عبدالحسن الشذر - اللافتـــة.. شعر

يرتدي معطفاً ويغادر ، ملتفتاً ، منزلاً معتماً في المدينة ،
مبتعداً في الممرات يمضي ،
وفي شارع جانبي خطى تتسارع لاهثة خلف خطوته ،
وهو متجه في الممرات للساحة ،
اعترضته على كتف المدني ،
المرابط في طرف الشارع النجمة المعدنية ،
أطفأها بانعاطفته لليسار وخطوته الثابتة .

أشعل المدني المرابط مصباحه اليدوي ،
اقتفى خطوه ... ثم ضيعها ... وهو مر على منزل ،
قال شيئا لشباكه واختفى ،
إنه الآن يصغي لوقع الخطى تتجمع
ــ آتية للشوارع ــ
في الساحة الدائرية ،
يتحسس من تحت معطفه اللافتة .

تحتها يحفر الدهر في الصخر مجراه ،
يجري عميقاً ،
ويجرف في سيله الواقفين على جرفه ،
تحتها اقتلع السائرون من الشارع الجير أسلحة بالأظافر ،
تخفق عالية في الشوارع ، مثقوبة أو ممزقة في المخافر ،
نمضي بها والرصاص يباغتنا واطئاً ، والهراوات تمتد ،
والكاميرات الخبيئة تفتح أحداقها :
صورة ... ، صورة ... ، صورة ... ، صورة ... ،
صورتان لحاملها ... ما تزال الأضابير تحفظ في مخفر صورته .

إنه الآن في منزل معتم في المدينة ،
يصغي لوقع الخطى والحناجر ،
خيط من الدم يمتد مختبئاً تحت معطفه ،
النهر يحفر في الصخر مجراه ... ،
والمدني المرابط في شارع جانبي ،
يهيئ ثانية في مسدسه الكاتم الصوت طلقته الخافتة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى