حوار في مقهى بين السماء والبحر مع الشاعر احمد ضياء.. أجراه الشاعر عمار كشيش

في المقهي ثمة بخار يخرج من اواني القهوة المخلوطة بالحليب ،خلال هذا البخار التقيت بالشاعر الشاب احمد ضياء .
في فناجين القهوة الكبيرة قطع ثلج.
فتح الحقيبة واخرج مجموعتيه (مملكة العظام ) الصادرة عن المركز الثقافي للطباعة والنشر في بابل ٢٠١٦ .
و(الحرب دموعها خشنة) الصادرة عن دار الإنتشار العربي في بيروت ٢٠١٧. ووقعهما لي بالماء العالق بقميصه.

* عمّار _ مشاريعك قبل الجندر الشعري؟
- أحمد: حتماً قبل هذا الأمر ثمَّة مشاريع مشتركة مع مجموعة من الأصدقاء والزّملاء أطلقنا عليها (ميليشيّا الثّقافة) وكفحاص للمشهد بعيداً عن كوني شاعراً فيها، أجدُ أنَّ بوابة الشّعر والتّجديد اللامكرور بدأت منها وعلى الجّميع أن يقر بذلك بعيداً عن المراكز الفضافضة المتواجدة، وعلى الجّميع أن يدرك أن الشّعر مشروع لا يمكن حسبه في زمكانيّة معيّنة فهو طليق، لئلّا تصيبه لوثة العظمة فيندثر.
عمّار: متى شعرت بحرارة الكتابة تكوي جسدك.......
احمد: حالما شاهدتُ الجثث، بدأت الأوصال تأن، والمشاريع تنبثق، ريثما عملت حمّالاً كانت شهادتي تنزف، وأصابعي ترتطم على نوافذ اللابتوب خاصّتي، الحرارة الأولى أن تخرج ولا مال معك، العقدة أن تسير ولا تسطيع مساعدة سائل، الألم أن تقترن بالكثير وأنت الفرد، التصدي جاء من أقراش وجودنا البائس، الذّهاب إنتاج لمعانٍ سائرة لكنّها معجونة بالأحلام، البقاء إبتكار، الهروب فوز وموت بالوقت ذاته. ربًّ سائل يقول وما داخل ذلك، أقول له، تنفّس تنفّس تنفّس تنفّس تنفّس تنفّس تنفّس سنبني المواقف بالآلام / بالفجيعة / بالإنسانيّة أيضاً.

ــ الجسد والاصابع؟
أحمد: ثنائيّة بائسة الأصابع والآلة ثنائيّة تحكم الجّميع وتقوّض العالم.

ــ لابد لهذه الحرارة ان تتحول الى ألوان وكلمات
هل تتذكر هذه الساعة
هل ثمة نص اول
أحمد : لا أومن بالتّاريخ لذلك دائماً ما تواجه النّصوص الحرائق بالنّسبة لي، العالم متغيّر وأنا بدوري أتغيّر معه، كلُّ الأفكار السّابقة المقروءة أعتبرها جسراً، دائماً ما أسعى إلى صياغتي الخاصّة بعيداً عن الآخرين، لكون خارج القطيع الكتابي.

* عمار : هل ثمة شيء ما مسرح او قصة منافس للشعر شيء سري او مشاريع مستقبلية ؟ (!)
- أحمد: لم أخرج من جعبتي الكثير من المشاريع، أسعى أن يكون المشهد واضحاً أمامي لا مضبباً لذلك ستكون ثمَّة مفاجأت كثيرة ، فالحرب الثّقافيّة مشروع مجبول بالكثير من المصاعب لكنّه سيكون من الممتع أن تنتج ما يخصّك أنت فقط بعيداً عن العواء الحائل.

* عمّار: لماذا فضلت الفصحى على اللهجة العامية (الحلية) السبب في داخلك ؟ ام شيء متعلق بالعائلة كثقافة من الذي علمك الفصحى الدعاء ، القران الكريم ،الشعر، الجاهلي اعني المكتبة البيتة ؟.
أحمد: إبتدأت الكتابة في اللهجة الشّعبية ثم إنتقلت إلى القصيدة العموديّة ثم الحر وتوصلت أخيراً إلى رشدي المعرفي عبر قصيدة النّثر، حالما جرّبت كافّة الأجناس وجدت صنفان أمّا قصيدة مراهقة وأمّا قصيدة بلوغ فضّلت الثّانية طبعاً. بالتّأكيد قرأت الشّعر الجّاهلي وأغلب الطّروحات المشككة به وقرأت القرآن لأدعم فصاحة لساني وأقوّم الاعوجاجات اللغويّة، في المسرح دائماً ما كان يطالبنا الأساتيذ بأن نقرأ القرآن لنتعلّم النّحو والقراءة لما فيه من مادة تجنح صوب هذا الفعل. المكتبة البتيّة فقيرة جدّاً وحتّى لا أخطأ كنّا نمتلك ألف ليلة وليلة وتزار وبعض من القصص، لم تكن بتلك الهالة، لكنّي الآن أمتلك ما يسرُّ القارئ ولا أحتوي كتاباً لم تطأه ناظريّ / يديَّ ولو قليلاً. أكره الغرور لكن أمارسه مع شخوص لا ينبغي التّعامل معهم إلّا بهذه الطّريقة ليعوا بأنَّ الزّمان تغيّر.
عمّار:كيف تتعامل مع مجتمعنا بذائقته الفقيرة وانت الشاعر الفصيح ربما النخبوي ، طريقتك بالكتابة مميزة وليست متملقة وهم يريدون من الشاعر ان يكون عاميا ارتجاليا لسان حالهم؟.
- أحمد: أتعيش يوميّاً في عملي معه واستطع من خلاله جذب الكثيرين إلى منطقتي الخاصّة، وكنت أقوم بتدريس البعض في السّاعات الأولى من الفجر.

* ــ اذا طلبوا منك قصيدة كيف تعتذر ؟
- أحمد: لا أدري.

* عمّار: ماهو الجندر من الناحية الادبية الشعرية والاختلاف عن قصيدة النثر والنص المفتوح ؟.
- أحمد: الجّندر هو النّوع وهو الجّنس الثّقافي، ويرشح وفق تقسيمات أساسيّة في طيّات الخطاب. ومن النّاحية الأديبة نجد أن مفهوم الفحولة يبدو طاغياً على جميع الأجناس الأدبيّة، فبالإمكان أن نقدّم دراسة عن الذّكورة أو الإنثونة في الشّعر، لكن هل نستطيع أن نخالف ذلك بتقديم دراسة عن الجّنس الثّالث في القصيدة؟. ربَّما نحن نحاول أن مؤكّد مفهوماً اشهاريّاً تدخل فيه الآلة كأحد التّطوّرات الهامة في الحياة الإنتاجيّة للنص، والعمل يجري ضمن طيّات المحيط الكوني لهذه الكائن. علينا الآن أن نقدّم الكائن على جميع الأجناس وعلى جميع الفوارق المتواجدة للآسف الشّديد، وأخذ البعض على عاتقه أن يبلور هذه المنتوج ضمن خصوصيّاته اليوميّة المعاشة، كذا أرمي إلى تخصيب ما بعد الجّندر الشّعري.
الفورقات واضحة بكل تأكيد فدارس النّصوص المذكورة أعلاه والضّليع فيها سيجد بأنَّ الأمر جليّاً أمام كافّة الأصناف المتواجدة. فلكل من المذكورات آنفاً له خصوصيّته ولما بعد الجّندر خصوصيّة أيضاً متعلّقة بكافّة الذّوات السّايبورغيّة والتّكنولوجيّة بشكل عام.

* ـــــ مثال حول مشروعك الشعري الجديد:
\الطبيعة أم تنتحر بزجاج نوافذها .
- عند حصولي على سماعة الأذن بدأت أشعر بالعالم، أتحسسُ الأصوات الخارجة في المرمى، وعند إمتلاكي لجهاز مختلف ساعدني على معرفة الألوان أدركت أن الحياة الآن والقادم أيضاً ستكون متلازمة ومطهية كأبدان النساء على أبداننا.

كل النجوم اللائي عشقتهنَّ
مصدرهنَّ شامَتُكِ المزروعة
في شفتيكِ.

استزرعُ الجمال بين نهديكِ
وارتشفُ الدين من ذلك النهر المتسع.

كلما لثمتُ شيئاً منك
تمطرُ الدنيا الأديان
وتعلق أفئدتها على رازونة
تلاحمنا الآلي.

تعشعشُ الأنظارُ
ثم تبني مغاليق انفتاحها
في صخور الذواكر .

لستُ عابئاً بالسهول الرسوبية
ذات اللون الفاحم
كونها تخبئ جدائل وقوفها بالظهور .

لأنني نسيتُ كتابة الأرقام
أعلق أوردتي على مرآة عينيكِ لنبدأ العد
1 X 3 = آلة الحنين لغرفتنا
المنكسرة بالنسيان.

لسرعة يدي في الطباعة على كيبورد اللابتوب
أخطأ كثيراً في الحديث مع حبيبتي في الماسنجر
فأكتب (أوي) قائلاً أوكي
آخرها أجابتني
لا تصحح كلامك
أفهمه بأخطائه المعطوبة

* ـــ احد النقاد يقول حين سالته عن بيانك الجندر الشعري :
- لا معنى له مجرد سفسطة فارغة لقد قرأته من قبل وفيما يتعلق بقصيدة النثر هناك التباس واضح لديه بشأنها فهو يتخذها مفهوما مع انها مجرد شكل وما يدعو اليه قائم على مرجعيات غير موفقة فهو يأخذ من محمود أمين العالم والذي من غير الممكن ان نضعه في اي دائرة مفاهيمية انتجتها العقلية التي تسير العالم اليوم فهو مجرد متمثل لهذه المفاهيم وليس صانعا لها لان العقلية العربية -كمتبنبات ومفاهيم- لازالت متأخرة لانها تعاني من انفصام حاد ضائعة بين ثقافة ما قبل حداثية تقليدية لازالت تسيرها مفاهيم ما قبل الصناعة وثقافة اخترقتها وسيطرت على ابنائها من الشباب الذين اندمجوا بمفاهيمها رغما عنهم وبدون حتى ان يشعروا بهذا التلبس.. لو قدم ما يقصده بكلمتين واضحتين بدل هذا اللف والدوران لكان اجدى وربما وجد من يناقشه ولكن هذا التلاعب الشعري باللغة غادره العالم منذ زمن.. ثم عن أي ثنائيات يتكلم لقد حطمتها التفكيكية منذ زمن وشككت بها.. العالم يميل للتعدد (plurality) والتشظي ليس هناك مركز والعالم لا يسيره قطبان.. اسف جدا ان كنت قاسيا بعض الشيء.

* - ما ردك صديقي الشاعر الفذ؟
- أحمد: لا أعتقد بأنَّ ردّي مهمّاً ازاء رجل يحاول أن يقنع نفسه بفصل الفلسفة عن الشّعر، أنطلق من معمورتي الفلسفيّة وأهيكل المحتويات البيئيّة داخل سيستمها الإشهاري، ثم دائماً ما أحاول أن أفرش كل السّبل الإنتاجيّة لتكون ضمن سلسلة تواصليّة داخل خانة الشّعر، بالتّالي، يؤسفني جدّاً ما قرأت، لأنَّه بصحيح العبارة لم يستطع أن يكشف مغاليق ومفاتيح البيان لم يفكك البنى ولم يحاول أن يستدعي أيّان من طروحات بعد ما بعد الحداثة ليعمل ضمن نطاقها، لا ضير القادم سيكون لما بعد الجّندر الشّعري، حتّى وإن اختلاف الآخرون على التّسميّة.

* عمّار: قصيدة قصيرة تجدها مناسبة في هذا الحوار تتماهى ومشروعك الحداثوي ؟.
- أحمد:
ليست محسوبةً الأيام التي لم أرَ صورتكِ فيها
أقلبُّ وجعي
أفحص جغرافية جَسد الحاسوبِ
هاااااااااااااااااااااا
الآن أرآكِ
دخلتُ عوالم شعركِ ، أبصُركِ تنطقين العقبات الفاصلة للقيانا
يندلقُ الكونُ من ابتسامتكِ الزهرية
والتحولات ذات الثلج المتأكسد في التسارعِ
وحاجباكِ حيثُ أَعِتُّ بسوادِهما
شرفاتِ شحوبي الغريق
الاحتياط وأجبٌ هذه المرّةَ
أن كيف أدخلُ إليّكِ عبر الـ Inbox
وما الذريعةُ التي تتفجّرُ
بروقها في متاهات أناشيدكِ الطّاعنة
بالنذورِ
وأن كيف أتخيّلُ حجارة قلبي الصّامت ، المحافظ ، اللاهث ، الفردوسيَّ ، الناطَّ من أضاحي ملونةٍ تتسامرُ مع بؤبؤ عينكِ ذات الكُحلة المأخوذة من دمي،
أفزعُ حين أجدً نفسي
رغيبةٌ لتحنِثَ عَهدِ النطقي
المفخورة ببعض التافهين.
اجرى الحوار عمّار كشيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى