زوليخا موساوي الأخضري - كذبة جبال الريف البيضاء

خالي رجل أحمق. ولد بالضمة على الواو و لم يلد. لا زوجة و لا أبناء.
انتهت منذ عقود الحرب الأهلية الإسبانية التي شارك فيها . عاش من عاش.. مات من مات و خالي لا يزال يسكن حروبه.
هه؟ ماذا قلت؟
................
خالي لم يلتق أبدا بعبد الكريم الخطابي. ماذا كان سيفعل عبد الكريم لو التقى به؟ هل يأمر أحد الثوار بإعدامه أم يربّت على كتفه .. يهز رأسه بأسى.. أنظروا إلى ما أوصلنا إليه الجوع و الجهل.. يقتل الأخ أخاه من أجل لقمة خبز.
يا جبال الريف علاش تكذبي و تقولي لي.. أنت فرحانة...
ليلالاي لايلاي... ليلالاي لايلا...
أحاول أن أتبع الصوت الشجي لسعيدة فكري.. أدندن بكلمات الأغنية.. أخرج عن السلّم الموسيقي..
خالي لم يبحث فقط عن الخبز بل أيضا عن الكمية اليومية من مخدر الكيف.. جرعة ضرورية كي يهضمّ خيباته.
راهنت على الفرس الخاسر.. ذهبت سنوات العمر هباء! كان يصرخ حين يشتدّ عليه الوجع.
هل أقول له: يا خالي لقد بعت نفسك من أجل ملاليم؟ ألا يعرف ذلك؟ أعرف أنه يعرف. لماذا يجلس ساعات يحدق في الفراغ؟
أتجاهل نظراته. لا أجيب على سؤاله.
أسقط في يد الجيش الإسباني. كيف لهذه الشرذمة من بدو فقراء.. شبه عراة أن يهزموا جيش أقوى دولة استعمارية؟
جثث..جثث..جثث.. في البيوت.. في الساحات.. على الطرقات.. و أخرى في طريقها إلى.. الموت..
الأسلحة الكيماوية! هيّا! علينا بهم.. جهزوا الطائرات..
يا جبال الريف علاش تكذبي .. و تقولي لي أنت فرحانة..
ليلالالاي..لايلاي..ليلالالاي..لايلاي..
ينتزع الكتاب من بين يديّ يمدّني بورقة و قلم. يرمقني بنظرة ملؤها الغضب:
- لماذا لا تريدين كتابة هذه الرسالة اللعينة من أجلي؟
أحاول أن أغالب موجة الضحك التي تصطخب في داخلي.
- لكن يا خالي لمن سأكتب هذه الرسالة؟
- قلت لك مرارا: إلى فرانكو. ألم أعمل لسنوات جنديا في جيشه؟ إذا عليه أن يدفع لي تعويضا!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى