يوم زارنا الرئيس – محمد الفاضل

- أتمنى أن أقابل الرئيس ، كان يحدث نفسه بهذه الأمنية ، اسم الرئيس له وقع غريب في نفوس أهالي القرية ، فالجميع يسبح بحمده وينام على سيرته وبطولاته الأسطورية . صور وتماثيل سيادته في كل زاوية في القرية ، كيف لا وهو القائد المفدى صاحب الانتصارات الدونكيشوتية !
قرية وادعة تغفو في أحضان الطبيعة الخضراء ، أشجار سامقة ، مورقة تتمايل مع نسمات الهواء العليل وترقص فرحاً ، أشعة الشمس الذهبية تغازل شفاه الأزهار فتتفتح باسمة . جدول رقراق ، يتهادى بدلال ويغسل جذوع الأشجار الباسقة التي تعانق السماء ، وتهمس لها بسر جمالها وعشقها لخيوط أشعة الشمس ، التي تدغدغ وريقاتها.

انسل إلى الغرفة وحاول أن يأوي إلى الفراش ، ولكن بدأت تتقاذفه الأفكار ، حب الوطن يتغلغل في شرايينه .
- ماذا سوف أقول لسيادته ؟ وكيف يبدو ، ياترى ؟

- هل سيستمع إلى احتياجات الأهالي ؟

غداً اليوم الموعود، في ذلك الصباح كانت الأعين تترقب ، ونبضات القلوب تتسارع ، سعادة الجميع بحجم الوطن... ترقب مشوب بالقلق .

- ربما سأكون أوفرهم حظاً ، وأصافح يده

كان كمن ينتظر حلم حياته . حتى أطفال القرية خرجوا يتقافزون فرحاً بقدوم سيادته ، وهم يرتدون حلة العيد ، نحرت القرابين من الأغنام السمان ، وتعالت زغاريد النسوة . كان البعض ينوء بحمل صور القائد ، والبعض الاَخر يحمل لافتات الترحيب ، التي خطت بعناية .

بدأت الأعناق تشرئب ، والجموع تصدح بهتافات قد حفظوها عن ظهر قلب ،

- بالروح بالدم نفديك يا زعيم ... بالروح بالدم نفديك يا زعيم

موكب مهيب ، سيارات مصفحة فارهة ، تسابق الريح ، رجال مدججون بالسلاح حتى الأسنان ، أخيراً ، تنازل سيادته وفتح زجاج نافذة السيارة ، وبدأ يلوح للجموع المحتشدة ، وكأنه قيصر روما في يوم تتويجه !

انفرجت أسارير مهند عن ابتسامة عريضة وهو يشاهد حلمه على وشك أن يتحقق ، بدأ يسابق الريح ، في محاولة مضنية للوصول إلى الرئيس .

- هل سيتحقق حلمه ، ويصافح يد القائد ، سوف يصبح حديث القرية !

فجأة سمع صوت رصاص ، شق عنان السماء .

الخبر الأول في صفحات الجرائد الحكومية في اليوم التالي كان ،

" إحباط محاولة اغتيال لسيادته ، العناية الإلهية تتدخل ، الكشف عن خلية لها ارتباطات خارجية ، حفظ الله الرئيس ، يسقط العملاء ! "
السويد – 16 / 4 / 2016

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى