ديمة محمود - قمار في أرض البرتقال

لستُ بخيرٍ أبداً/ ألْضمُ نقطة المسافة بين الخطيئة والهاوية/ أقضم الفراغ الذى وصَلنى بالاتزان/ بل بتمثُّل الاتزان/ لا أبلعُه/ يلتفُّ على حنجرتى/ فَـأشدّه بِصرامة/ أسحبه بِملقط فراغٍ/ «مَسكرةٌ» من خواء وشوك تشده معى.
*
هل كان عليها أن تعيش لِتموت/ هل كان عليها أن تصعد وتهبط لِتهوى/ أم كان عليها أن تلعق المستنقعات لِتصل إلى الحافّة/ هل كان الصديد ضرورةً فى الطريق إلى الحفرة/ هل كان الثديان لازميْن لأفروديت ماداما سَيُقطعان/ وهل كان السرطان حتميّةً لاعتلاء التابوت/أم أن الصفراء تقليعةٌ لِصبغ الكفن.
* 
ترتمى المرأة كَـمومياء عُبث بها على السرير/ أرض البرتقال قاحلةٌ/ والكرز جزّه المشرط/ وعلامات الخياطة تسحقُ المكان/اللون الأخضر تفشّى فى الجسد/ عين ٌواحدة مفتوحةٌ على الكانون/ شفاهٌ بيضاء يسترقُها الشلمون/ معوَلٌ يفسّخ الألم لِشرائحَ خَمِجة تقلى فى الزيت/ حبلٌ رثٌ يتدلّى من سقفٍ يؤرجحها باستهتارٍ/ حُقَن للّاجدوى/ ذراعان مثقبتان بِشراهةٍ لِتتسرّب السياط/ وخراطيم هنا وهناك كَـسكّة عثِرة للنهاية/ وأنكيدو عبثًا يحاول لَى عنق الأشباح. 
*
الرميمُ استحث قيئاً فى السلوك/ فاستعاد فى الآخرين الغابة/ صارت المرأة بؤرةَ عدوى/ وهم صاروا بِمخالب وعيونٍ مجدوعة/ تلاشى الذات فيها أوقد قبحهم بِضراوة/ لا بل إنّ عبث عُزريل بها/ مهّد المنوال لها ولهم. 
*
هل الارتفاعُ ضرورةٌ لِلسقوط/ أم أن السقوطَ حتميّةُ آدمَ وغوايةُ حواء/ هل الحياة ضرورةٌ/ أم أن ضرورةَ الموت مبرّرُ الحياة/ لمَ على الحياة أن تكون مَقلباً ونحن النفايات/ لمَ على الحياة أن تكون شَـرَكاً ونحن فئرانه/ أليس من سبيل إلى بالِيه عابرٍ يمرُّ كَـلمح بصر/ خارجَ الساعة أو فى جَفن التبّانة/ لِـيبـتـدئ وينفطر َكما هو: مجردُ باليه.
*
أُمسكُ المسطرةَ لأصل المسافةَ بين الواقع وعقلى/ تَـتـكّسرُ مسطرتى/ ويركض عقلى فى وحْل الواقع/ يقاوم عبثاً هذا القطران/ مُعامل اللزوجة يُهشمنى/ هل أرفع يدَىّ وأُلوّح بِالراية/ لم أعتدْ / لكنّه فعلها/ الموت البطىء والمؤجّل.
* 
الفرجارُ الذى رسم دائرةَ الحياة/ هو ذاتُه يرسم دائرةَ الرُّفات/ ويصير إزميلاً يحفر القبر/ أَقسّم كعك الموتى/ عروسة المولد/ وأصنف مراتب التُّرَب. 
*
الموت حلَبةُ قمار/ إعلاناتٌ تحت الكوبرى لأسعار المدافن/ حفار القبور الجاثم بين الموتى/ يتكسب من الموت/ الممرضة يلزمُها مال/ المستشفى يشفط مالاً/ الحانوتى يريد مالاً/ وطقس الجنازة يكلف مالاً/ الأشــبــاح ُتعبــثُ ولابياضَ يَلوح فى الأفق/ أريد موتاً رحيماً يحسمُ المقصلة/ لِتكونَ واحدةً لا ثلاثين!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى