فؤاد حجازى - طلب عاجل.. قصة

تلفت حوله في حذر.. وقد راعته مهابة المبنى . تتصدر واجهته أعمدة حجرية ضخمة، متوجة بزهور لوتس، أضفت رقة ونعومة على الحجر . وقبل أن يخطو، لمح عربة أجرة تقف أمام الباب العريض، مؤطر بثمانية مفتوحة الساقين على اتساع الباب، وتمس قمتها بداية الدور الثاني، المنساب في زرقة سماء، تسبح فيها على مهل رقائق بيضاء، تشف حيناً، وتتكاثف حيناً
انزوي خلف شجرة من الأشجار المتناثرة حول المبنى، بينها حشائش يانعة الاخضرار، خففت من جهامة جذوعها العتيقة المشققة اللحاء .
دُهش حين رأى المرأة التي تغادر العربة، وتساءل .. ما الذي أتى بانشراح إلى هنا .. ؟! أم تراها امرأة تشبهها ..؟!
عاود النظر في الوقت الذي أولته فيه ظهرها، ترتقي درجات السلم العريضة المؤدية إلى الباب . لا .. لا يمكن أن تكون " انشراح" .. فهو لم يرها إلا مبتسمة، أو مداعبة للأطفال الذين يحملون لها البازلاء والفول الحراتي، لتفصيصهما، والقلقاس لتقشيره، والكرنب لسلقه وإعداده للحشو .
وقفت عند كشك على يمين الباب، ومال رأسها إلى جنب، فتأرجح قرط معدني، تأكسدت حواف هلاله، وزخرفة في وسطه ببني داكن. تأكدت له هويتها فكثيراً ما رآها ملوحة به متباهية وهي تتبادل عبارات المجاملة مع الأمهات العائدات من أعمالهن، لأخذ ما جهزته. وحين شكرها ذات مرة لتعبها في إعداد كرنبة، طلبت العفو .. فلا تعب هناك، وصرحت له ضاحكة، أنها اشترت ماشة رص حجر الشيشة، واستخدمتها في التقاط أوراق الكرنب من الماء المغلي، وقد أدى غرض ملقط الهوانم الذي تراه في برامج الطبخ في التليفزيون .
هل ينصرف، حتى لا تراه هذه الأرملة التي لا تُبل في فمها فولة، فتهتز صورته الحازمة في بيته أمام زوجته وأولاده، وأمام مرءوسيه في مصنع الملابس الجاهزة، وربما تعرض للسخرية بتقَّول الناس عليه، أنه لم يكتف بما يصادفه في الدنيا حوله، ولجأ إلى "المبكاه" ليبكي مثل النساء. أم يهمل ما قد يقال، ويصغي لنصيحة طبيبه بضرورة دخول هذه الدار، حتى لا تتفاقم حالته، وقد جرب أدوية كثيرة دون فائدة. وحذره من التقاعس، فقد تعصاه أعضاء جسده، ويصاب بشلل نصفي في الوجه، أو تيبس في القدمين يتعذر معه المشي .
خطا نحو الكشك، يدفعه فضول لمعرفة سبب حضور انشراح، وينحى بصعوبة هواجسه، فلم يسبق لأحد أن أخبر عما لاقاه في "المبكاه" وثمة شائعة متداولة أن الداخل مفقود .
ناول المستخدم تقرير طبيبه، شمله بنظرة سريعة وقال :
- قدمه في حجرة الأمناء .
وجذب استمارة من ملف أمامه، ليملأ بياناتها، وتطلع إليه، فقال :
- عطوان الزهيري
- السن .
- 54 عاماً .
- هل سبق دخول "المبكاه" .. ؟
- لا
- انفلات أم تحجر .. ؟
- تحجر .
- الأمناء ثالث حجرة على يمينك .
وجد في الحجرة عدة مكاتب، يجلس إليها الأمناء، فوقف حائراً. أشار له أحدهم، فلحظ أن مكتبه أعرض، وأوحى وقاره أنه كبيرهم .
ناوله ما بيده، كرمش التقرير وألقاه في سلة المهملات. وإزاء نظرة عدم الفهم، قال كبير الأمناء في ضيق :
- لسنا جهة علاجية، إننا نساعد الناس على استعادة مقدرتهم على البكاء العادي .
وضغط زراً خلفه على الحائط، فحضر ساع ناوله الاستمارة وقال :
- المشرف المناوب .
سارا في البهو، حتى وصلا إلى حجرة، مكتوب على لافتة نحاسية معلقة على بابها "المشرفون"
وبها عدد من العاملين، وضع الساعي الاستمارة على مكتب أحدهم وانصرف .
قرأ عطوان على واجهة مقلمة على مكتبه "نظمي البيلي"
قرأ المدعو نظمي الاستمارة، واستكمل بعض البيانات عن عمله وتاريخ الحالة وطبيعتها، فأفاده أن رغبة في البكاء تلح عليه ، لكنه غير مستطيع .
- تستريح قليلاً أم نبدأ الآن .. ؟
ولما كان عطوان في شوق للخلاص، قال :
- الآن
نظر نظمي في ساعته وقال :
- خير البر عاجله.. حانت نوبتي على أية حال .
مشيا في البهو، لا تكاد قامة عطوان تحف بكتفه، واكتنفه خجل من بدلته، التي ظنها فخمة، فإذا هي لا شيء بالقياس إلى بدلة المشرف، رمادية اللون، صوفها انجليزي كما بدا له، بها أقلام بيضاء تفرق بينها مسافة إصبع .
توقف أمام حجرة في أول البهو على اليسار، نصف بابها العلوي زجاجي غامق، وطلب من عطوان النظر .
لم يكد يفعل حتى ارتد مضطرباً .
ابتسم نظمي، ووشت عيناه الخضراوان بعدم مبالاته، وقال:
- زجاج فيميه مركب بحيث تراها وهي لا تراك .
استرد عطوان أنفاسه، وقد اطمأن لعدم رؤية انشراح له، ولحظ انحناءة في ظهر نظمي، وهو يمد يده ليحرك زراً في سماعة مستديرة أعلى الباب، وسمع انشراح تبكي وتقول:
- فصصت فدادين، وقشرت فدادين.. وبنتي الكبيرة أخذت دبلوم تجارة، رفضت المحال التجارية تشغيلها، لأنها لا تعرف كتابة اسمها، ومنعت ابنتي الثانية عن المدرسة.
وأجهشت في البكاء، فاختلط دمعها بكحل حول عينيها، ولطخ في تعرج وجنتيها في لون ورِقة قشر البطاطس .
وكررت ما قالته، وعاودت البكاء، وهي تهز رأسها، فيهتز هلالاه. وانحسر منديل أبيض عن رأسها، فظهر مفرق شعرها المكشكش، وتعلق بشعرها الملموم خلف رأسها كشوشة كوز ذرة صغير .
أشار نظمي لمجموعة من النزلاء، كانت في انتظاره، فتقدمت إلى الحجرة، تنحى عطوان جانباً، وقد تسللت إليه شفقة، وهو يرى جسمها بسيطاً في جلباب من كستور منقوش، بعد أن خلعت معطفاً من قماش خفيف أزرق متراخي النسيج لا يفارقها، وعاتب نفسه لظنه أن فشتها عائمة .
سأله نظمي:
- ها ..
هز رأسه نفياً
- ولا بادرة رغبة في البكاء .. ؟
عاود هز رأسه بالنفي . وأراد أن يسأله عن سبب وجودها في "المبكاه" وهي تستطيع البكاء في الخارج كما تشاء .
أفصحت نظرات نظمي، عن معرفته لما يدور في خلده، لكنه اصطحبه إلى استراحة في وسط البهو، يقدمون فيها مشروبات وشطائر وبسكويت مغلف في أحجام ونكهات مختلفة، جلسا إلى ترابيزة مستديرة وقال نظمي :
- أنت ضيفي اليوم .
وافق عطوان بعد تمنع، وطلب شاياً، أتى به العامل، وبرفقته قهوة لنظمي دون سؤاله. رشف رشفة استطعم فيها مذاق البن المنعش، وقال :
- انشراح تأتي كمتطوعة عدة ساعات في اليوم، ليراها المتحجرون، ربما لانت محاجرهم .
أثنى عليها عطوان في سره، وهو الخائف من معرفة أحد بحضوره، بينما استمر نظمي :
- وهي أيضاً تستفيد، فالبكاء هنا آمن، وسوف نساعدها، لو انفلت عيارها، أما لو حدث ذلك في الخارج فستجبر نفسها على التوقف لممارسة عملها، وقد تصاب بالتحجر.
تعلقت عينا نظمي بساعة كبيرة على الحائط، وقال وهو ينهض:
- انتهت نصف الساعة المقررة .
ذهبا إلى المجموعة، وتملى نظمي في وجوههم ، وسأل :
- لا جديد .. ؟
لم ينتظر إجابتهم، وصحبهم إلى الحجرة التالية.
لم يكد عطوان ينظر حتى ارتد غير مصدق. ربت نظمي على كتفيه وأعاده إلى مكانه، كان الطبيب الذي كتب تقريراً عن حالته يقول :
- المخدرات التي تباع في السوق رخيصة، وتؤثر بشدة على الفص الأمامي للمخ، المسئول عن ترويض الغرائز والسيطرة عليها، شكونا لنقابة الصيادلة، ولوزارة الصحة، وما من مجيب .
وانفجر باكياً .
وبعد انتهاء الوقت المقرر، عاود نظمي سؤاله لهم وهو يتفحص وجوههم، ودن أن ينتظر إجابة قادهم إلى الحجرة التالية.
رأى نظمي عجوزاً أصلع ، وسمعه يصيح في عصبية :
- أوقفوا دوري كرة القدم وجثتي نحست لعجزي عن الاستحمام .
وانفجر باكياً ..
- الدنيا برد . والمياه لاتصل إلى الدور الرابع بالموتور .
وعلا نشيجه، وقال وهو يتفتف :
- جمهور النادي الأهلي الكبير عندما يتسمر أمام التليفزيون، يسمح ضغط الماء يإشعال سخان البوتاجاز ..
وأخذ يبكي ويلطم خديه .
وبعد انتهاء الوقت، سألهم نظمي، وقادهم إلى الحجرة التالية .
نظر عطوان، فتراجع وهو يردد :
- معقول .. ؟!
عاود النظر فتأكد له ما يراه. الشحاذ الذي يفترش الرصيف على ناصية شارعه، معوج الساقين، وجلبابه رث وشعيراته الهشة مهوشة أعلى قورته، ويمد يده اليمنى مفرودة الكف كصحن يتلقى حبات المطر.
رآه عطوان في بدلة لا بأس بها، وقد ابيض وجهه، ونام شعره على رأسه بكريم لمعه .
وكان لا يصدق ما ترويه عنه انشراح. يعطيها الفكة لتمشي حالها ويأخذ الورق الصحيح، ويذهب إلى ميضأة مسجد قريب ويغير ملابسه . وصارت بينهما معرفة، فأخبرها أنه موظف، وله أولاد في الجامعة. يأتي في بعض الأيام ، ويواظب في يومي الإجازة، فبعد صلاة الجمعة، ينعم بأريحية المصلين، وفي يوم السبت تقام السوق الأسبوعية للمدينة، فيجلب الفلاحون الخضروات والسمن والجبن وشقق العيش البيتي المرحرحة والفطير، يجاورهم باعة الملابس المستعملة، والأدوات الكهربية القديمة وهواة تطيير الحمام، يعرضونه في الأقفاص على الشباب .
وكان الرجل يولول ويصيح :
- قرار جائر .. منهم لله .. قطعوا عيشنا.. كلما رآنا مخبر أخذنا للتحري عنا ..
قرار جائر.. حرم الناس من الحسنات ومردودها المجزي .. فالحسنة بعشرة أمثالها.. وحرم الناس من الإحساس بالراحة بعد الإحسان .. قرار ظالم ..
وانخرط في بكاء شديد .
وبعد انتهاء الوقت، كرر نظمي سؤاله ، ودون أن ينتظر رداً كالمعتاد ، قال :
- يكفي ما شهدتموه اليوم .
وقبل أن ينصرفوا، أسرع ساعٍ إلى المشرف نظمي، وناوله ورقة، وقال :
- طلب بكاء عاجل . كبير الأمناء أوصى بتلبية الطلب في الحال .
رد نظمي في ضيق :
- دون ترتيب ..؟!
وما كاد يفرغ من قوله، حتى جاء أحد الأمناء بصحبة سيدة، تركها، وانتحى جانباً بنظمي وقال بصوت خافت
- إنها تريد البكاء لوجه الله .. ويريد سعادة كبير الأمناء الإفادة من حماسها قبل أن يخبو .
جمع نظمي المتحجرين حول السيدة، التي بدت في منتصف العمر، متناسقة الجسم، ولا يدري لماذا ذكرته بانشراح التي تميل إلى الطول مثلها، لكن بطنها بارزة قليلاً . أشار للسيدة، فقالت :
- الطيران .. الطيران ..
وانفجرت باكية .
- اشتريت قطعة أرض، أقمت عليها بيتاً من دورين، الثاني لسكناي، والأول جهزته بمكن سرفلة وعمل العراوي.
وصرخت ودخلت في نوبه بكاء، قالت بعدها :
- الترخيص .. الترخيص ..
غرامة لأنني بنيت في منطقة عشوائية. أفادت ورقة من الحي أن الأرض داخل كردون المدينة .
لم يعترفوا بها، ورقة من وزارة الاسكان أكدت ما جاء في الأولى. اعتمديها من المساحة .
اعتمدتها، ودفعت .. رسوماً ، وإكراميات .. يلزم شهادة من الطيران المدني أن البيت لا يقع في مسار الطيران .. حتى لا تحف به طائرة ..
ورقعت بالصوات .. وصاحت :
- الطيران .. الطيران ..
وقالت إدارة الطيران لا نعطي شهادة لأفراد، وقالت إدارة التراخيص لا نعطي جواباً، فلا مصلحة لنا،ارجعي للطيران..
الطيران .. الطيران ..
وتملكتها نوبه بكاء هستيرية .
- رق عطوان لحالها، فتقدم نحوها . برقت عينا نظمي وأخبره هامساً أن قواعد "المبكاه" تقضي بعدم التدخل .
وحين تأمل وجوه المتجمعين، ورأى بعضهم يبتسمون، وبعضهم يضحك في خفوت، قرر حجز السيدة في عزل المنفلتة دموعهم لسبر غور بكائها .
وعندما رأى بعد قليل عيونهم تنشع بالدمع، غزاه قلق مبهم. فهل هي الدموع التي تعقب الضحك، وتجعلنا نقول : اللهم اجعله خيراً، أم هي دموع حقيقية، وتأكد له ما انتواه من ضرورة حجزها .
صرف نظمي المجموعة ، وذهب إلى حجرة المشرفين بصحبة عطوان والسيدة. دخل ليعد تقريره عن جولة اليوم بينما انتظراه على دكة في جانب من الباب .
استدعى نظمي عطوان، وأخبره بضرورة حجزه، فحالته لا تتحمل وجوده خارج "المبكاه" .
وقبل أن يسأله عن موقفه في العمل، طمأنه ألا يشغل باله، وسيعامل كمن في مهمة رسمية .
- ولو سمحت تليفونك المحمول وبطاقة الرقم القومي .
وضغط زر الجرس، جاء على أثره ساع :
- عزل المتحجرين .
سار معه عطوان وقد غامت عيناه، لا تغادر مخيلته ما رآه . سأل الساعي عن أوضاعهم، فلم ينبس بكلمة .
مد يده في جيب بنطلونه، وعزل ورقة مالية جانباً، وفركها ليتأكد من وحدانيتها. لقمها يد الساعي، فقال بجفاء:
- ماذا تريد أن تعرف .. ؟!
- الشحاذ .. ؟
- محجوز .. فكلامه عن المردود خطر .. وقد يؤدي –كما سمعت من أحد الأمناء– إلى فتنة طائفية فنحن لا نعرف مردود الحسنة في الديانات الأخرى .
- و الطبيب .. ؟
- معه تصريح بالحضور يومين في الأسبوع .
- والعجوز .. ؟
- محجوز حتى عودة الدوي .
وتلعثم عطوان وهو يبحث عن كلمات يستفسر بها عن موعد الإفراج عن المتحجرين .
لزم الساعي الصمت، فلقمته يد عطوان ورقة أخرى ، قال :
- فرجه قريب .
- ماذا تقصد .. ؟!
- أحدهم رأيته يبكي وقد انفرد بنفسه في نهاية إحدى الجولات، وأبلغت المشرف، فسارع وتفحص وجهه، وسأله بضع أسئلة. وكنت أقف في انتظار أية إشارة، لكن المشرف اقترب مني، وشوح بيده وهو يهمس: دموع للتحايل على الخروج .
وصلا إلى حجرة كبيرة في الدور الثاني، وسلمه الساعي للقائم عليها، وغادره وهو يقول أنه في خدمته لو احتاج لأي شئ .
رأى بالحجرة أسرة على الجانبين.. هذا مستلق.. وذاك يقرأ .. وبعضهم يلعب الورق أو الشطرنج في صمت .
ألحت على عطوان رغبة في البكاء، فسأل القائم عن حجرة خاصة ، فلم يرد .
عندئذ لقمه بالمعلوم . قال :
- سأعطيك حجرة اليوم استثناءً .. وفي الغد، تكتب طلباً وتضع مبلغاً في الأمانات، لتسديد إيجارها .
وقاده إلى حجرة مجاورة، فتح بابها الخشبي الرصاصي اللون، ولم يكد يدخلها ويغلق الباب حتى سمع نقرات عليه، والقائم يفتحه ويقول :
- معذرة .. نسيت أن أبلغك ببرنامج الغد ، في الصباح جولة على المنفلتة دموعهم .
- الذين رأيناهم اليوم .. ؟
- لا .. نوعية مختلفة . وبعد الظهر ، سيشاهدكم المنفلتون .
- كل منا في حجرة .
- لا .. فالمشكل أن أياً منكم لا يبوح بقصته.. ستوضعون في حجرة واحدة .
وأعقب شده للباب خلفه، سكون مطبق . سكون مشبع برطوبة الحيطان وبلاط الأرضية، سكون له ملمس معدني كشباكي سريره والكرسي والترابيزة. سكون تسرب إلى مسامه يكاد يرعش أطرافه . جلس على حافة السرير ومد يده إلى جيبه ليأخذ تليفونه، وسرعان ما أخرجها كاسف البال . أمسك رأسه بين يديه فإذا بتنميل، انتفضت منه أعداد كبيرة من النمل عندما حركها .
استلقى سانداً رأسه على حديد الشباك .
وانسابت دموعه ..


فؤاد حجازي
من أواخر أعمال فؤاد حجازى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى