عنفوان فؤاد - بوادر قيامة الفايسبوك!..

أتساءل إن كان بمقدور مارك الاكتفاء بما وصل إليه من نجاح عالمي فقد سطر اسمه باللون الأزرق وأصبح أيقونة التكنولوجيا والبرمجيات، في كل مرة يطور من ميزات التطبيق الخرافي المسمى فايس بوك.
أقول خرافي واعنيها تماماً فأن يأتي ابن العشرين سنة بضربة عبث يحوز على ملايير من البشر ليصبحوا سجناء بمحض إرادتهم. ينصبون الفخاخ ثم يؤثثونها وبعدها يقيمون فيها ويتم التعشيش والإقامة الجبرية فيها طواعية. فكلما تفطن أحدهم إلى المكيدة الزرقاء وأراد استدراك الوضع وتصحيح مساره الوجودي وجد نفسه في حفرة رملية، تتحرك من تحته وتسحبه أكثر فأكثر.
من منا لم يصب بالهلع النفسي والفكري ليلة أمس!؟
من منا لم يلعن اللحظة التي افتتح فيها حسابا فايسبوكيا وندم على فعلته!؟
من منا لم يضطرب وفجأة ابتدأ يفكر في الحلول البديلة لتعويض الجرعة الفايسبوكية بمخدر تكنولوجي آخر!؟
من منا لم تدمع أفكاره وبدأ يعض على كل أصابعه، ومنشوراته، مدوناته، واقترفاته، معارفه، بصداقاته وعداواته!؟
من منا لم يحك رأسه مراراً أمام عجزه وشلله المباغت!؟
من منا لم يتصبب قلقا، عرقا، ولعنة، وشتائم لمارك وعائلة مارك وكل ماهو ماركي وفايسبوكي!؟
من منا لم ينتكس ويكتئب رغم خفة دمه أو ثقل فكره أو رجاحة عقله، وبدأ يركض في كل اتجاه بالأسئلة والاستفسار المكرر للاطمئنان أن ما أصابه نال من غيره، لا تقلق مجرد فيروس جماعي ورشح تكنولوجي ووباء فايسبوكي، طبعاً فإن عمت خفت يتنهد، يبتلع ريق الفجيعة، ليبتسم بعدها قليلاً، وينتكس فيما بينه وبينه.
في حين هو شارد الذهن يبحث عن بديل كحالة طوارئ للخروج من الأزمة النفسية والإجتماعية والثقافية والسياسية، والإقتصادية ووو...
من منا يستنقص دور الفايس في حياتنا!؟
من منا يقول بالفم المليان؛ فليذهب الفايس وسنين الفايس، وكل من جاء به الفايس إلى الجحيم!؟
من منا يقرر هذا الصباح بشكل حازم، إلغاء حياته ووجوده الفايسبوكي شاهرا اصبعه الوسطى في وجه مارك ووجه العالم البديل!؟
للأسف لا أحد
ولا حتى أنا
فلولا الفايس ما كنت لأكتب هذا الهراء ليمر بعد قليل من أمام وتحت أعينكم ليوافقني بعضكم ، ويدعي بعضكم الآخر بأنه لا فرق لديه سواء بقي الفايس أو اختفى.
نعم أيها السادة لقد نصبنا فخاخنا وأقمنا فيها عن طيب أو سوء خاطر وقد فات الأوان عن الندم أو إعادة الحسابات.
فكثير منا متورط بهذا العالم، متواطئ مع رغبة مارك في البقاء عالقا دون التفكير في العتب أو اللوم أو الصراخ بكلمة كفى! STOP!
دفعت ما يكفي من غرامة جسدية، نفسية، فكرية وعلي كسر هذا القفل الأزرق والمضي في حياة حقيقة.
لكن،
ما هي الحياة الحقيقية!؟
أين نجدها، مع من!؟ حتى وإن فلت وانقذت نفسك بنفسك فلن تجد أحدا بانتظارك، الكل يدير ظهره للعالم الموازي يتصفح الأرقام، الأخبار، الفضائح، الوجوه، الصور، الحيوات المزيفة...
صحيح جئناك بمحض غفلتنا مخيرين وأصبحنا مسيرين، هل هذا ما أردته لنا -منذ البداية- يا مارك؟
أن تثبت خطأ العالم الحقيقي وأنك تستحوذ على ملايير العقول، تأسرها، تأخذ منها بريقها وتفاصيلها، وإن سئمت تخلصت منها بزر حالة طوارئ لا غير!؟
ربما سيتفطن بعضنا ويعيد حساباته، ويطرح السؤال على نفسه ماذا سيكون بعد قيامة الفايس! على أي صراط سيترنح، إلى أي جحيم سيميل ويلقى بنفسه!؟

عنفوان فؤاد / الجزائر
الخميس 14 مارس 2019

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى