس المسرح، واصطفوا فوق الخشبة في شكل هندسي مهيب، يحملون شهاداتهم الجامعية في أيديهم كأنها أنابيب بلاستيكية صغيرة، يلتف حول خصرها حزام من الحرير الناعم. يترجل المتحدث باسم الطلاب عن الخشبة، ويركض جهة المدير، يقبِّله قبلة سريعة ثم يمسح بطرف معطفه بقايا بصاق علق في جبهته، ويعود بذات الطريقة إلى الخشبة. يسحب مكبر الصوت إلى أسفل حتى يوازي قامته القصيرة، وقبل أن ينفخ ثلاث نفخات فيه، يمزق المعطف والقميص من الجهة التي تغطي صدره. تظهر لوحة مضيئة استخدمت فيها أشعة الليزر. تتحد أصوات الصفوف من صف المجاري إلى صف الأسِرّة الفخمة، وتقرأ بصوت مرتفع ما كُتب على اللوحة:
[ما حك جلدك مثل ظفرك] الأشجار المنتشرة بعشوائية في ساحات الكلية العلمية، ما إن شاهدت المشهد حتى تركت جذورها خلفها ورحلت. يضحك المعتمد حتى تدمع عينه اليمنى. بائعات الهوى والأساور والإكسسوارات اللائي ينتظرن خارج الحفل البهيج، مللن الانتظار، ولعنَّ في سرهنَّ عقارب الساعات الذهبية، التي تلتف حول معاصم الفريق المنظم للحفل، التي لا تشير إلى أوان انتهاء الحفل، وفق الوقت المتفق عليه.
أول الدفعة وأذكى طالب في الكلية، يستعد الآن لإلقاء كلمته. يعتلي الخشبة، يواجه الحضور الكريم، يصيبه هلع مباغت، وهو يراقب ثوراً يلون بطنه بألوان حمار الوحش، ويعلق في عنقه حزمة علف. يمر الثور أمام كبار الشخصيات في تهذيب مفرط، يلقي عليهم تحية سلام تعظيم، يعتلي الخشبة ويقترب من أول الدفعة، يندفع بتركيز جهة بطنه، يصنع فيها تجويفاً كأنه شبه منحرف، رسمه مهندس محترف بدقة متناهية. يضع الثور حزمة العلف داخل التجويف، ويستأذن بذات التهذيب ويخرج. يضحك أول الدفعة رغم الألم الذي يشعر به بسبب هذا التجويف الجديد، يضغط على العلف بامتنان ثم يقرأ بصوت جهور نصاً شعرياً لخليل حاوي أو لفائز خضور. لست متأكداً. ترميه الصفوف الخلفية بحجارة الاحتجاج، وتؤكد أن الأمر لا يخلو من استعلاء وأنها لا تفهم شيئاً من هذا النص، وعليه أن يقرأ عليهم كل ما كتبه الشاعر سليم بركات، عن حيواناته ابتداءً من الزيز وانتهاءً باليعسوب، مروراً بالطاؤوس والفهد والعصفور، لأن مثل هذه النصوص أكثر وضوحاً ومصادمة من (مَن غيرنا وجيل البطولات) وهلم جراً.
يتثاءب الوالي دون أن يستر فمه الكبير بحجابٍ. يرتبك المدير ويعلن بعد أن استعاد ابتسامته من المعتمد وبريقه من مدير الأراضي عن انتهاء الحفل. يترجل الطلاب في صمت غريب، ويحتلون المساحة الخالية الواقعة بين مقدمة الخشبة والصف الأمامي بأسِرّته الفخمة. ينزع طالب طويل القامة، بهي الطلة حذاءه وجواربه، يخبئ جورب رجله اليسرى في الحذاء. كأن الأرض انشقت فجأة يخرج متشرد أعرج ضئيل الحجم، يخطف الحذاء. تنحني هامات كبار الشخصيات، يقفز فوقها المتشرد ويركض خارج سور الجامعة. يفاجئه متشرد آخر أكبر حجماً، يشبعه ضرباً، ويأخذ منه الحذاء، ويتجه به جهة رفيقته المنتظرة قدومه خلف جبل من النفايات، وعندما تراه وبيده فردة حذاء جديدة تقبله قبله عميقة. يفتح المتشرد الأكبر حجماً يدها ويضع فيها الحذاء. تبتسم له بأسنان صفراء ثم تغافله وتمتص ما تبقى له من رحيق. يتجاهل الطالب الذي فقد حذاءه ما حدث للحذاء، يفتح مقدمة جوربه الآخر بأصابع يده اليسرى بينما يده الأخرى تقبض على شهاداته الجامعية، يمدها جهة أسنانه. الأسنان تمزق الشهادة الجامعية، وتصنع منها قصاصات صغيرة، يجمعها الطالب في يده، يحشو بها تجويف الجورب. زملاؤه الطلاب تعجبهم الفكرة، يلتفون حوله ويمزقون بأيديهم شهاداتهم ويملأون بها التجويف. يتبرع أحدهم ويقوم بمهمة خنق عنق الجورب بحبل سميك.
الكرة أصبحت الآن شبه مستديرة. يقسم الطلاب الثلاثين متراً الفاصلة بين خشبة المسرح ومقدمة الصف الأول من صفوف الحاضرين إلى قسمين. ألف وخمسمائة طالب سوف يلعبون في الجهة الجنوبية، ومثلهم سيلعبون في الجهة الشمالية. الفتاة المثيرة التي رسبت في جميع المواد، تقف بين طالبين وفي يدها قطعة نقد، تتحدث قليلاً معهما ثم ترمي القطعة لأعلى في الهواء، تصطدم القطعة بالأرض وتستقر فوق سطحها، ينحني ثلاثتهم ليروا وجهها غير الملتصق بالأرض. تعلن البنت المثيرة بتمايلها المستفز عن ضربة البداية بآهة واحدة من آهاتها الكثيرة. أرجل الطلاب المحتفى بهم تتقاذف الكرة في كل الاتجاهات. معاطف التخرج تعوق حركتهم. تتأوه البنت بدلال فاضح. يخلع الطلاب المعاطف عن أجسادهم الهزيلة.. أبواق سيارات الشرطة تملأ الفضاء.. لوح الثلج العالق بجوار مكبر الصوت المتدلي من السقف غير المرئي لا يكف عن الانصهار. هكذا هو الثلج كما تنبأ بسلوكه عالم فيزياء فضل أن ينتحر على أن يكون ضيف شرف في هذا الحفل. لعاب الثلج ينساب بسرعة الضوء.. الماء في طريقه لإغراق المكان.
يستبدل الطلاب قوانين لعبتهم.
تتحول المباراة من مباراة في كرة القدم، إلى مباراة في كرة اليد.
الماء يطفو فوق الأسِرّة الفخمة، والمقاعد الوثيرة، والكراسي البلاستيكية والحديدية.
تغرق الحجارة المكسية بالكراتين الفارغة في الماء.
تقذف الأمواج بمعلبات الحليب المجفف سعة ثلاثة آلاف جرام
يخرج مدير الأراضي هاتفه المحمول، ويتحدث بلهجة محتدة، ولكن فيها كثير من التهذيب مع جهة أخرى.
مدير الجامعة يشهر مسدسه، ويطلق عبر فوهته إشارات للنجدة ملونة بكل ألوان الفضاء.
المعتمد يرتل بصوت جميل آية الكرسي، بينما الطلاب مازالوا يضربون الكرة شبه المستديرة بأيديهم.
من قاع الماء تطفو سفينة صينية الصنع فوق السطح..
تطلق بوقها الأخير معلنة عن أوان المغادرة..
سكان الصف الأول يتركون أسِرّتهم الفخمة ويقفزون حفاة فوق سطح السفينة..
الطالب طويل القامة، والبهي الطلة، وصاحب فكرة الكرة شبه المستديرة، يضرب الكرة بيده اليمنى بقوة خارقة. تتجه الكرة صوب السفينة التي أبحرت حالما استقر سكان الصف الأول. تصطدم الكرة بالمقصورة، تكسر زجاجها وترتطم برأس ربان السفينة، تشق جمجته إلى شقين.. يسقط الربان، يصرخ ولا أحد يستجيب. الدم حار ينثال يتسرب داخل بوصلة السفينة.. تفقد البوصلة بوصلتها.. تتداخل الاتجاهات في بعضها وتتشابك. الشمس تعلن عن غيابها.. يحل الظلام.. سكان السفينة يتخبطون ويفكرون بصوت هائج علّ أحدهم يعطيهم فرصة أخيرة للحوار مع هذه الأمواج.


قصص قصيرة سودانية: عبد المنعم حسن محمود

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى