كريم جخيور - قصائد..

* الجنوب طين أسمر

حتى لو أخذتك المصائر
الى بغداد
وصرت تتقنين التبغدد
تلفظين الماء. مي
والصوت صوط
وتضاهين البغداديات غنجا. وأناقة
تبقى بوصلة القلب
تشير وهي مطمئنة الى الجنوب
حيث الطين أسمر
كما أراد الله
لكنه لا يصير حجرا
ولا يقرب من قلبه السواد
حانية أنت
مثل أخت كبيرة
وأنا الذي يكبرك
بعشرسنين ونيف
كم يبدو
ليل الشتاء قصيرا
ونحن نتحدث عن الحب
والرجال الذين ينصبون الفخاخ
لاصطياد الفراشات
وعن النساء اللعوبات
وكيف أكون الضحية دائما
وكثيرا ما نستمتع بالشعر
تمتدحين قصائدي
بقلب امرأة
وعقل أكاديمي
فأطير فرحا
وذات ليل
وفي لحظة ازدهار الكأس
قلت أحبك
وبقيت خائفا حتى الصباح
بيد أنك غفرتها لي
ربما قلت شاعر جنوبي
فطارت به خفقة القلب
لم أقلها ثانية
ولكنني كتبتها سرا
في كثير من قصائدي

...................
مهرجان البيان الدولي/ ايران/ المحمرة


******


* وحدي مشغول بك

الغابة مشغولة بأشجارها
وطيورها
البحر مشغول بأمواجه
ومراكبه
السماء مشغولة بزرقتها
وغيومها
الليل مشغول بنجومه
الصباح مشغول بشمسه
الصياد مشغول بطرائده
والأطفال مشغولون بألاعيبهم
العاشقة مشغولة بحبيبها
ولهذا تقضي الليل
بقراءة رسائله
اﻷم مشغولة بعودة ابنها
فهي لا تنقطع عن اﻷدعية
الصوفي منشغل بأوراده
يترقرق وجدا بها
في بلاط الرب
وأنا
انا وحدي مشغول بك


*****


* هذا هو أنت

يخطىء من يخاصمه
إنه الوحيد الذي من أجله
تضحك الذبائح
ونحو نعله المخصوفة
تشرئب الرؤوس
وسيفه الذي من السماء
يفيض
عدلا وسلاما.
هذا هو أنت
هتافك لا يذبل
وأعرافك لا تشيخ
أقباس من طهر
قباب
ولطف شفيع
هذا هو أنت
لا يرقى اليك الطير
لا الجاهلية
ولا الأبهات
هذا هو انت
لا للجمل
باطل بكل ما حمل
لا للرماح قومتها القوافل
وفي صفين علمتها الهزائم
رفع الصاحف رفع الرؤوس
هذا هو أنت
بقامتك تستظل الحروب
ومن ثباتك تنطلق
هذا هو أنت
مقاصد نحو النعيم
ومكارم مصطفاة
على اسمك نتكئ
وبه نستقيم
بلا ثمن كان كيلك
بيد أن الرعاع
لم يملكوا حلما
فاستقاموا جاهلية
فاصطفاك الإله
بيرقا لكل الأزمنة
هذا هو أنت
باحة من جلال
تقوى
وصراط أمين



***


* مسبح روان

بيتنا الإيجار
لم يتكئ على كتف نهر
والمدينة التى كان يتفرع
من قلبها
ألف نهر
جفت
وصار العطش قريبا من قلبها
ولسنا من الذين يأخذون أطفالهم
إلى المسابح
وينصبون خيمة على الساحل
ولأنني عاجز ان اشتري لها مسبحا صغيرا
من البلاستك
وحتى تضحك صباحاتنا
وقلوبنا تنتعش
روان الان تسبح
تسبح
تضحك وتطير



***


* أرسم غابة

لم ألتق بك من قبل
أو أطبع قبلة على خدك
أو على يدك
كما يفعل عادة
العشاق الارستقراطيون
في الحفلات
ولم أمسد شعرك من قبل
فلماذا تشعر يدي بالخدر
كلما تذكرتك
ولهذا أخاف دائما من الخطأ
أرسم شجرة رمان
وأعتني جيدا
برمانتين اثنتين
وأحوطهما بعناية فلاح ماهر
أرسم غابة
ولكن دونما وحوش
وأنا أشير الى شعرك
وحين أرسم شفتيك
أكتب تحتها
جرة عسل
وفي أعلى الصفحة
ألونها بالأزرق وأقصد السماء
بينما أعرف أن عينيك
عسليتان.
لم أقبلك من قبل
فمن أوحى لي
أنك تعرفين فداحة القبل
أفعل كل هذا
لأني أحبك كثيرا
رغم أنك لم تفضي بعد
عقدة لسانك
لتقولي أحبك
ولكني مطمئن الى ما يقوله
قلبك
وأنت تقرأين قصائدي
التي أكتبها لك



****


* المعاصي تجمعنا/مباركة

مبارك أيها القلق
الأسماء الحسنى
مكارم النخيل
مقبرة الانكليز / الورد الجوري
مباركة
المعاصي تجمعنا معا
مباركة
المواقد المترعة بالندى
ومكر الجدات
خرافة السدرة
مباركة
مباركة ساحة أم البروم يرقصها هدير العربات
وتنام على شخير الجنود
الساحات تتزين بو قاحتنا
مباركة
مبارك شارع الوطن كنت لا تنام
إلا على خصر راقصة
أكملت ليلتها بشهيق الصباح.
أيها الشعر
وليدنا الأكثر عافية وتمردا
الأفق المتكئ على مرمى خطواتنا
مبارك
مبارك أيها الفقر
(رجل علي) اثمنتصر في كل زمان
السماء تبلل أحلامنا بنهارات صاخبة
مباركة
مبارك أيها الحنين تطرزك الخزامى
الراقصات على قلب النافذة
فيروز تنشر الصباح على أسرتنا
مباركة
مبارك أيها الحب
ترتلك القصائد والعصافير
فوق سطوح الجيران.
مباركة أيتها الحياة
مباركة بنا



***


* رثاء متأخر جدا

بالثلاثة
أكره الحرب
حتى لو كانت (عادلة)
كما يحاول أن يجملها
مرتكبوها
وليس في نيتي يوما
أن أمتدح نياشينها
ولا أنواطها وسيوفها
فقد ماتت أمي
وكنت في الثكنة
لم أحضر ميتتها السريعة
ولم أحفظ لها آخر صورة
وهي ممددة بجسدها البارد النحيل
رأسها تجاه القبلة
تغطيها عباءتها السوداء
وكنت آخر الباكين على أمي
لم يبق لأمي سوى صورة
باهتة بالأسود والأبيض
ورائحة لا تجف.
مات أبي
وهو بعد لم يبلغ الستين
وكنت في الحرب
الحرب التي لا ناقة لي فيها
ولا شرف
ولأنني عرفت بميتته
بعد. أربعين يوما
صرت أيضا آخر الباكين
لم يشاركني أحد
كان أخي الوحيد في الحرب
وأمي لم تنجب لنا باكية
والناس لا يبكون بصدق
غير موتاهم.
أبي المحارب القديم
والمقامر دوما
كان كثيرا ما يعتني بثيابه
فلا يفارقها العطر
لسانه حلو
والساعة السويسرية لا تفارق
يده
إلا وقت ينام
خوفا عليها من العطل
لم أره يوما يكثر من الهم
ولا الصلاة
ومن آثام الحرب وثالثة الكره لها
أنني لم أزر قبريهما
أو أوقد شمعة
ولم أبلل رأسيهما بالماء
أبي
أمي
لم تورثاني سوى الفقر
فقبلت شاكرا
ولكن أرجوكما
لا تورثاني ميتتكما السريعة
فعندي قصائد لم أكتبها
وامرأة لم أقبلها بعد


****


* في الصباح

لم تخرج الشمس،بعد،
من مخدعها
اقتطع من النهار
فسحة ركعتين
ولا أطيل
فأنا عاهدتك
أن لا أشرك معك أحدا
وان النهار
كسيده الليل
قائم لك أيضا
وكعادتي في الصباحات
اتخذ من فيروز
مدخلا للنهار
وحتى أطمئن
أنك توردت كثيرا
في حلم البارحة
فكان شهيقك
يتصاعد بالقبلات
وحتى لا يبرد عسل القبل
أفتح نافذتي الإلكترونية
واترك على صفحتك
قبلة
كم تمنيت لو أنها كانت
شفاها تتعانق


***

* المعتمد بن عباد

منذ ألف مضت
ونيف
وأنا كلما نظرت
إلى ضريحك
يعج بالسياح الأجانب
والقليل من العرب
فهم منشغلون بأسعار الطماطم
وارتفاع مهر الزيجات
أشتم يوسف بن تاشفين
وأقول ما هكذا يموت الملوك
الملوك العشاق
ثم أتذكر لك يومين
في الدنيا
يوم الزلاقة
حيث كنت الأمير الشجاع
ترد الطعن بالطعن
ويوم الطين
وكنت العاشق النبيل
حيث حققت لزوجتك الروميكية
ما تحلم به عاشقة
لا تحب أن تموت
لكنها ماتت قريبة منك
بعيدا عن التاجه
وتركتك
وحيدا تموت
بلا تابوت




كريم جخيور


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى