شيماء عبد الناصر - مريم.. قصة قصيرة

أوحشتني مريم الصغيرة،تزورني كل فترة في البيت،فتؤنس وحدتي،وتطرز بضع ابتسامات متعبة علي شفتي،ترسم بضحكاتها سنوات خضراء في صحراء قلبي الظمأي،آه منها تلك الشقية،تعشق اللعب،والنظر من البلكونة،وتدمن الشاي،إذا ما جاءت فهي تملأ البيت ضجيجًا،حلوًا،يزرع في أحشائي حنينًا إلي الأطفال أحاول تناسيه قدر الإمكان.
"قالت لي أمي حينما سألتها عن الحب،أن المرأة إذا أحبت رجلا،أرادت أن تزرع وجهه كشجرة صفصاف كبيرة علي كل الوجوه،ولأنها لا تستطيع ذلك،فهي تزرعه في وجه واحد،هو طفلها منه"
أمنيتان كل منهما تأخد بقلبي ما للأخري تمامًا،أن يكون أول مولود لي أنثي،كي أصفف بشعرها أحزاني وأفرش بفستانها أحلامي القديمة،لكني أخشي أن أكرر مأساة أمي،حينما أنجبتني ومن بعدي أختي الوسطي،فقد عايرتها نسوة العائلة بأن"خلفتها بنات"،وأتمناه ذكرًا كي لا تتكرر مأساتي فأنا كبري إخوتي،وكنت المسئولة عنهم،بما فيهم الصبية،كنت أتمني أن أكون أوسطهم،كي أحصل علي التدليل والرعاية ممن يكبرني من الإخوة الأولاد.
وقفت مكتوفة الأيدي أمام نفسي وهي تنهرني وتهز كل كياني في وحدتها،زوجي الذي يسافر كل شهر لزيارة أهله،ويعود مثقلا بنظرات شفقة تعسة تنهش أوردتي،أعرف أنه ربما كان متزوجًا بأخري هناك،حيث والدته التي طالما نهرته علي صبره عليَ،أعرف أنه لا ذنب له أن يتزوج امرأة لا تنجب،أصبر ولا أشكو أبدًا وانتظر برجاء مرور الأيام ربما يجدي علاج الطبيب نفعًا،وأرزق بطفل يعوضني عن كل هذا،لكني تأخذني كل فترة موجة شوق عارمة إلي مريم،وإلي أمي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى